اسماعيل الحلوتي
لشدة ما بات متعطشا إليه من انتصار مهما كان صغيرا، على إثر توالي الانكسارات والهزائم الداخلية والخارجية على كافة الأصعدة سياسيا واجتماعيا واقتصادي ورياضيا، وخاصة في ظل النجاحات المبهرة التي لم يفتأ المغرب يحققها بفضل حكمة قائده المفدى محمد السادس في السنوات الأخيرة والإشعاع الذي يحظى به إقليميا ودوليا، أصبح النظام الجزائري يبحث عن أي وسيلة من شأنها إلهاء الشعب الجزائري وإدخال البهجة عليه حتى وإن كانت بهجة مزيفة، مادام منشغلا أكثر بمحاولة تعطيل المسار التنموي الناجح للمملكة الشريفة، من خلال التمادي في استفزازها ومعاكستها في وحدتها الترابية…
إذ أنه في الوقت الذي زفت مختلف وسائل الإعلام من صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعات وطنية وأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي خلال هذه الأيام خبرا سارا للمغاربة عامة والجمهور الرياضي خاصة، يتعلق بإعلان نجم ريال مدريد “إبراهيم دياز” يوم الأحد 10 مارس 2024 ذي الأصول المغربية والبالغ من العمر 24 سنة عن اختياره الانضمام إلى منتخب “أسود الأطلس” لكرة القدم والدفاع عن ألوانه بدل منتخب “لاروخا” الإسباني. وهو ما أكدته الصحيفة الإسبانية الشهير “ماركا”، حيث كتبت تقول: “انتهت قضية إبراهيم المهاجم (المولود في مدينة “مالقا” الإسبانية) سيلعب الآن مع المغرب، القرار ثابت وقد تم التفكير فيه بعناية، إنه قرار لا يمكن التراجع عنه”، وأضافت بأن “إسبانيا خسرت لاعبا موهوبا…”
أبت وسائل الإعلام الجزائرية إلا أن تسارع إلى الترويج لخبر يدعي فيه صانعوه نجاح رئيس اتحاد الكرة الجزائري وليد سعدي في إقناع جناح نادي “ايستوريل برايا” البرتغالي “رفيق غويتان” ذي الأصول الجزائرية والبالغ من العمر هو أيضا 24 سنة بحمل قميص المنتخب الجزائري، بعدما أنهى إجراءات تغيير جنسيته الرياضية من الفرنسية إلى الجزائرية، جاعلة من هذا الحدث الرياضي العادي انتصارا كبيرا، وعلى من؟ على فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لا لشيء سوى أن اللاعب “غويتان” قادر على اللعب ليس فقط لفائدة الجزائر، بل حتى للمغرب وفرنسا.
ترى لماذا كل هذا العداء الدائم للمغرب والتمادي في المناورات الخبيثة والادعاءات الكاذبة بتحقيق انتصارات وهمية عليه، بينما يعلم الجميع اليوم أن السلطات الجزائرية لا تجد أدنى حرج في تقليده واقتفاء أثره فيما ينهجه من سياسات بمختلف المجالات، رغبة منها في اللحاق به وتحقيق نجاحات مماثلة؟ فالمغاربة بعيدا عن المزايدات السياسوية والحملات الإعلامية الهوجاء، يسعدهم كثيرا رؤية لاعب ذي أصول إفريقية أو عربية، يختار اللعب ضمن منتخب بلاده الأصلي والدفاع عن ألوانه سواء تعلق الأمر بكرة القدم أو غيرها من الرياضات الفردية والجماعية مهما بلغ حجم الإغراءات، إذ أن المهم هو أن يكون قادرا على التألق والإتيان بالإضافة المرجوة.
ثم إنه مع احترامنا الكامل للاعب “غويتان” ولمستواه الكروي، لم يسمع منا أحد في هذه الأيام أنه كان في نية رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم فوزي لقجع أو الناخب الوطني وليد الركراكي، السعي نحو استقطابه للعب ضمن النخبة المغربية. فكيف إذن لأبواق النظام العسكري الجزائري أن تقيم هذه الضجة الإعلامية وتزعم بأنه عاش “ضغطا” شديدا من قبل الجامعة المغربية في محاولة إقناعه من أجل حمل قميص “أسود الأطلس” منذ أن كان يدافع عن ألوان النادي الفرنسي “لوهافر”، باعتباره مولودا في فرنسا من أب جزائري وأم مغربية”؟ وحتى لو افترضنا أنه سبق للجامعة المغربية قبل تدخل الاتحاد الجزائري على الخط، أن عرضت عليه الانضمام إلى المنتخب المغربي دون التوصل إلى إقناعه، فهل يعد ذلك انهزاما للمغرب وانتصارا للجزائر؟
فاللافت للانتباه في هذا السياق، هو أن الرد على هذا الانتصار الموهوم والمزعوم جاء من داخل الجزائر، حيث تعالت بعض الأصوات الرياضية منتقدة هذه البهرجة الإعلامية، مشيرة إلى أن مستوى اللاعب المحتفى به لا يستدعي كل هذا اللغط، ولاسيما أنه على وشك بلوغ الخامسة والعشرين من عمره ولم يسجل في مساره الاحترافي عدا عشرة أهداف، كما لم يسبق له اللعب في صفوف الأندية الأوروبية الكبرى، ويكتفي فقط باللعب في فريق متواضع بالدوري البرتغالي، يحتل المركز 16 ضمن الفرق المرشحة للنزول إلى القسم الثاني، بينما كان على الاتحاد الجزائري إن كان يسعى فعلا إلى دعم منتخب بلاده، التنقيب عن لاعبين مزدوجي الجنسية من المستوى العالي ممن ينشطون في كبريات الأندية الرياضية…
إننا نأسف كثيرا أن يظل الشعب الجزائري الشقيق يعيش الذل والهوان في ربقة نظام عسكري جائر، ليس له من هم عدا فبركة الأكاذيب للتستر على فضائحه المتوالية وتبرير مسلسل الهزائم والانتكاسات التي ما انفكت تلاحقه، إذ طالما سارعت أبواقه الصدئة إلى الترويج لانتصارات وهمية لا توجد إلا في مخيلات “الكابرانات” العجزة، وإطلاق الإشاعات المسيئة للمغرب ورموزه.