للتذكير و حتى لا ننسى التاريخ…
انطلاقا من أدوارنا كفاعلين في المجتمع المدني مهتمين بتدبير الشأن العام و تتبع و تقييم مختلف السياسات العمومية ترابيا كما كرسهم دستور 2011 و في إطار العصف الذهني للذاكرة الجماعية بدكالة و من خلاله تذكير المؤسسات المعنية بترسيخ الحكامة و محاربة الفساد و تبذير المال العام بما فيها مهام المجلس الأعلى للحسابات ارتأيت أن أفتح النقاش حول موضوع أعتبره بالغ الأهمية و خصوصا بعد مرور أكثر 10 سنوات ما بين التوقيع و إنجاز عقد البرنامج الخاص بالمواكبة المالية لمخطط المغرب الأخضر الذي استهدف إقليم سيدي بنور , و سوف لن أتطرق الى ما عرفه المخطط في شموليته على المستوى الوطني و الإخفاق الكبير الذي عرفه وهل فشل مخطط المغرب الأخضر وما هي أفق نجاح الإستراتيجية الجديدة؟ .
و باعتبار أن عدة فاعلين في المجال الفلاحي و مؤسسات متنوعة أجمعت بأن المخطط فشل في تحقيق الأمن الغذائي لتهميشه حاجات السوق الداخلية، وتركيزه على التصدير وتقليص الزراعات المعيشية، في حين يتهمه آخرون باستنزاف الموارد المائية لتشجيعه زراعات مستنزفة للمياه مثل الأفوكادو والبطيخ وغيرهما، في وقت تعاني فيه البلاد من ندرة المياه في ظل التغيرات المناخية.
أولا لابد من التذكير أنه في أخر أكتوبر 2008 بجماعة بني هلال إقليم سيدي بنور . ترأس جلالة الملك حفل توقيع عقد برنامج خاص بالمواكبة المالية لمخطط المغرب الأخضر بقيمة 20 مليار درهم للفترة الممتدة من 2009 إلى 2013و كان يقضي العقد بتعبئة استثمارات بقيمة 20 مليار درهم من طرف مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب، ابتداء من فاتح يناير 2009،تم تخصيص للقطاع الفلاحي وقطاع الصناعات الغذائية، منها 14 مليار درهم، توجه لتمويل الحاجيات في مجال الاستثمار بالنسبة للفلاحين، وفق المقاربة البنكية الكلاسيكية، و5 ملايير درهم تجري تعبئتها من طرف شركة تمويل التنمية الفلاحية، التابعة للقرض الفلاحي، لتمكين صغار الفلاحين من الاستفادة من القروض، ومليار درهم توفرها مؤسسة “أرضي” للقروض الصغرى والمتوسطة كما أن هده الاتفاقية وقعها كل من عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري (سابقا)، وصلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وطارق السجلماسي، رئيس مجلس إدارة القرض الفلاحي للمغرب(سابقا)..
و للأمانة الفكرية لابد من التذكير أنه تم تقديم هدا المخطط كونه يتمحور حول ستة أفكار قوية، تنطلق الأولى من كون الفلاحة يجب أن تكون أحد محركات تنمية الاقتصاد الوطني، على مدى الخمس عشرة سنة المقبلة، عن طريق إحداث تأثير قوي على معدل نمو الناتج الداخلي الخام، وخلق فرص العمل، وإنعاش التصدير ومحاربة الفقر .
و لكن مع الأسف سيتضح بالملموس أن كل أهدافه لم تصل الى غايتها حيث أصبح مثلا سببا مباشرا في تقليص فرص الشغل كما سيتحول إلى صندوق هائل لمنح و توزيع الإعانات بأشكال مختلفة على كبار الفلاحين في ما سمي بالتجميع هده الفئة التي يتم الإغداق عليها بالتسهيلات و الإعانات للاستمرار في الإنتاج و الاستثمار, هدا بدون الغوص لما آلت إليه المنتجات الفلاحية حاليا من أثمان غير مسبوقة كل يوم تضرب القدرة الشرائية للمواطنين.
و في يناير 2012 بجماعة المشرك سيطلع جلالة الملك على عدد من مشاريع التنمية الفلاحية بجهة دكالة -عبدة والتي تطلبت تعبئة استثمارات مالية بقيمة تناهز 5،4 م.د وكذلك على تقدم إنجاز برنامج اقتصاد ماء السقي بالدائرة السقوية لدكالة الذي رصد له مبلغ 5.3 م.د وكذلك على برنامج تنمية سلسلة التين بالجهة بكلفة 42 مليون درهم بالإضافة إلى برنامج تنمية المنتجات المجالية (العسل والكمون) بجهة دكالة –عبدة بقيمة 16،28 مليون درهم.
كانت كلها برامج واعدة لقت استحسانا كبيرا من طرف مختلف الفاعلين في المجال و لكن و بعد مرور 10 سنوات من انتهاء عقد البرنامج يجب على كل المهتمين و المتتبعين و المؤسسات المكلفة بترسيخ الحكامة و بالمساءلة و المحاسبة حول أوجه صرف المال العالم فإلى أي حد هده البرامج حققت أهدافها و ما هو أثرها على أرض الواقع وكم هي فرص الشغل التي تم خلقها بالإضافة ماهي نسبة مساهمة هده البرامج في التنمية المحلية و المجالية و إلى أي حد عاملي إقليم سيدي بنور(السابق و الحالي) و مختلف مسؤولي المديرية الجهوية للفلاحة و معهم المنتخبين و البرلمانيين و كبار الفلاحين هم راضون على ما تم تحقيقه من عدمه .و هل تم تحقيق الاستدامة في الإنتاج الفلاحي كما كان معول عليه أم واقع الحال يؤكد عكس دلك فهناك من المحظوظين و خصوصا بعض المنتخبين المحسوبين على فئة الفلاحين ازدادوا غنى و توسعت ثروتهم و فئة عريضة من الفلاحين لازالت تئن تحت عتبة الفقر.
و لابد في الأخير الإشارة إلى حدث مهم عرفته سنة 2012 أثناء تقديم عدد من المشاريع الفلاحية أمام أنظار الملك محمد السادس حيث ستحظى إحدى الضيعات التي اعتبرت في دلك الوقت بالنمودجية التي هي في ملكية عبد السلام بلقشور رئيس جماعة الزمامرة و مستشار برلماني عن حزب الأصالة و المعاصرة أنداك ، واعتبرها البعض بالضيعة الرائدة في مجال تحديث وعصرنة أنظمة الري، واقتصاد استعمال المياه، وتحسين مردودية إنتاج الشمندر السكري، والحبوب والدرة. والتي كانت تضم 10 آبار بعمق 120 مترا لكل منها، و5 أحواض لتخزين مياه الري، بسعة إجمالية تبلغ 130 ألف متر مكعب، و5 محطات للضخ، وأخرى للتصفية، وشبكة للسقي بالتنقيط.
فأمام كل ما سبق ذكره من أموال باهضة جزء كبير من الأموال العمومية و بالمقابل تواضع إنجاز و تحقيق أهداف المخطط المغرب الأخضر فكيف هو واقع حال (الضيعة ) التي حضيت بالزيارة المولوية و هل أمثالها من المشاريع الفلاحية حققت أهداف المخطط في استدامة الإنتاج الفلاحي و مساهمة هده المشاريع في تنمية منطقة دكالة و إقليم سيدي بنور على الخصوص .
و لنا عودة للموضوع . .بقلم . محمد بنلعيدي
فاعل مدني و حقوقي
مهتم بتدبير الشأن العام و الهندسة الاجتماعية