بقلم ابو ايوب
في خرجته الاخيرة صرح رئيس الحكومة المغربية السيد عزيز اخنوش ( من اراد ان يتعامل مع المغرب في سياسته الخارجية عليه ان يعرف امرين سبق للعاهل المغربي محمد السادس ان ذكرهما في خطاباته ( الوفاء و الطموح ) ، ثم اضاف ( لو حضر الوفاء فيمكن ان يكون هناك طموح كبير لنسير معا في مشاريع كثيرة و تكتلات مستقبلية ).
الامر يبدو هنا كرسالة موجهة لكل الاطراف المعاكسة للطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء ، و بناء عليه يبدو ان الرسالة موجهة بالاساس لاسبانيا المستعمرة سابقا للاقليم ، من زاوية مسؤولياتها التاريخية و الاخلاقية …..كما كان الشأن بالنسبة لفرنسا و استعمارها للجزائر مثلا ، و هذا ما يطرح اكثر من علامة استفهام كبرى على ضوء التأزيم المتصاعد في علاقات البلدين ، فضلا عما يعتري مواقف باقي الدول الاوروبية و على راسها المانيا قاطرة القارة العجوز التي تبحث عن تشبيبها ؟ .
* اسبانيا جارتنا الشمالية قامت منذ ايام قلائل بدعوة كل مؤسساتها التعليمية بالانخراط في جمع التبرعات و المساعدات لفائدة ساكنة مخيمات تندوف ، في الوقت الذي زار فيه وزير خارجيتها خوصي مانويل ألباريز الولايات المتحدة الامريكية ، حيث التقى بنظيره الامريكي انتوني بلينكن و توافقا على تنسيق المواقف فيما يتعلق معالجة بنزاع الصحراء الذي طال امده. موقفها هذا يستمد خطورته من مدى تأثيرها على مواقف مستعمراتها السابقة بالامريكيتين الجنوبية و اللاثينوامريكية التي تشهد حاليا تمددا للفكر اليساري المعاكس للمصالح المغربية .
* الولايات المتحدة الامريكية بدأت تتخلى تدريجيا عن بيان رئيسها السابق دونالد ترامب المعترف بمغربية الصحراء ، و هي لحد الساعة لم تبادر او لم تفعل قراره بعد بفتح قنصلية بالداخلة رغم مرور ازيد من سنة ، فضلا عن مواقفها الرسمية الداعمة للمسار الاممي و المساندة للمبعوث الشخصي ديميستورا ، بل الادهى و الأمر انها لم تعين بعد سفيرا لها بالمملكة…، و هذا ما يعطي الانطباع بحسب ظني ان الامور ليست على ما يرام و بعض الظن اثم ، ما يدعم الظن ما صدر من تصريحات من اعلى المستويات ( وزارة الخارجية. وزارة الدفاع. تشريعات الكونغريس. مجلس الامن القومي.كبريات الصحف الامريكية ).
* رغم اعادة العلاقات بين المغرب و المانيا ، الا ان هذه الاخيرة لم تبدي اي تغيير في موقفها بخصوص قضية الصحراء ، بحيث بقيت وفية لموقفها المعلن منذ امد بعيد و هو موقف داعم للقانون الدولي و قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالنزاع على الصحراء بحسب تصريحات المسؤولين الالمان ، الذين اجمعوا على بقاء الموقف الالماني على ماكان عليه تماشيا مع قرارات الامم المتحدة
* اسرائيل حليفتنا القديمة الجديدة ….التي طبعنا معها و هذا حق دولة في اختياراتها و توجهاتها السيادية ، و هي بالمناسبة التي وقعنها معها اتفاقيات امنية استخباراتية عسكرية ارتقت لاتفاقية دفاع مشترك بحسب الرائج اعلاميا ، هي نفسها التي لم تبادر الى الاعتراف الواضح بمغربية الصحراء و سيادة المملكة على اقاليمها الجنوبية ، ربما تفاديا للاحراج او احتراما لقرارات مجلس الامن رغم كونها لم تحترم قط القرارات الدولية ذات الصلة بقضية فلسطين .
* فرنسا حليفتنا التقليدية التي لا تتهاون في استعمال حق الفيتو حماية و دفاعا عن مصالح المملكة بدأت تتراخى بمعنى من المعاني ، و قد لوحظ بالفعل كا تم رصد غياب اي زيارة لمسؤول فرنسي للمملكة ما بعد تفجر فضيحة بيغاسوس و ما صاحبها من اخبار عن تعرض هواتف شخصيات اعلامية و سياسية للتجسس على راسها هاتف الرئيس ماكرون نفسه .
* تونس الخضراء البلد الصغير الذي لم يقف بعد على ارجله ، لا زالت تعاكسنا من خلال موقفها بمجلس الامن الدولي عندما امتنعت عن التصويت على القرار الاممي الاخير رقم 2602 الصادر نهاية اكتوبر 2021 الى جانب روسيا ، و هي نفسها التي وجهت دعوة الحضور ل( شبيبة البوليساريو ) في ندوة تأطيرية سياسية احتضنتها تونس الشقيقة مؤخرا ، و هذا وحده كفيل باستخلاص العبر و الدروس .
* مواقف الدول الاسكندنافية المعادية للوحدة الترابية للمملكة و تأثيرها الواضح في مواقف باقي الدول و الاحزاب الأوروبية( الخضر مثال) ، و كما هو معلوم ان الحزب هذا اصبح من المكونات الرئيسية لمختلف الحكومات الاوروبية و على راسها المانيا ، فضلا عن موقف بريطانيا الداعم صراحة لحق تقرير المصير لا سيما بعد البريكسيت و انفصالها عن اوروبا كمنظومة دول اتحاد اقتصادية سياسية .
* تراجع بعض الدول اللاثينية كبوليفيا و البيرو و الافريقية كتانزانيا و مملكة الليسوتو مثالا لا حصرا ، عن مواقفها الداعمة للمملكة في قضية الصحراء ، و ما قد يستتبعها من مواقف مشابهة لدول تتأرجح انظمة حكما بين اليسار و اليمين ….، و هذا في تقديري و في حد ذاته يطرح اكثر من علامة استفهام حول مدى وفاء هذه الدول بتعهداتها اتجاه المملكة ، و عن مدى التزامها كدول بما عاهدت عليه و التزمت به ضمن اطار توافقات سياسية و من حيث المبدأ، بقدر ما هو مبعث قلق و توجس من امكانية تغير مواقفها من النزاع ..
* الخبير و الفيلسوف الصيني في كتابه فن الحرب ( L’ art De L A GUERRE ) , و هو كتاب تحفة لا زال يدرس لحد الساعة في كبريات المدارس و المعاهد و الكليات الحربية بشتى دول العالم ، استنتج استحالة ربح اي حرب بدون الارتكاز على حاضنة شعبية او جبهة داخلية متراصة غير متصدعة و لا مشروخة ، و هذا ما رمز اليه ب ( POPULATION FAVORABLE OU NON ) لتحمل اي مجهود حربي لدولة ما ، و هذا ما يحيلنا قطعا الى الحالة النفسية و الاجتماعية للحاضنة الشعبية و مدى قدرتها على التحمل و الفداء ، بدل الوفاء و الطموح كما لوكها المسؤول الحكومي و شتان ما بين القدرة و الرغبة ( / VOULOIR ( POUVOIR .