الخميس. نوفمبر 21st, 2024

الكوفية الفلسطينية تثير الرعب في نفوس الجبناء!

اسماعيل الحلوتي 

في الوقت الذي مازالت فيه مسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني متواصلة في جميع ربوع المملكة الشريفة، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة لأزيد من عشرة شهور، حيث أن عمليات التقتيل والإبادة الجماعية للمواطنين الفلسطينيين العزل تكاد لا تتوقف، وفي الوقت الذي ترفع فيه الشعارات المناوئة لحرب التطهير العرقي التي يفرضها الكيان الصهيوني على “الغزاويين” بإيعاز من الصهيونية العالمية وصمت المنتظم الدولي، تأبى بعض الشخصيات المغربية الجبانة إلا أن تسير عكس التيار أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع.
ذلك أنه خلال حفل أقيم يوم السبت 13 يوليوز 2024 بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء من أجل توزيع الجوائز على الطلبة المتفوقين، وفي سابقة تعد هي الأولى من نوعها رفض عميد كلية العلوم بنمسيك الذي لم يكن سوى ضيف شرف لدى المدرسة العليا للتكنولوجيا، تسليم جائزة التخرج لإحدى الطالبات، بدعوى أنها تعبر عن موقف سياسي يتمثل في ارتدائها الكوفية الفلسطينية، وكأن هذه الكوفية تحولت إلى “وشاح ناسف”، بيد أن مدير المدرسة العليا لم يلبث أن تدخل بما يلزم من سرعة لتدارك الأمر، وقام مشكورا بتسليم الطالبة شهادتها، مما تسبب في إحراج عميد الكلية، الذي انسحب مرغما.
فربما يكون غاب عن ذهن سيادة “العميد” في تلك الأثناء، أن الكوفية الفلسطينية ليست سلاحا مرعبا ولا “وشاحا ناسفا”، وإنما هي مجرد وشاح باللونين الأبيض والأسود، توضع عادة حول رقبة الشخص الذي يرتديها أو توضع مع العقال على الرأس. وهي رمز وطني فلسطيني للمقاومة السياسية، تستخدم في تعبيرات التضامن الأممي مع الفلسطينيين، بعد أن تجاوز استخدامها المنطقة العربية، وأصبحت لها شعبية بين جميع نشطاء العالم المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في صراعه الطويل مع إسرائيل.
والجدير بالذكر أن هذا الموقف المخجل لمسؤول “مغربي” من درجة عميد كلية، أثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة ليس فقط بين الحاضرين في المدرسة العليا للتكنولوجيا من طلبة وأطر وغيرهم، بل جر عليه سيلا جارفا من الانتقادات اللاذعة على منصات التواصل الاجتماعي، وخلف استياء عميقا في صفوف قيادات حزبية وسياسية ونقابية وغيرها من فعاليات المجتمع المدني. إذ كيف يعقل أن يرفض توشيح طالبة متفوقة، ذنبها الوحيد أنها تضع كوفية فلسطينية حول رقبتها، وهو الذي يفترض فيه أن يكون على دراية واسعة بما للقضية الفلسطينية من مكانة في قلوب المغاربة؟ ألا يعلم سيادته أن ملك البلاد ورئيس لجنة القدس محمد السادس، ما انفك يشدد على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، ويضعها أيضا في صدارة انشغالاته. ويؤكد في أكثر من مناسبة على عدم التخلي نهائيا عن دوره في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الأعزل، وأنه سيظل كما كان دائما ملكا وحكومة وشعبا، إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وسيواصل انخراطه البناء في اتجاه إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط؟
فإقدام عميد كلية العلوم بن امسيك على هذا التصرف الأرعن وغير المسؤول داخل الفضاء الجامعي، الذي هز مشاعر الرأي العام الوطني وترك جرحا عميقا في قلوب الحاضرين وخاصة الطلبة، لا يمكن اعتباره إلا تطبيعا صريحا مع إسرائيل وتخاذلا واضحا في حق القضية الفلسطينية، ولاسيما أنه جاء بعد ساعات قليلة من قيام الكيان الصهيوني بمجزرة رهيبة في حق الفلسطينيين بمخيم خان يونس داخل القطاع. وهو ما أدى إلى ارتفاع أصوات الاستنكار والتنديد بهذا السلوك الشنيع وغير السوي، الذي يتعارض كليا مع الموقف الرسمي إزاء القضية الفلسطينية، والمطالبة بالإعفاء الفوري من منصبه…
إننا وأمام هذا التصرف الأهوج وغير اللائق بعميد كلية العلوم بنمسيك، لا يسعنا إلا أن نعلن عن تضامننا الواسع ليس فقط مع الطالبة المتفوقة التي نغص عليها فرحتها، بل مع الشعب المغربي قاطبة إثر تعرضه للاستفزاز، ونطالب بضرورة احترام حقوق الطلبة في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي وحضاري. وعلى وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي التدخل العاجل لاتخاذ ما يراه كفيلا بردع هذا “العميد”، لما في موقفه المؤسف من إهانة للقيم الأكاديمية والإنسانية التي تقوم عليها المؤسسات التعليمية ببلادنا، خاصة أن ارتداء الكوفية الفلسطينية ليس سوى تعبيرا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته العادلة، فضلا عن أنه حق يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *