الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

“التغير الاجتماعي وأزمة الشباب”

بقلم: الاستاذ حافظ لصفر

“التغير الاجتماعي وأزمة الشباب”

نموذج  أزمة  العمل لدى الشباب المغاربة وعلاقته بالتغير الاجتماعي

ملخص المقالة

أثرت التحولات التقنية والحضارية والتغير الاجتماعي في تفاقم أزمة العمل لدى الشباب المغربي ،وما فرضته على سوق الشغل بمزيد من التدريب والتأهيل للشباب خاصة وأن الجامعات تركز على جانب الكم المعرفي النظري ،وتغيب الجوانب التطبيقية العملية، إذ ارتفعت البطالة من 10.5بالمائة سنة2019 إلى12.5بالمائة سنة 2021 وطنيا، وبفئة الشباب من 26.8بالمائة إلى 32.5بالمائة في الفصل الأول من سنة2020 والفصل الأول من سنة2021 ،وذلك بسبب تداعيات كورونا، وفقدان عدد كبير من المناصب وإغلاق وإفلاس مقاولات صغرى وكبرى، إضافة الى بطء في كل من تنفيذ المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل و النمو الاقتصادي الوطني لتأثره بعوامل كالجفاف وهشاشة البنيات التحتية والمنافسة العالمية وتأثيرات فيروس كورونا ،هذا الأخير تسبب في كساد إقتصادي كبير وبطالة طالت جميع شرائح المجتمع المغربي، وبالأخص الفئة الحيوية حاملة مشعل التنمية المستقبلية ألا وهي فئة الشباب ،كما أن سياسات الإدماج يجب أن تكون شاملة ومتعددة الأبعاد لخدمة هاته الفئة الحيوية إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا وثقافيا بمقاربة تنموية خاصة عن طريق نهج إستراتيجية مندمجة للشباب كوسيلة لتنميتهم ،ومن ثمة الإعتراف بهم كقوة فاعلة وأساسية في إحداث أي تغيير اجتماعي حقيقي، وتتحمل فيها جميع القطاعات الحكومية مسؤوليتها في شكل مخططات قطاعية ينخرط فيها القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني مع ضمان مستوى عال من إندماجهم ليساهموا في التنمية المجتمعية والرفع من ناتج الإقتصاد الوطني.

الملخص باللغة الانجليزية

Technical and cultural transformations and social change have exacerbated the labor crisis among Moroccan youth and what they have imposed on the labour market with more training and rehabilitation for young people, especially since universities focus on the theoretical knowledge quantity and absence of practical practical aspects, as unemployment has increased from 10.5/ 2019 to 12.5 years 2021 nationally and in the youth category from 26.8/32.5/ in the first quarter of 2020 and the first quarter of 2021, due to the repercussions of Corona and the loss of a large number of positions and the closure and bankruptcy of small and large contracts in addition to Slow implementation of the national plan for the advancement of the work The slow national economic growth, influenced by factors such as drought, fragile infrastructure, global competition and the effects of the recent CORONAvirus, has caused a great economic recession and unemployment for all segments of Moroccan society, particularly the vital group, carrying the torch of future development, namely youth, and integration policies must be comprehensive and multidimensional to this vital group economically, politically, socially and culturally with a special development approach through a strategic approach integrated to young people as a means of development and hence their recognition as an active and essential force in the Events  In bringing about any real social change in which all government sectors are responsible in the form of sectoral schemes involving the public, private and civil society sectors while ensuring a high level of integration to contribute to community development and raise the output of the national economy

  الشباب-التغير الاجتماعي-أزمة-العمل     المفاهيم المفاتيح للمقالة:

مدخل عام

يمثل الشباب قوة أساسية وفعالة وفئة حيوية في عملية التغيير الإجتماعي، وقد يقع الشباب ضحايا التغير السريع أو الجذري ،إن هم لم يستطيعوا الإندماج والتكيف مع ما تطرحه مقتضيات التغير من مهام مستعجلة قد تسبب لهم خيبة أمل نتيجة تغير العلاقات الاجتماعية ونظم الانتاج التي تنعكس على كافة الأنساق ،وترتبط الأزمة أيضا [1]  بالتحولات الحضارية نتيجة لنمط الإنتاج وتقسيم العمل(دخول المرأة سوق الشغل –قيم سائدة ارتبطت بالإستغلال والإستهلاك والإستيلاب والإغتراب عن الانتاج…).

إن أزمة الشباب تتمحور في جملة من العوامل التي تنصهر في صميم وجودهم ومرتبطة بتلبية حاجاتهم الانسانية والآنية، وبغموض الصوة المستقبلية  الناتجة عن قلة فرص العمل وندرته، مما يدفع بالكثير منهم  الى التفكير والإقدام على الهجرة والإنتحار والولوج الى عالم الجريمة…فالشباب يبحثون عما يضمن استقرارهم الاجتماعي، ويتعطشون للانسجام الفكري و الاجتماعي، و ما يؤرقهم هو الحاضر وقضاياه التي اصبحت تتسم بالتأزم في اكثر من مجال وخاصة فيما يخص البحث عن العمل ،فالبطالة تقف حاجزا  امام الشباب لتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم ،فينفد الى اعماق ذواتهم الحيرة والاستيلاب ،فالشباب المغربي يعيش مشكلات تحول دون الوصول الى أحلامهم المستقبلية ،فالأزمة التي يعيشونها نتيجة سرعة التحولات التي لم يعهدوها فيما مضى تعزى لعنصرين اساسيين هما : النظام الجديد لتقسيم العمل الدي انعكس سلبا  على العمل لديهم ،وكيفية الولوج إليه ،حيث فرصه  ضئيلة ،وكذلك اخفاق العلاقات الاجتماعية والمناخات الحضارية بسبب عجزها عن مد الافراد بفرص حياتية افضل، تمكنهم من فهم الذات والعالم ،فالواقع المغربي يشهد ان التغير الاجتماعي بسرعته الفائقة وشموليته لجميع مناحي الحياة يصعب امكانية التكيف معه او اعادة التنظيم لمسايرة تطوراته السريعة في ظل العولمة والتكنولوجيا الذكية ،بما فيها الذكاء الاصطناعي ،ومما زاد من شدة الازمة الشبابية هو فداحة تداعيات فيروس كورونا ،حيث تضاعف عدد العاطلين عن العمل بسبب فقدان الاقتصاد الوطني لما يقرب من 202 الف منصب شغل بين الفصل الاول من سنة2020 والفصل الاول من سنة2021 ،وكذلك بطء وغموض سياسات وبرامج سوق الشغل وإدماج الشباب وتعثر تنفيذ اجراءات المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل.

ا-التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والحضارية وآثارها على الشغل لدى الشباب المغربي

 عندما نتحدث عن الشغل كظاهرة سوسيولوجية نستحضر بأن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة لها انعكاساتها على تقسيم الشغل الذي أصبح يتطلب المهارات الفنية العالية والتأهيل المتخصص بشكل علمي مستمر بغية استيعاب متطلبات سوق العمل المعتمد على عنصري الجودة والإتقان ملقيا الثقل على آفاق مستقبل الشباب و من ثمة تفاقمت الأزمة مع مرور الزمن لقصور التدابير المتخذة لإيجاد حلول عملية للإشكالات التي تخص المسالة الشبابية مثل : إستيعاب التناقضات بين منظومة التعليم وبين احتياجات  الاقتصاد وسوق العمل والمصالح السياسية والتحول الحضاري المحلي  والعالمي وضرورة تشجيع التعليم  التقني وتنمية مهاراته، وبسبب تفاقم أزمة البطالة تراجع النمو الاقتصادي، وسجل ضعف الاستثمار مع ازدياد نسبة الخريجين والتأهيل ،اذ بلغت نسبة العاطلين في صفوف حاملي شهادات التكوين المهني 22بالمائة ووصلت [2] لدى حاملي الشهادات الجامعية15.7 بالمائة ،لا تتلاءم متطلبات سوق العمل والمهن المطروحة في السوق ،مع ان الأخير يتطور بسرعة وباستمرار حسب رغبات المستهلك، ومع بروز وسائل التواصل الالكتروني المعاصرة اصبح التسويق يخضع للمنافسة عبر هاته الوسائل السريعة الوصول للعميل، كما ان الاعداد للشباب بطيء في تطوره وغير مواكب للتطور التكنولوجي المتسارع، وكذلك وسائل الإعلام لها قوتها التأثيرية على تطوير وسائل الإنتاج وجلب العملاء ،فالتنافر بين الإعداد والإعلام والهدر الكبير لطاقات الطلاب يحتاج     العمل للحد من عدم التوافق والهدر الانساني ،وللإشارة فان جامعات العالم كلها وخاصة بالدول النامية تعاني من بدرجات مختلفة من مشاكل عديدة تؤثر على كفاءاتها، ومن اهم هذه التحديات التزايد المتسارع لأعداد الطلاب وعدم قدرتها على تقديم تعليم عال يناسب حاجيات المجتمع والشباب والتنمية مع عدم قدرتها على مواكبة التغيرات التقنية والحضارية الكوكبية المتسارعة.[3] وعجزها على مستوى الموازنة بين الكم والكيف ومسايرة هذا التطور العالمي[4]

يعتبر التوظيف والتشغيل من العناصر الضرورية في موضوع القوة العاملة فهو لبنة في تطوير وتنميتها (القوى العاملة) ويعتمد على عمليات تخطيطية و ادارية لاحقة وحسن ادارتها بعقلانية وفق متطلبات المجتمع وقواه ،فالتشغيل يتطلب حصر الوظائف الشاغرة  والمشغولة ومعرفة ما تتطلبه الوظيفة بحكم التحكم فيها بطلب يد عاملة كفؤة، هكذا اصبحت البطالة احد المشكلات الهامة المسببة للتوتر القائم بين الشباب والنظام السياسي ،لأنها تؤرق هاته النظم لأن مستقبلهم غامض وغير واضح، ومما زاد من حدتها[5]  محدودية الطاقة الاستيعابية للقطاعين العام والخاص، اذ سجلت المعطيات التالية:

قطاع الخدمات 267000منصب شغل، والبناء والاشغال العمومية24000منصب والصناعة17000منصب، والفلاحة والمياه والغابة والصيد البحري فقدت 146000منصب شغل ،وارتفع معدل البطالة في صفوف الشباب المتراوحة اعمارهم بين15-24 نسبة24.9بالمائة وارتفع حجم السكان النشيطين البالغين  15 فما فوق مقارنة بسنة  2018بوتيرة زيادة ب1.6بالمائة اي انخفض معدل النشاط من46 بالمائة الى 45.8 بالمائة بمعدل 0.2- نقطة.

 واستمر ارتفاع البطالة في صفوف الشباب والنساء وحاملي الشهادات الى 24.9 بالمائة للفئة البالغة من العمربين15-24سنة مقابل7بالمىة لدى الشباب البالغين 25سنة فما فوق ،وحاملي الشهادات 15.7 بالمائة مقابل 3.1 بالمائة لدى الاشخاص غير المتوفرين على اية شهادة، وبلغت نسبتها في صفوف البالغين بين 15و29 نسبة 35.4بالمئة[6] (بطالة وبلغت بطالة الشباب المغربي 31.2بالمائة سنة2020 مقابل2.9بالمائة سنة2019 في صفوف الفئة المتراوحة اعمارها بين15و 24سنة ،اما فئة 25و 35سنة انخفض معدل النشاط من60.1 بالمائة سنة 2019 الى 58.8  بالمائة سنة  2020[7]

وفسر  إرتفاع  معدلات البطالة في صفوف الشباب بالعوامل التالية:

 – إقصاء للشباب من الإنخراط في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمدنية 

-ضعف آليات وبنيات الدعم والادماج الكفيلة بتسهيل مشاركتهم في الحياة المجتمعية مما زاد من حدة عزلتهم و إندماجهم في عالم الجريمة و الإنحراف والشذوذ والتطرف والمخاطرة في الهجرة السرية.

  -ضعف النسيج الجمعوي[8]    

 -إعداد هزيل من الجامعات وغير مناسب للسوق الشغل العالمية  [9]

تداعيات كورونا وتزايد ازمة العمل في صفوف الشباب المغربي

فقدت سوق الشغل المغربي 589000 فرصة عمل خلال  سنة2020   بسب تداعيات استفحال الوضع الوبائي بالمغرب،[10] فقد الاقتصاد الوطني ما بين الفصل الاول من سنة2020،والفصل الاول من 2021 حوالي202000منصب شغل، وإثر احداث56000 منصب بالعالم الحضري فقدت البادية258000 منصب شغل ،وارتفعت البطالة من10.5بالمائة الى12.5بالمائة، وبلغت في صفوف الشباب المتراوحة اعمارهم بين15 و24 نسبة32.5بالمائة بعدما كانت 26.5بالمائة، وفي صفوف الشباب حاملي الشهادات بلغت19.8بالمئة بعدما كانت17.8بالمائة  [11]

ولد اشارت المندوبية السامية للتخطيط ان معدل البطالة ارتفع الى 1.534000 بزيادة242000  على المستوى الوطني منها185000  بالوسط الحضري و57000 بالوسط القروي  ،وزاد من حدتها الجفاف الذي عم البلاد في الفصل الثاني من سنة2021 ،كل ذلك اثر في سوق العمل وادى الى إنتشار البطالة لما يقارب13بالمائة، اذ تسببت كورونا في تسريح الكثير من العمال وتدهور القطاعات غير المهيكلة من خلال الإغلاق العام لسنة2020 ،وهذا يتطلب حزمة من الاجراءات الاستباقية لإحتواء الأزمة واستيعابها بأقل الخسائر على مستوى تزايد الاعداد الهائلة من المعطلين، ويبقى تحسن سوق الشغل وتراجع البطالة رهينا بأفاق النمو في النصف الثاني من سنة2021 التي تظل محاطة بمخاطر متعلقة بوتيرة الوضع الوبائي ومتحوراته  ،وخطر الجفاف والانكماش المقاولاتي واغلاق الصغيرة منها وافلاسها ،وهذا يفرض التخفيف من التدابير الاحترازية لينتعش الاقتصاد ،وخاصة المقاولات الصغيرة إذ أن 135000 شركة علقت أنشطتها مؤقتا مع الجائحة ،وأقفلت6300 شركة ومقاولة بصفة نهائية[12]  و57بالمائة من الشركات أوقفت نشاطها بسبب الوباء[13]

أدى هذا الوضع إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن البسيط ،وتراجع مستوى الطلب الداخلي وتوجيهه الى المواد الاساسية على حساب أوجه الإستهلاك الأخرى المكونة لسلة استهلاك الاسر المغربية وعمقت اشكال هشاشة السكان[14]، سبب اغلاق المقاولات والتوقف الذي واجهته بعض سلاسل القيمة العالمية قد أثر سلبا على العرض وبعض المؤشرات تظهر أن التأثير السلبي للأزمة كان أقوى على مستوى الطلب ،مما سبب في اختلال التوازن بين جانبي العرض والطلب[15]، لأن الاغلاق والتسريح للعمال أو منحهم نصف الأجرة أو تجميدها بالكامل كان هو السبب وراء عدم التوازن بين المستويين .

سياسات وبرامج سوق الشغل وادماج الشباب المغربي

من أهم مظاهر التفاعل الاجتماعي هو عملية الاندماج في الحياة الاجتماعية [16]،ويعترض هذا التفاعل عدة معوقات تحول دون انخراطهم وتكيفهم وتوافقهم وغياب ذلك يطرح اشكالية العارض مع الوسط الاجتماعي للفرد والبيئة الخارجية عموما ،وهو تعارض قد يصل حد الصراع الظاهري أو الخفي المعلن أو المكبوت والاندماج التام متعذر ،لأنه يفترض إزالة الاختلاف والتناقض والتنافر والصراع.[17]

تعتبـر آليـة عقـود التكويـن مـن أجـل الادمـاج تدبيـرا مركزيـا لتيسـير إدماج الشـباب حاملـي الشـواهد الذيـن لا يتوفـرون علـى أية تجربـة مهنيـة، وقـد عـرف عـدد المسـتفيدين مـن هـذا البرنامـج تطـورا بمعـدل سـنوي يناهــز %2,4 خــلال الفتــرة مــا بيــن 2017 و2019 ،فــي حيــن ســجل تراجعـا ملحوظـا خـلال سـنة 2020 يقـدر ب 1,16 % نتيجـة لآثار الأزمـة المرتبطـة بجائحـة كوفيـد19 ،كمــا عرفــت هــذه الآليــة عــدة تجويــدات همــت علــى الخصــوص اســتفادة المتدربيــن مــن التأميــن الاجبــاري الأساسـي عـن المـرض خـلال فتـرة التدريـب تمولـه الدولـة لفائـدة المسـتفيدين مـن عقـود التكويـن من أجل الادمـاج، وتحمـل الدولـة لحصـة المشـغل للإشـتراكات المسـتحقة علـى أربـاب العمـل للصنـدوق الوطنـي آليــات دعــم تشــغيل الشــباب بعقــد التكويــن مــن أجــل الادمــاج (برنامــج -تأهيــل ) وتطــور عــدد عقــود التكويــن مــن أجــل الادمــاج و توزيــع المســتفيدين مــن عقــود “التكويـن مـن أجـل الإدماج”  خـلال ســنة 2020 حســب الجهــات من أبريل 2017 الى يوليوز 2021  ،ومـن هنـا يتبيـن أن هـذه الآليـة تبقـى أساسـية لدعـم الإدماج المهنـي للشـباب حاملـي الشـواهد الذيـن يعتبــرون الشــريحة التــي تعانــي أكثــر الصعوبــات لولــوج ســوق الشــغل ،إذ أن معــدل بطالــة حاملــي الشــهادات يفـوق ضعفـي معـدل البطالـة الوطنـي للضمـان الاجتماعـي لمـدة 12 شـهرا فـي حالـة التوظيـف النهائـي للمتـدرب، بالإضافة إلـى إلـزام المقاولـة بتشـغيل مـا لا يقـل عـن %60 مـن المتدربيـن الذيـن أنهـوا التدريـب. وقـد أظهـرت مختلـف الدراسـات للأثر اعتمـادا علـى مقارنـة قاعـدة بيانـات الوكالـة الوطنيـة لإنعـاش التشـغيل والكفـاءات فيما يخص المسـتفيدين، وقاعـدة بيانـات الصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعـي إلـى أن مـا يفـوق مـن %60 مـن المسـتفيدين مـن هـذه الآليـة للتدريـب بهـدف اكتسـاب تجربـة مهنيـة أوليـة يتـم إدماجهـم فـي إطـار عقـد عمـل، وبالنسـبة لتحمـل الدولـة لحصـة المشـغل للإشـتراكات المسـتحقة علـى أربـاب العمـل للصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعـي لمـدة 12 شـهرا فـي حالـة التوظيـف النهائـي للمتـدرب، فقـد عـرف عـدد المسـتفيدين مــن هــذا الإجــراء تطــورا بمعــدل ســنوي يناهــز %35 خــلال  الســنوات الاخيــرة، منتقــلا مــن 3774 مســتفيد ســنة 2017 إلــى 9293 مســتفيدا ســنة 2020. وتطـور عدد المسـتفيدين من التغطية الاجتماعيةPCS  وتوزيــع المســتفيدين مــن التغطيــة الاجتماعيـة PCS خـلال سـنة 2020 حســب الجهــات[18]

يهـدف برنامـج “تأهيـل” إلـى ملاءمـة كفاءات الشـباب الباحثيـن عـن شـغل للحاجيـات المعبـر عنهـا مـن طـرف المقــاولات أو تلــك التــي يتــم تحديدهــا فــي إطــار الدراســات الاستشــرافية. وقــد عرفــت هــذه الآليــة بمكونيهــا التكويــن التعاقــدي مــن أجــل التشــغيل والتكويــن التأهيلــي أو التحويلــي تطــورا متواصــلا خــلال الفتــرة مــا بيــن 2017 و2019 ،حيــث انتقــل العـدد الإجمالـي للمسـتفيدين مـن هـذه الآليـة علـى التوالي من 6608 الى 9595 مسـتفيدا، يظهـر تتبـع المسـتفيدين مـن هـذه الآلية أن المعدل المتوسط للإدماج المهني بالنسبة للمسـتفيدين يفـوق %60( بيـن 70إلى80 % بالنسـبة للتكويــن التعاقــدي مــن أجــل التشــغيل) و بين40 الى%50 اي ارتفـاع بمعـدل سـنوي يناهـز %5,20 خلال هـذه الفترة  ب%1,33 بالنسـبة للتكويـن التعاقـدي و%6,1 بالنسـبة للتكويــن التأهيلــي خــلال ســنة 2020 ،إســتفاد مــن هـذه الآليـة مـا يناهـز 7579 مسـتفيدا، مسـجلا تراجعـا ب %21 مقارنـة مـع سـنة 2019 ،نتيجـة تداعيـات جائحة كوفيد19 والتــي أثــرت علــى آليــة التكويــن التعاقــدي الــذي انخفــض عــدد المســتفيدين منــه بنســبة 7,56 %، فيمــا ارتفــع عــدد المســتفيدين مــن التكويــن التأهيلــي أو التحويلــي بنســبة 4,59%

أثبت جل الدراسات أن فئة الشباب تشكل 51 بالمائة من السكان وشريحة الشباب لم تستفد من الفرص على المستويات السياسة والاقتصادية والاجتماعية ،ولذلك على الدولة أن تحرص على ضمان نمو إقتصادي يحقق المزيد من العدالة وسياسات إجتماعية مناسبة لتخفيض الفوارق الاجتماعية والاقتصادية ومساهمة أكبر لهذه الفئة في الحياة السياسية والمدنية.[19]

مع إيلاء الأهمية لمبادرات المجتمع المدني الشبابي في عمليات التدريب والتكوين والتنشيط الاقتصادي ،وتأهيلهم وتمكينهم من المساهمة في رسم السياسات العامة للبلاد من خلال تمثيلية المجتمع المدني الممثل لهم والمجلس الاعلى للشباب في صناعة القرارات التي تخص إدماجهم في سوق العمل وربط التأهيل الجامعي والمدرسي -النظري بالجوانب المعملية والمقاولاتية.

ورد بالمخطط الوطني للتشغيل2017-2021 إحداث لجنة لليقظة حول سوق الشغل وإطلاق برنامج تعميم التعليم الاولي والذي سيوفر 61000 منصب شغل في صفوف الشباب ،وتكوينات برنامج تأهيل المدبر من الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات،  وقامت الجهات المعنية بإصدار القانون الاطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين51 -17  من أجل ملاءمة التعليم مع متطلبات سوق الشغل (غشت2019). أما التوجه الاستراتيجي  المتعلق بتنويع برامج التشغيل النشيطة وتطوير الوساطة في سوق الشغل فقد أتت أكلها مثل : وضع منظومة إستشرافية للمهن والكفاءات، ووضع منظومة لرصد سوق الشغل وتطوير آلية لتتبع وتقييم مسارات إدماج الشباب في سوق الشغل، وتكييف مقتضيات مدونة الضرائب مع القانون المتعلق بنظام التكوين من أجل الإدماج بخصوص الحاصلين على شهادة البكالوريا لتمكينهم من الاستفادة من الإعفاء عن الضريبة على الدخل ووقعت الدولة إتفاقيتين مع الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي بهدف وضع برامج جهوية للإدماج الإقتصادي للشباب بجهات سوس ماسة، والرباط سلا القنيطرة، وطنجة تطوان الحسيمة، ومن بين نتائج حصيلة إنجاز برنامج “دعم ريادة الأعمال من طرف الشباب بالمغرب”(من اكتوبر2020 الى مارس2021) ،حيث إطلع 764.588شخصا على البرنامج واستفاد 250 شاب من غير حاملي الشهادات من التكوين و193 استفادوا من التكوين التأهيلي وأدمجوا في الحياة المهنية واستفاد 913 شابا من تكوين إشهادي في مجال تنمية القدرات المقاولاتية ،وأبرمت12 اتفاقية شراكة في إطار البرنامج المشار اليه[20] ومع هاته الجهود المبذولة لإدماج الشباب من طرف الدولة في النسيج المجتمعي ،ومع تزايد اعداد العاطلين عن العمل في صفوفهم  ،تبقى محتشمة وقاصرة وغير شاملة ،ويغلب عليها طابع الوعود أكثر من التفعيل الحقيقي.

 

نتائج البحث و توصيات

يعتبر الشباب  فئة عمرية تتميز بالحيوية والديناميكية واذا أعطيت لها الامكانيات اللازمة من تأهيل وتدريب وتكوين علمي متين ،وتشجيع مبادراتها الخلاقة والعمل على توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة ليست ظرفية مرتبطة بسوء استثمار طاقاتها المتنوعة، وتسهيل إمكانيات ولوجها لسوق الشغل، فبإمكانها أن تحدث نقلة نوعية في التغيير الاجتماعي بالبلاد ،ليرتقي إلى مصاف المنافسة الاقتصادية العالمية أو الكوكبية وبقوة، وألا يتم التعامل معها في الظرفية الانتخابية كأداة لمنح أصواتها السياسية فقط، ومن بين الامور التي ينبغي على الدولة ان تهتم بها ما يلي:

-ضرورة تفعيل المجلس الأعلى للشباب ،وأن تسند له مهمة إدماج فعلي لأهداف السياسات  العامة للشباب في مسار التخطيط والتنفيذ للقطاعات الوطنية الحكومية والجهوية والمحلية.

-مشاركة الشباب في صياغة السياسات المندمجة وضمان مشاركتهم في تفعيل الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب

-تجاوز النظرة الضيقة للشباب كقوة انتخابية تدلي بأصواتها ،بل يجب الإعتراف الفعلي بها كقوة منتجة وبانية للتنمية المستدامة وأي نشدان للتنمية بدونها ضرب من الخيال والوهم.

ان اهتمام الخطاب السياسي الرسمي لا يكفي وحده للنهوض بقضايا الشباب طالما تؤكد مؤشرات رقمية عديدة تنامي نسبة التهميش الذي يتعرضون له ،مما يجعل رهان تحقيق الإندماج والمواطنة الكاملة مطمحا ناقصا يزيد من شساعة الهوة بين آمال الشباب ورهانات السياسات العمومية ،مع تبني فلسفة واضحة لإدماجهم يتطلب مقومات أساسية كدمقرطة المعاملة الشبابية كقوة بناءة للإقتصاد الوطني وللحياة العامة ،والأخذ بالمقاربة التشاركية في تدبير كل ما يهمهم فضلا عن التتبع لمسارها وتقويم اختلالاتها بالإلتزام المجتمعي.

-الادماج الفعلي للشباب والاستماع لاقتراحاتهم وعدم اللجوء للمقاربة الامنية القمعية لاحتجاجاتهم من أجل توفير أبسط الحقوق لحفظ كرامتهم الانسانية ألا وهو حق العمل المكفول بالدستور واعتبارهم رعايا مكتملي المواطنة.

قائمة المراجع

-محمد الغياط  “الشباب المغرب يبين سياسات الإقصاء والإدماج الإجتماعي دراسة حول “علاقة سياسة وزارة الشباب والرياضة بإدماج الشباب” مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الاولى 2011

– محمد أحمد مرسي “دور التعليم العالي في إعداد الكفاءات من القوى العاملة” مجلة العلوم الاجتماعية المجلد13العدد4 لسنة1985

– الدكتور مختار حمزة “أسس علم النفس الاجتماعي “دار البيان العربي الطبعة2 جدة1982

 – نزار الدين “الشباب العربي والمستقبل  مجلة الوحدة طبعة دجنبر1987 العدد39          – مصطفى محسن “اندماج الشباب وقضايا الهوية منشورات كلية الآداب سلسلة ندوات             رقم  54  كتاب جماعي1996

-عبدالرحيم العطري “الحركات الاجتماعية بالمغرب مؤشرات الاحتقان ومقدمات السخط الشعبي” دفاتر وجهات النظر مطبعة النجاح الجديدة  سنة   2007 

– تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “الانعكاسات الصحية  والاقتصادية لفيروس كورونا كوفيد19 والسبل الممكنة لتجاوزها “احالة رقم28/2020

 

            [1]نادية رضوان” الشباب المصري المعاصر وازمة القيم” الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعة 1997ص 127

[2] نشرة إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط بتعاون مع البنك المغربي للتجارة الخارجية عدد مارس2020-رقم260 

[3]ادغار موران “مستقبل التربية “اثناء حديثه عن الثقوب السوداء للتعليم”

[4]محمد احمد مرسي “دور التعليم العالي في اعداد الكفاءات من القوى العاملة” مجلة العلوم الاجتماعية المجلد13العدد4 لسنة1985 ص134

[5]ليلي علي  “الشباب في مجتمع متغير تأملات في ظواهر الاحياء والعنف “دار المعرفة الجامعية الاسكندرية سنة 1995ص155

[6]نشرة إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط بتعاون مع البنك المغربي للتجارة الخارجية عدد مارس2020-رقم260 

[7]احمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التقرير السنوي لسنة2020 www.cese.maموقع 

[8]نزار الدين “الشباب العربي والمستقبل  مجلة الوحدة طبعة دجنبر1987 العدد39 ص28-29  

[9]نزار الدين “الشباب العربي والمستقبل  مجلة الوحدة طبعة دجنبر1987 العدد39 ص28-29  

[10]احمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التقرير السنوي لسنة2020 www.cese.maموقع 

[11]مدكرة اخبارية للمندوبية السامية للتخطيط في 03ماي2021

[12]خالد مجدوب قناة الاناضول الرباط بتاريخ22.04.2020

[13]نشرة إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط  بتعاون مع البنك المغربي للتجارة الخارجية عدد مارس2020-رقم260

[14]تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “الانعكاسات الصحية  والاقتصادية لفيروس كورونا كوفيد19 والسبل الممكنة لتجاوزها “احالة رقم28/2020

[15]تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “الانعكاسات الصحية  والاقتصادية لفيروس كورونا كوفيد19 والسبل الممكنة لتجاوزها “احالة رقم28/2020

[16]الدكتور مختار حمزة “اسس علم النفس الاجتماعي “دار البيان العربي الطبعة2 جدة1982 ص108

[17]مصطفى محسن “اندماج الشباب وقضايا الهوية منشورات كلية الآداب سلسلة ندوات قم54 كتاب جماعي1996ص33” 

[18]وزارة الشغل والادماج المهني “تقرير حصيلة المنجزات من ابريل 2017-يوليوز 2021 “

[19]محمد الغياط  “الشباب المغرب يبين سياسات الاقصاء والادماج الاجتماعي دراسة حول علاقة سياسة وزارة الشباب والرياضة بإدماج الشباب” مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الاولى2011

[20]وزارة الشغل والادماج المهني بالمملكة المغربية “حصيلة المنجزات من ابريل2017 الى يوليوز2021” ص20-25

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *