* يدير أكيندي يكتب.
تابعت بامعان اللقاء الصحفي للسيد رئيس الحكومة بمناسبة مرور مائة يوم على تنصيب الحكومة المغربية الجديد، وبغض النظر عن اقناع السيد رئيس الحكومة من عدمه؛ فإن ما اثراني بالفعل هو تلك المقاربة الاحسانية التي تطرق بها إلى الأشخاص في وضعية إعاقة، حينما قال ما مفاده ” عطينا المعوقين 500مليون باش الجمعيات اديرو”
السيد رئيس الحكومة ومن وراءه فريق التواصل، لا ينبغي لرئيس وزراء دولة كانت من أوائل الدول ألتي صادقت ووقعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، دولة تؤكد ديباجة دستورها على تحريم التمييز على أساس الإعاقة، أن يستعمل مصطلح قدحي تمييزي، يحرم هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين المغاربة والذين يفوقون 7،8% من سكان المغرب، من إنسانيتهم وادميتهم.
إن المنتظم الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان،يؤكد على ضرورة تبني المقاربة الحقوقية في التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة .فعندما نقول ” الأشخاص في وضعية إعاقة ” فإننا نؤكد أولا على أنهم أولا وأخيرا أناس قبل كل شيء تم عندما نضيف،في وضعية إعاقة،ففي ذلك تركيز على تفاعل القصور مع العراقيل التي يضعها المحيط أمام هذه الشريحة من المواطنات والمواطنين من أجل الوصول والولوج إلى الحقوق الأساسية التي بدونها لن يكون هناك احترام لادمية الإنسان.
عندما نجعل التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من تعليم وصحة وشغل مرتبط بجمعيات المجتمع المدني، فهذا يعني أن هؤلاء المواطنات والمواطنين هم في حكم الدرجة الثانية.
وإيمانا منا بأهمية إذكاء الوعي لمحاربة الصور النمطية والتمييزية والسلبية إتجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني استغل المرور الغير موفق للسيد رئيس الحكومة في ما يخص ما أشار إليه بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، فإنني اتقاسم معك هذا المقال الذي خصصته لهذا الموضوع.
الاعاقة تعاريف ومصطلحات
في كل مرة نتعاطى فيما معها إشكالية الإعاقة إلا وكل واحد منا يستعمل مصطلحات مختلفة وكثيرة، ليست بالضرورة صحيحة ودقيقة.
ففي مجال الإعاقة تطورت المصطلحات المستخدمة في السياق العالمي ومرّت بمراحل وتغييرات عدة. وعلى الصعيد الوطني مرت المصطلحات التي تتعلق بالإعاقة بمراحل مختلفة، موازية ومتأثرة أيضا بالتغييرات العالمية على صعيد الحراك العالمي لحقوق الأشخاص ذو الإعاقة.
وهكذا وعلى ضوء التغيير العالمي للمصطلحات، يستعمل العديد من المغاربة مصطلح أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذي اتبع في الغرب (People With Special Needs). وبعد فترة وجيزة بدأت تعلو أصوات ناقدة لهذا المصطلح الذي يركز فقط على الحاجات ويتمحور حولها لهذا فهو لا يتماشى مع المقاربة الحقوقية بل يتماشى مع المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الشخص وعلى المؤسسة الطبية أن تسعى إلى أن تصحيح هذه المشكلة بطرق مختلفة..
وهكذا تم تبني تعبير جديد يتماشى مع الرؤية والفكر الحديث للإعاقة التي تضع المسئولية في يد المجتمع وتناقض المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الإعاقة. لهذا تم تبني تعبير، شخص أو إنسان مع إعاقة (Person With Disability) وهنا يتم التركيز على الشخص كونه إنسان أولا وبالمقابل يعطى حيزا للإعاقة ووجودها. فالفكر الحديث في موضوع الإعاقة لا يؤمن بالتستر على الإعاقة أو العمل على مواراتها بل يرى أن جزءا كبيرا من التعامل مع الإعاقة وتقبلها هو الاعتراف بوجودها وبقدرتها على بناء التحديات فعندها يستطيع الفرد والمجتمع أن يتعامل ويتخطى هذه التحديات ويبدأ ببناء طرق بديلة من شأنها أن تسهل وتتلاءَم مع التحديات والاحتياجات المختلفة للأشخاص. بعد هذا التطور وفي سنة 2006 تم تبني هذا التعبير من قبل الأمم المتحدة عند كتابتها للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص مع إعاقة.
ومع كل هذا التغيير والتطورات على الصعيدين العالمي والوطني فاننا مازلنا نرى أن الكثير ممن يتعاملون مع الإعاقة ما زالوا حتى يومنا هذا يستعملون التعابير الاستعلائية، المهينة، السلبية وغير المنصفة بحق الأشخاص في وضعية إعاقة. فهذه التعابير وإن دلت على شيء فإنها تدل على الآراء المسبقة والمشوهة التي يتحلى بها مجتمعنا اتجاه هذه الفئة، أن المسئولية هي مسئولية عامة وشاملة لكافة أطياف مجتمعنا المغربي للعمل على إحداث تغيير جذري في التوجه للأشخاص في وضعية إعاقة وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية، الفكرية وحتى التعابير اليومية.
ولفهم كل هذا، فإنه يجدر بنا محاولة الإجابة على التساؤلات التالية والتي نراها ضرورية.
فما هي الإعاقة؟ ومن هم الأشخاص من ذوي الإعاقة؟ وما هي حقوقهم المشروعة كبشر، وعلى رأسها حقهم في التعبير عن أنفسهم، عن حاجاتهم، ورغباتهم، وتطلعاتهم وفق المواثيق الدولية وفي مقدمتها شرعية حقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب في 30 مارس 2007 وصادق عليها وعلى بروتوكولها الاختياري في 8 أبريل 2009، ودستور 2011.
لنتفق أولا على أن الإعاقة قضية عادلة، وإن الحقائق والأفكار أقوى من الكلمات المعبرة عنها، لكن هذه الحقائق والأفكار لا يمكن أن تصبح قوية حتى تُعرف، وفي معظم الأحيان يتطلب ذلك صياغتها بشكل ملائم، بوسائل محددة جداً للجماهير المتلقية لها، فمن دون (لغة ملائمة) تصبح الحقائق والأفكار وحتى القضية بحد ذاتها بلا جدوى، غير قادرة على توليد الفكر، وإيصال المعاني.
يؤثر الإعلام تأثيراً بالغاً في فهم الحقائق وتفسيرها، ولا يخفى على أحد أنه يترتب على أصحاب القضية أنفسهم إتقان اللغة الإعلامية والانطلاق متسلحين بها، لشرح قضيتهم، وإيصال أفكارهم كما يرونها، فحركة الإعلام تجاه التحركات المطلبية للأشخاص من ذوي الإعاقة لا تكفي، بل قد تشوه القضية، وتحصرها في النموذجين الطبي والخيري.
ومساهمة منا في تنوير الرأي العام وخاصة، والمهنيين بمجال الإعاقة فإننا سنحاول خلال هذه الورقة التعريف بالإعاقة، وحصر أنواعها، مع إعطاء تعاريف وأمثلة، ثم نحاول من خلال مقارنة لبعض المصطلحات الرائجة والتي ينبغي القطع معها، ونبين لماذا.
ثم نقترح مصطلحات تتماشى مع الوضع الدولي وتواكب المقاربة الحقوقية التي يؤكد عليها دستور 2011 والاتفاقية الدولية، ونختم الورقة باهم ما جاءت به هذه الاتفاقية والتي أصبحت بموجب القانون ملزما لبلادنا.
الإعاقة والقضية
للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بـأنها عبارة عن (فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم، ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة.
في أنواع الإعاقة
الإعاقات أربع: حركية، حسية، ذهنية، عقلية، ويوجد تقسيم آخر يضم الذهنية والعقلية معاً.
الإعاقة الحركية:
هي فقدان، جزئي أو كلي، لقدرة الشخص على القيام بالمهارات الحركية (كالمشي، الوقوف، حمل الأشياء، صعود ونزول الدرج، استخدام الأصابع للكتابة…)، وتنتج عن تقصير أو خلل وظيفي بدني معين كالشلل السفلي أو الرباعي، بتر الأطراف، شلل الأطفال، الحروق، الضمور العضلي، الروماتيزم، خلع الورك… وقد يضطر الشخص الذي لديه حاجة إضافية حركية إلى استخدام معينات طبية الكرسي المتحرك، العكاز، طرف اصطناعي أو وسائل مساعدة كالأدوات المساعدة للكتابة أو الطباعة.
الإعاقة الحسية:
وتشمل الإعاقة السمعية والبصرية والنطقية.
الإعاقة السمعية: هي فقدان القدرة على السمع (بشكل جزئي أو كلي) مع أو بدون مشاكل في النطق، بسبب خلل في الجهاز السمعي، بحيث لا يتمكن الفرد من فهم الكلام أو الأصوات إلا عن طريق استعمال أجهزة سمعية معينة أو عن طريق قراءة الشفاه أو لغة الإشارة.
الإعاقة البصرية: هي فقدان البصر (بشكل جزئي أو كلي) أو ضعف بصر شديد، وقد يضطر الشخص إلى استعمال معينات مثل العصا البيضاء أو نظارات خاصة أو أجهزة مساعدة مثل برامج الكمبيوتر الناطقة، أو الأحرف النافرة (برايل).
الإعاقة النطقية: هي فقدان القدرة على النطق بشكل جزئي أو كلي، أو وجود مشاكل في النطق، قد تضطر الشخص إلى استعمال لغة الإشارة للتواصل.