اسماعيل الحلوتي
لم تمر سوى أسابيع قليلة على خيبة الأمل الكبرى التي مني بها الجمهور المغربي العريض، جراء الخروج المبكر لمنتخب “أسود الأطلس” من دور الثمن في بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 بساحل العاج، بعد خسارته ليلة الثلاثاء 30 يناير 2024 بهدفين نظيفين أمام منتخب جنوب إفريقيا، حتى انتاب مرة أخرى المغاربة الذين كان يمنون النفس بالظفر بكأس إفريقيا ثانية حالة من الشعور بالاستياء العارم، بسبب الظهور الباهت للمنتخب الوطني في وديتيه على أرضية الملعب الكبير “أدرار” بمدينة أكادير ضد منتخبي أنغولا وموريتانيا، حيث فشل خلال 180 دقيقة من تسجيل أي هدف ما عدا ذلك الهدف اليتيم الذي سجله مدافع أنغولي ضد مرماه.
وهو العقم التهديفي الذي كان كافيا في إثارة غضب الجماهير المغربية وزرع لديها الشكوك في منتخبها الوطني، حيث أبى الكثير ممن كانوا ينتظرون وجها مغايرا لذلك الذي رسمه رفاق زياش في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2023 إلا أن يعبروا عن عدم رضاهم على ما بدا عليه من مستوى هزيل خلال المبارتين الوديتين أمام منتخبين متواضعين، في ظل الضعف التكتيكي وغياب الخطة المحكمة لإرباك الخصم واستغلال فرص التسجيل، وبادروا إلى دق ناقوس الخطر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يطالبون رئيس الجامعة فوزي لقجع بالتدخل فورا قصد تشخيص الوضع والوقوف على مكامن الخلل، لاجتراح الحلول الكفيلة بالخروج من هذا المأزق المؤرق، ولاسيما أنه لم يعد يفصل “وليدات الركراكي” كثير من الوقت عما ينتظرهم من مباريات حاسمة في تصفيات كأس العالم 2026 ونهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 المقرر تنظيمها في المغرب.
إذ فقدت الجماهير المغربية القدرة على تحمل المزيد من التبريرات غير المقنعة التي ما انفك الناخب الوطني وليد الركراكي يدلي بها للصحافة منذ الإقصاء الصادم من الدور 16 في بطولة كأس أمم إفريقيا التي دارت أطوارها بساحل العاج، حيث لم يحقق بعدها المنتخب الوطني في ثلاث مباريات متتالية سوى فوزا صغيرا ضد منتخب أنغولا (/0) بنيران صديقة رغم كونه يضم أسماء لامعة في خط الهجوم.
فمباشرة بعد التعادل الأبيض والمحبط في اللقاء الذي جمع المنتخب المغربي بمنتخب موريتانيا، انتقد النجم المغربي عز الدين أوناحي لاعب وسط ميدان المنتخب الضعف التكتيكي البين للناخب الوطني وليد الركراكي، حيث أكد أمام الصحافة بكل جرأة أن خطة “الأسود” استهلكت وأصبحت مكشوفة لدى جميع المنتخبات الإفريقية، منبها إلى ما قد يعترضهم من صعوبات خلال المقابلات التي ستجرى داخل ملاعب بلدهم وأمام جمهورهم في الاستحقاقات الرياضية القادمة وخاصة في كأس إفريقيا للأمم 2025.
كما أنه وحسب ما تناقلته بعض التقارير الإعلامية، سارع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع إلى عقد اجتماع طارئ يوم الأربعاء 27 مارس 2024 مع الناخب الوطني وليد الركراكي لمناقشته حول الأداء الهزيل الذي ظهر عليه منتخب “أسود الأطلس” في المبارتين الوديتين ضد منتخب أنغولا (1/0) يوم الجمعة 22 مارس ومنتخب موريتانيا (0/0) يوم الثلاثاء 26 مارس 2024، استعدادا للتصفيات المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026، وما تم تسجيله خلالهما من عجز تهديفي رغم توفر المنتخب على مهاجمين كبار، طالما صنعوا الفارق مع أنديتهم الأجنبية…
فما الذي أصاب منتخب “الأسود” وهو الذي تم دعمه بلاعبين جدد من الطراز الرفيع، يلعبون في أندية كبرى مثل إبراهيم دياز مهاجم النادي الإسباني “ريال مدريد” وإلياس بن صغير مهاجم النادي الفرنسي “موناكو”، وشادي رياض قلب دفاع النادي الإسباني “برشلونة” وعبد الكبير عبقار خريج أكاديمية محمد السادس لكرة القدم خط دفاع النادي الإسباني “ديبورتيفو ألافيس” وغيرهم من خيرة اللاعبين؟ وهل يكون الناخب الوطني استهلك كل ما في جعبته من خطط وتكتيكات، ولم يعد قادرا على الخلق والتوظيف الجيد للاعبين، وهو الذي استطاع أن يذهب بذات المنتخب في سابقة تعد هي الأولى في تاريخ المنتخبات العربية والإفريقية إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 22؟ ثم إلى متى سيظل يبرر إخفاقاته ويعد الجماهير الكروية المغربية بالعمل على تحسين مستوى الفريق الوطني؟
إن ما يزعج المغاربة ويقلقهم كثيرا هو أن يجدوا أنفسهم في آخر المطاف يلهثون خلف الأوهام، التي لن تزيدهم إلا كفرا بكل ما حولهم، ولاسيما أن كرة القدم كانت ومازالت هي المتنفس الوحيد الذي يعلقون عليه آمالهم وأحلامهم في صناعة الفرح المفقود، منذ إحراز كأس أمم إفريقيا الوحيدة عام 1970. إذ اتضح أن الفريق الوطني يعاني على المستويين التقني والتكتيكي، وبدا ذلك جليا من خلال عجزه الكبير عن هز الشباك وإسعاد الجماهير في المباريات الثلاث الأخيرة، مما يقتضي أن ينكب المدرب وليد الركراكي على مراجعة حساباته، قبل أن تضطر الجماهير الشعبية إلى إشهار الورقة الحمراء في وجهه.