في ظل الغياب

بقلم ابو ايوب
غياب المغرب في المدة الاخيرة عن لعب دوره الطلائعي بجواره الاقليمي و الجهوي ، بعدما كان دؤوب النشاط و فاعل مهم في البحث عن حلول لازمات المنطقة ( ليبيا.مالي.دول الساحل و الصحراء مثال)، الملاحظ الآن شح في الزيارات الرسمية لرؤساء و مسؤولي دول الجوارين ( شبه قطيعة مع فرنسا مثال) ، و ازمة تزداد استفحالا مع كل من تونس و الجزائر و موريتانيا ، ناهيك عن الاتحاد الاوروبي و موقفه الاخير الغير داعم للمقترح المغربي بخصوص الصحراء ، الذي عبر عنه رسميا مفوضه السامي للعلاقات السياسية و الامنية السيد جوزيف بوريل للتلفزيون الرسمي الاسباني.
و على ضوء هذه الازمات و برودة العلاقات الثنائية المغربية مع جواريه ، تظهر بين الفينة و الاخرى ازمات تكتسي طابعا بأبعاد دولية متعددة الجوانب ( اقتصاديا.سياسيا.قضائيا.حقوقيا…..) نستعرض بعضا منها على سبيل الاستئناس ، حتى نوضح أكثر ما يعانيه المغرب من ازمات متعددة الاوجه حمالة رسائل غير مطمئنة في المستقبل المنظور :
* الزيارات الثلاث التي قام بها المبعوث الشخصي للامين العام الاممي للصحراء السيد ديميستورا ، لكل من اسبانيا التي تراجعت عن موقف رئيس حكومتها بيدرو سانشير المؤيد للمقترح المغربي ( وزارة الخارجية تنشر على موقعها الرسمي خريطة المغرب و المغرب ككيانين منفصلين ، تلتها زيارة لعاصمة الاتحاد الاوروبي بروكسيل و لقاءه بوزيرة خارجية بلجيكا ، التي عبرت بدورها هذه الاخيرة عن موقف المملكة البلجيكية المؤيد لاجراء استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية بحسب تصريحها ، بعدها مباشرة انتقل الى روسيا التي حظي فيها بلقاء جمعه بالمسؤولين الروس ، فضلا عن استقباله من طرف وزير الخارجية الروسي لافروف ، الذي اكد له الموقف الروسي الثابث من قضية الصحراء الغربية بحسب نص البيان ( اجراء استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء باشراف الأمم المتحدة و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة) .
* على علاقة بالموقف الروسي من الصحراء ، اود الاشارة الى مقال نشر بوكالة سبوتنيك الروسية للانباء بتاريخ 7 اكتوبر الجاري( المقربة من دوائر صنع القرار و لسان حال السياسات الخارجية لروسيا ، شانها شان الفورين بوليسي الامريكية مثال) ، مقال خصصته( لزيارة وزير داخلية الجمهورية الصحراوية الاخيرة لموريتانيا ، و الاستقبال الرسمي الذي حظي به من طرف الرئيس الموريتاني بنواكشوط ، لتتطرق من بعد الى تهديد الوزير الصحراوي باستعمال الدرونات لاستهداف العمق الصحراوي و المغربي …) ، وصف سبوتنيك للمسؤول الصحراوي بوزير داخلية الجمهورية الصحراوية ، يعطي الانطباع بان روسيا مقدمة او على استعداد للاعتراف الرسمي بها كدولة قائمة الذات و ذات سيادة .
ما يعزز الطرح هذا ، ما نشرته جريدة القدس العربي قبل اسابيع عن غضب روسي من المغرب ، بعدما اكتشف الروس تورط الاخير في دعم المجهود الحربي لاوكرانيا في حربها مع روسيا ، مشيرة الى التناقض بين المواقف المغربية المعلنة ، في اشارة الى عدم مشاركة المغرب في جلستي التصويت مجلس الامن بخصوص الازمة الاوكرانية ، و الافعال الجارية على ارض الواقع عبر تقديم الدعم و المساعدات في المجال العسكري ، و هذا ما قد يؤدي بالضرورة الى تشدد في موقف روسيا من قضية الصحراء ، و قد يصل الامر حد الدعم العسكري الروسي المباشر لجبهة البوليساريو .
* اما الجانب الاقتصادي من اشكاليتنا هذه و في ظل الغياب ، نلاحظ الوتيرة المتسارعة لحرب اقتصادية متعددة الجوانب تستهدف المغرب ، مغادرة حوالي 600 شركة اجنبية فرنسية المانية اسبانية….و اغلاق مصانعها بالمغرب و ما يتولد عنه من ازمة بطالة….، الحرب القضائية المحمومة على ثروات الصحراء( حكمي محكمة العدل الاوروبية/ المحكمة العليا ببريطانيا/ تشريع البرلمان الاوروبي و المنع الذي طال استيراد الفوسفاط المغربي/ الامتناع الاوروبي عن استيراد منتجات الصحراء ، امثلة من اخرى متعددة ).
* اما على الصعيد الحقوقي ، التقرير الأممي الاخير أشار الى عدم التزام المغرب بالاتفاقيات و المعادات الدولية التي صادق عليها ، فيما يتعلق بحقوق الانسان و حرية التعبير و الاعتقالات التعسفية ….، و قد جاء ذكر الاعتقال التعسفي للصحافي سليمان الريسوني مع توصية اممية باطلاق سراحه و تعويض اسرته و ضمان محاكمة عادلة له . تقرير الامم المتحدة هذا جاء كخلاصة تقارير منظمات حقوقية دولية اتهمت مغربيا بنشر الأكاذيب و اختلاق الوقائع و تحريف الحقائق ….والتربص….، كامنيستي انترناسيونال و هيومن رايتس ….
في هذا الوقت بالذات ، الاحداث الجارية بالجوارين الاقليمي و الجهوي للمغرب و التي بدأت تأخذ ابعادا دولية ، نتطرق لها في ظل الغياب المغربي و على ضوءه ، الحجيج الاوروبي للجارة الشرقية الجزائر و لما باتت تتبوأه من مكانة على كافة الاصعدة ، كرقم يصعب تجاوزه في معادلات الصعيد القاري( وأد حلم اسرائيل نيل صفة عضو مراقب بالاتحاد الافريقي مثال) ، و الجوارين الاقليمي ( تونس.موريتانيا.ليبيا.مالي.النيجر…) ، و الجهوي كثاني مورد للغاز نحو اوروبا ، فضلا عن الشراكات الاقتصادية مع الاتحاد الاوروبي و ابرام عدة اتفاقيات و مشاريع مع ايطاليا و المانيا و فرنسا ( الكهرباء و الطاقات النظيفة مثال ) ، و المناطقي و الدولي .
ما يعزز الطرح ، عودتها لمسرح الاحداث الدولية من بابها الواسع ، سواء ما تعلق منها افريقيا من خلال مجموعة ( G 4) ، و ما باتت تمثله من ثقل سياسي/ديبلوماسي/ اقتصادي/ طاقوي الى جانب كل من نيجيريا و جنوب افريقيا و كينيا ، او مناطقيا فيما له علاقة بالقضية الفلسطينية و لم شمل الفصائل بقصرر الامم بالجزائر العاصمة ، و ما نتج عن اللقاء من مصالحة فلسطينية شملت كل الفصائل دون استثناء ، لقاء اكتوبر هذا لا يقل اهمية و رمزية عن اجتماع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية سنة 87 ، و بنفس المكان حيث تم الاعلان الرسمي عن قيام الدولة الفلسطينية بقيادة المرحوم ياسر عرفات ، ناهيك عن عودتها القوية للساحة العربية من خلال احتضان القمة العربية المرتقبة فاتح الشهر القادم .
عودتها هذه ، تعززت اكثر عبر نيلها مقعدا بمجلس حقوق الانسان لمدة ثلاث سنوات ، و قد يتعزز دورها كذلك من خلال نيلها عضوية غير دائمة بمجلس الامن الدولي بعدما قدمت ترشيحها ، كما من المتوقع المؤكد ان تنظم لاكبر تكتل اقتصادي عالمي ( مجموعة البريكس) ، التي تضم في عضويتها الصين/ روسيا/ الهند/ البرازيل/ جنوب افريقيا …، و من المرتقب ايضا انضمام كل من مصر و ايران فيما بعد .
كان هذا غيض من فيض المتغيرات التي تعنينا نحن كمغاربة على الساحة الدولية ، و في انتظار جديد المستجدات و الوقائع و الاحداث ، استودعكم في حفظ من لا تضيع ودائعه …..انعمتم اوقاتا …..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *