الأربعاء. ديسمبر 18th, 2024

في انتظار تدشين قنصلية الصين بالعيون!

اسماعيل الحلواني

بينما يواصل النظام العسكري الجزائري استفزاز المغرب ومعاكسة وحدته التربية دون كلل ولا ملل، من خلال سياساته العدائية وهجماته الإعلامية الهوجاء، ويتمادى في تصعيد التوتر عبر دعم الحركات الانفصالية بهدف تفتيت أراضيه، يستمر المغرب في جني ثمرات جهوده الدبلوماسية وحشد المزيد من الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، ودعم مبادرة الحكم الذاتي لأقاليمه الجنوبية تحت السيادة المغربية، باعتبارها الأساس الوحيد ذي المصداقية لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
وهو ما يكاد يشبه إلى حد ما قصة “الصرار والنملة”، حيث أنه ومنذ زمن الحرب الباردة يقضي الكابرانات أيامهم ولياليهم في تصعيد التوتر مع المغرب عبر ترديد تلك الأسطوانة المشروخة، حول حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، غير مبالين بالتحولات المتسارعة التي يشهدها النظام العالمي إقليميا ودوليا، وخاصة أن الموقف الجزائري أصبح متجاوزا لدى المنتدى الدولي والقوى الفاعلة، بعد أن اقتنعت الكثير من الدول بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء المغربية، بينما المغرب كتلك النملة المجتهدة، يكاد لا يتوقف لحظة عن حشد المزيد من التأييد لموقفه الثابت حول صحرائه.
فبعد اعتراف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية والأمريكية والعربية والإفريقية بمغربية الصحراء وتزايد أعداد القنصليات الأجنبية بمدينتي العيون والداخلة، ها هي جمهورية الصين الشعبية تتهيأ هي الأخرى لنهج نفس الخطوة في القريب العاجل، لذلك كان من الطبيعي أن تنال زيارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” يوم الخميس 21 نونبر 2024 للمغرب صدارة الأحداث وتخلف الكثير من ردود فعل، حتى وإن لم تستغرق مدتها سوى ساعات قليلة.
وقد قام بها الرئيس الصيني في طريق عودته من قمة مجموعة العشرين التي عقدت في البرازيل، لأنها تندرج في إطار رغبة بيكين ومساعيها لتعزيز علاقات التعاون المشترك مع البلدان الإفريقية والتي تأتي في مقدمتها المملكة المغربية. حيث وجد في استقباله بمطار الدار البيضاء ولي العهد الأمير مولاي الحسن بتعليمات من والده الملك محمد السادس، ليتساءل الكثير من المواطنين وخاصة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين عن دواعي هذه الزيارة لرئيس بلد بحجم الصين، رغم أن بيانات رسمية صادرة من الجانبين، أشارت إلى أنها تهدف بالأساس إلى تقوية روابط الصداقة والتعاون والتضامن بين الشعبين الصيني والمغربي، بفضل الالتزام المشترك لكل من عاهل المغرب ورئيس الصين، قصد تعزيز الشراكة الاستراتيجية الصينية/المغربية، التي تم توطيدها في ماي 2016 عند قيام الأول بزيارة الصين.
ففي هذا السياق يشار إلى أن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها للرئيس الصيني إلى المملكة المغربية منذ توليه منصبه، وتعد جزء من الجهود التي ما فتئت بلاده تبذلها من أجل تقوية علاقاتها مع الدول النامية ليس فقط في الجانب الاقتصادي، بل كذلك لمواجهة النفوذ العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أكدت مجلة “بلومبيرغ” العالمية المتخصصة في الاقتصاد أن الصين تسعى من خلال علاقاتها الاقتصادية مع المغرب إلى استغلال موقعه الاستراتيجي في اتجاه تعزيز سلاسل التوريد الخاصة بالبطاريات في أوروبا، خاصة أنه يتمتع باتفاقيات التجارة الحرة مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. كما اعتبرها عدد من الخبراء في العلاقات الدولية نوعا من التمهيد لاعتراف بيكين هي الأخرى بمغربية الصحراء، وعزمها الأكيد على فتح قنصلية عامة بالعيون في الأيام القليلة القادمة، حيث تسعى الجمهورية الصينية جاهدة إلى الاستفادة بدورها من الشراكة الاقتصادية مع المغرب، في اتجاه تكريس حضورها في القارة السمراء…
حيث أن الصين تسعى بقوة إلى تكريس نفوذها الاقتصادي في إفريقيا والتعبير عن رغبتها في الارتباط المباشر بالمنطقة، من خلال الدخول إلى عالم الاستثمار عن طريق البوابة المغربية، وقد كشفت تقارير صحفية إسبانية عن مصادر صينية خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني لجزر الكناري، أن الصين تعتزم القيام بخطوة دبلوماسية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية في الاعتراف بمغربية الصحراء وافتتاح قنصلية عامة بمدينة العيون، كما تم الكشف عن نيتها في إنجاز مشروع طموح يتضمن إحداث جسر بري يربط الأقاليم الصحراوية بالأرخبيل الإسباني.
إننا لا نأمل فقط أن يتحول حلم افتتاح الصين قنصلية عامة لها في مدينة العيون إلى حقيقة ملموسة، ليرتفع بذلك عدد الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الداعمة للموقف المغربي في ملف الصحراء إلى ثلاثة أعضاء من بين خمسة أعضاء، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ثم الصين، مما سيساهم لا محالة في التعجيل بطي ملف الصحراء المغربية الذي عمر طويلا بسبب تعنت السلطات الجزائرية وصنيعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، وإنما نأمل أيضا في أن يتدخل عقلاء الجزائر ومثقفوها من أجل نزع فتيل الحرب، التي لم يفتأ النظام العسكري يدق طبولها، تفاديا لما يمكن أن يترتب عنها من خراب وتحطيم للبلدين والمنطقة ككل.
اسماعيل الحلوتي

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *