بقلم ابو ايوب .
أسعار النفط و الغاز في تصاعد مستمر و قد يستمر طويلا ، حيث بلغ سعر برميل النفط مثلا قرابة 100 دولار ، و أكبر منتج و مصدر للغاز في العالم روسيا أكثريته تصدر لألمانيا و اليونان و ايطاليا و فرنسا…عبر انبوبين ، و الصين عبر انبوب في انتظار اكتمال مشروع انبوب ثان لتأمين احتياجاتها الغازية . مجموع ما تصدره روسيا أكثر من 80 مليار متر مكعب لدول العالم ، فيما الجزائر حليف المحور يؤمن بعضا من احتياجات كل من اسبانيا و البرتغال ، حوالي 12 مليار متر مكعب عبر انبوب الابيض المتوسط مباشرة الى الميريا ، و ايطاليا و اليونان عبر انبوب الجزائر تونس الذي تستفيذ منه الاخيرة من كميات مجانية و اسعار تفضيلية و عائدات حق المرور كما كان عليه الشأن بالنسبة للمغرب ، و الجزائر مالطا بما يقارب في المجمل 20 مليار متر مكعب من الغاز .
موضوع الساعة الأزمة الأوكرانية التي أراد الحلف و الادوات استغلالها لاضعاف روسيا و من ورائها طبعا باقي حلفاء المحور كالصين و ايران ……، هدفه توسع حدود الحلف و انهاء تبعية اوروبا للغاز الروسي من اجل اضعاف القيصر و محاصرة الصين و مشروع طريق الحزام و الطريق الذي في نجاحه تهديد مباشر خطير على الريادة الامريكية ، و في حال غزو روسيا لاراضي اوكرانيا ليس للغرب ما يفعله سوى فرض عقوبات اقتصادية ( بايدن يهدد بقطع انبوب الغاز الروسي نحو المانيا/ وزير الخارجية بلينكن يتوقع الغزو في اية لحظة/ اوروبا تتخوف و تتوجس في ظل غياب البديل عن الغاز الروسي ). فما هو البديل ؟
صحيح ان امريكا بلد منتج للغاز و يستطيع ان يؤمن الاحتياجات لكن بنسب اقل ، كما هو صحيح ايضا ان قطر ثالث بلد مصدر للغاز تستطيع المجاراة ، لكن هذا يتطلب تصديره عبر الناقلات مما يزيد في التكلفة فضلا عن عامل الوقت ، و ما ينتج عنه من ارتفاع اثمنة كراء الناقلات على ضوء ارتفاع الطلب ، و هذا ما يحيلنا قطعا الى المتوقع اتخاذه من قرار روسي ردا على العقوبات الاقتصادية الغربية و بالاساس المانيا. بريطانيا. امريكا
بالتالي تساؤل يفرض نفسه عن البديل المتوقع للغاز الروسي نحو اوروبا ! بكل تأكيد ان البديل سيكون جزائريا بامتياز و هي حليف للمحور ، فهل بالوارد ان تحل الجزائر محل روسيا من حيث تأمين احتياجات أوروبا من الغاز ؟، الاخبار المتداولة تقول بان هناك مفاوضات اوروبية امريكية جزائرية تنشد رثق الخصاص في حال قطع الغاز الروسي نحو اوروبا بعد التهديد الامريكي بقطع و اغلاق الانبوب ، كما يمكن الاستعانة بغاز قطر رغم ان الامر جد مكلف و الكميات لا تكفي لسد الخصاص.
برأي الخبراء ، الجزائر بامكانها و في اقصى حدود طاقتها الانتاجية تأمين حوالي 60 مليار متر مكعب من الغاز لاوروبا سنويا( 20/30 مليار متر عبر تونس ايطاليا و الجزائر مالطا/ 12 مليار متر عبر خط الجزائر اسبانيا البرتغال/ 10 ملايير متر عبر الناقلات) ، فيما قطر تستطيع تأمين حوالي 8 ملايير متر عبر السفن الناقلة و ما يتطلبه هذا من وقت اضافي في زمن الحرب و حرب الغاز تطرق الابواب ، بدل طرقتها من ابوابها الواسعة و على كافة الصعد و الاصعدة ثقلا عسكريا و تموقعا اقتصاديا و وزنا سياسيا على مسرح السياسة الدولية ، بالتالي قد يعتبر هذا اعلان ميلاد عالم متعدد الاقطاب شاء الغرب ام ابى ، و خير دليل عليه الملف النووي الايراني و هي الاقل قوة و تاثيرا ووووو… في مواجهة حلف امريكا و ادواتها ، فما بالك برواد المحور و الحلفاء ؟ .
قد يقول قائل بأن الجزائر ان هي حلت مكان روسيا في تصدير الغاز نحو اوروبا قد تعد طعنة في الظهر و هذا ما سوف يثير حنق و غضب القيصر ، في المقابل هناك رأي عقلاني منطقي بلغة العد و الحساب يقول بموقف قوة لصالح روسيا و محورها ، اذ انه يعتبر تقوية لحليف في شمال غرب افريقيا عسكريا و اقتصاديا على ضوء ارتفاع اسعار الطاقة .
كما هو كذلك تقوية له في مواجهة الحلف الاطلسي و الادوات و الآخد في التراجع و انحسار النفوذ ، فضلا عن كونه تأمين لمشروع حليف محور ( طريق الحرير الصيني نحو افريقيا) ، لهذا سارعت كل من روسيا و الصين الى تسليح الجزائر باحدث من انتجته الصناعات الحربية الروسية بحريا و جويا و بريا و جوفضاء بما فيها الصواريخ الفرط صوتية سيركون …، و عين مشروع المحور و الحلفاء هذا على غاز نيجيريا و ربطه بالجزائر عبر النيجر ، نحو اوروبا استكمالا لطوق طاقي يفرض فرضا على خاصرة القارة العجوز أداة الحلف من ضمن ادوات افريقية اسيوية عربية…
بالتالي على اوروبا الواقعة في كماشة ، الاختيار بين امرين احلاهما مر ، اما الاذعان لمشيئة القيصر اوروبيا و تقديم ضمانات غربية اطلسية تضمن عدم توسع الحلف و الادوات ، أو انتظار و ترقب ما سوف يسفر عليه الامر في الخاصرة الرخوة للحلف الاطلسي ، بعدما دقت حرب الغاز طبولها افريقيا و بالضفة الشمالية للأبيض المتوسط ، حيث الهيمنة البحرية للجارة الشرقية بشهادة اوروبا المرتعبة من قدرات عسكرية جزائرية ليست موجهة بالاساس لجارها الغربي المغرب ، فضلا عن البحبوحة النفطية الغازية و الانتعاشة الاقتصادية/ الديبلوماسية و على اكثر من صعيد .
كما تجدر الاشارة الى حرب الغاز هذه و مفاعيلها و تأثيراتها على الاقتصاد المغربي في زمن كورونا و الازمة السياسية مع اوروبا ( المانيا. اسبانيا مثال ) .فبالامس القريب ان كنتم تذكرون ، قيل لنا بان المغرب نجح في معركة كسر عضام مع الدولتين من زاوية اقتصادية ( خنق اقتصاد على مليلية و سبتة مثال) ، اما سياسيا فقد ارغم المانيا على تغيير موقفها من قضية الصحراء بالتالي اعيدت العلاقات بعد قطعها ، نشوة مغربية عمت ما بعدها من نشوة و هذا مدعاة للافتخال اليس كذلك ؟
و بالامس ايضا قيل لنا باننا لا نحتاج لغاز الجزائر و ان المغرب بصدد عقد صفقات مشاريع خزانات عائمة ، و انه سيستورد الغاز من قطر و من اسرائيل و امريكا …، كما بشرنا من قبل بغاز تيندرارة و العرائش و حوض سبو و الصويرة و اكادير و نفط تالسينت ” صناعة الوهم بامتياز و الدليل فيما يتبع” ، و قيل لنا ايضا بحسب تصريحات رسمية بأن المغرب يهدد اسبانيا بقطع انبوب الغاز ان هي لم تغير موقفها من قضية الصحراء ، كما قيل رسميا بان المغرب لن يعيد التفاوض حول انبوب الغاز الجزائري الا بشروط ، من بينها الرفع عائدات حق المرور…
وقتذاك كان المغرب يستفيذ من حوالي 850 مليون متر مكعب من الغاز الجزائري باسعار تفضيلية ، فضلا عن نسبة محددة مجانية و عائدات المرور عبر التراب الوطني شأنه شان تونس اليوم ، و اليوم المغرب بالضبط و في غياب البدائل المعسولة و المواعيد العرقوبية و التنويم المغناطيسي بالاحلام الوردية و المستقبل الواعد …..، اصبح يتسول و يشحد توريد الغاز من اسبانيا التي حاصرناها اقتصاديا و اركعناها سياسيا و اخضعناها عسكريا ……الى ان ارتعدت الفرائص و ارتعبت ….فاي منطق هذا يا هذا ؟ .
بحسب الخبراء دائما ، عملية عكسية الضخ عبر الانبوب الرابط بين المغرب و اسبانيا تتطلب استثمارات حددت ما بين 200 و 250 مليون دولار كمصاريف لتأهيل الانبوب بالاخص في شطره البحري في ظرف زمني لا يقل عن سنة ، و في غياب بنى تخزينية للواردات الغازية ( خزانات عائمة مثال) ، يتوجب على المغرب توجيه امدادته من الغاز المسال نحو الموانئ الاسبانية ، و من بعد الى مصانع اعادة الغاز الى شكله الطبيعي قبل اعادة الضخ بشكل عكسي عبر انبوب المغرب العربي نحو المملكة ، و هذا ما يزيد من تكلفة الغاز بنحو 160% على كاهل خزينة الدولة و ما يستتبعه من غلاء المعيشة و ارتفاع الاسعار و تداعياته الاجتماعية على حاضنة شعبية او جبهة داخلية في زمن حرب الغاز و حرب الصحراء الثانية رغم الانكار الرسمي لها ، و ما يتولد عنها الى ما يشبه قلاقل او حالة تذمر و فوضى البلد في غنى عنها !
لذا اتسائل من منطلق حس وطني غيور على وطن يجمعنا جميعا نستظل بسماءه رغم مختلف الانتماءات و الولاءات و الولاء واحد ، الى اين يسير الوطن في ظل حرب كسر عضام تدور رحاها بين محور و حلفاء يقابله حلف و ادوات ؟ و اين موقعنا من الاعراب في زمن التكتلات الاقتصادية و التحالفات السياسة و العسكرية ؟ و هل أخطأنا الاصطفاف و التموقع ؟ فأمريكا مشهود لها ببراغماتيتها وفق المصالح كما هو مشهود لها التضحية بأقرب الادوات ( ماركوس الفلبين/ شاه ايران/ سادات مصر مثال ) ، انعمتم مساءا .