عماد بنحيون
الفطرة الإنسانية قبل السياسة أو المنطق أوالعقل لوحدها وقبل غيرها، كافية لتدفع الأحمق قبل العاقل والأمي قبل المثقف والجاهل قبل العارف والمواطن العادي قبل الحاكم أن يدافع عن الحق في الحياة ومقاومة الموت لآخر رمق، بشتى الوسائل بما فيها طلب النجدة والغوث والمقاومة،
كل ماذكرناه سابقا سجلناه على أرض الواقع بمنطقة القبائل مع استثناء غريب وعجيب، فرأينا تدافعا جماهيريا كثيفا نحو إنقاذ البلاد والعباد من لهيب النيران من طرف الأفراد و”المؤسسات المعنية بإمكانياتها الضعيفة أو غير المناسبة” واتهامات وعقاب مشبوه لمتهم بدون محاكمة في غياب الدولة والأدلة.
الاستثناء الغريب والعجيب هو ما سبب تأخر النظام الحاكم بالجزائر الشقيقة بحكم صلاحياته الدستورية في طلب يد العون والمساعدة من المنتظم الدولي بكل أطيافه منذ الوهلة الأولى، واقتصاره فيما بعد على الدول الصديقة “على حد تعبيره” مستثنيا أخرى بل مقابلة عرض بعض الأيادي الممدودة منها بالتكبر والعجرفة وعدم السماح لها بمد يد المساعدة بتوفير الآليات المناسبة لمحاربة هذه الفواجع وإنقاذ الأرواح والمتاع حتى لا يسجل التاريخ كما سجل من قبل أن عملية الإنقاذ كانت بيد مغربية، فٱثر نظام العسكر اليد الفر نسية والأوربية، التي أخذت على مهلها الوقت الكافي للحوار والتشاور لإرسال طائرات إخماد النيران،
بالموازاة مع ذلك سجلنا خروج بوق “معلق رياضي” نشاز لاداعي لذكر اسمه، أراد اشعال نار أخرى أشد فتكا من الأولى التي ابتلي بها شعب منطقة القبائل الشقيق ، وهي نار الفتنة والعداء بين شعبين شقيقين مايجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما، متناسيا أن الفتنة أشد من القتل، وهو من المحسوبين” ياحسرة” على الإعلام والتعليق الرياضي،
وبما أن الدولة من واجبها حماية المواطن، والحرص على إنقاذه ونجدته وتمتيعه بأبسط حقوقه وهي الحق في الحياة ، لاريب أن نذكر هنا أن الجزائر هي الدولة التي تحكم فيها جيش الحدود بمقاليد الحكم مع فجر الاستقلال بقوة السلاح، بعدما انقلب على حكومة مدنية هي “حكومة الجمهورية الجزائرية المؤقتة” وتعرض كل من تقلد الحكم بها، فيما بعد، لأقدار وصدف عجيبة، فأزيح أغلبهم عن الحكم بطريقة غريبة قريبة من كوابيس الأحلام في أحلك الأيام. وهي الدولة التي تتزامن فيها الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية مع اشتعال الثورات،حيث أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تترك فيها هذا الشعب العريق ليواجه قدر الموت بشكل آخر من أشكال التعذيب من طرف عصابات الإرهاب التي نكلت به عقابا له لأنه انتفض غير ما مرة، وحاول إقامة دولة القانون الديمقراطية يكون بها الجيش مجرد مؤسسة من مؤسساتها، ليس مؤسسة فوق الشعب وفوق الرئيس، وليقبل على مضض بصرف مداخيل ثرواته على صنيعة العسكر ” عصابات البوليساريو” الكيان الذي أصبح يشكل وصمة عار في جبين نظام عطل مسار تقدم ونماء أمة وجريمة شنعاء ضد الإنسانية ترتكب في مخيمات الذل والعار بتندوف.
فإلى متى سيعاني شعب الجزائر من صدف الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية كلما اشتعلت فتيل ثورة تطالب بجزء من حقه وإلى متى سينجح نظام العسكر بهذه الدولة في تحويل انتباه صحافة الداخل والخارج والرأي العام المحلي والدولي عن ما تعرفه البلاد من أزمات حقيقية واحتضان لبؤر إرهابية الى عدو وهمي لا وجود له إلا في مخيلة العسكر .