الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

أوكرانيا: الهجوم الروسي يعمق حدة الخلاف داخل الكنيسة الأرثوذكسية التابعة لبطريركية موسكو.

نص:فؤاد المطران|مهدي شبيل.
بعد الهجوم العسكري الروسي، نأى المؤمنون الأوكرانيون ورؤساء الكنيسة الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو بأنفسهم عن رجال الدين في موسكو، مما أثار تساؤلات حول أحد أهم مواقع نفوذ الكرملين في البلاد. فيما يلي تقرير من داخل كنيسة جنوب كييف يعكس هذه الأجواء.
لحظة من السكوت، والركوع أرضا، واستدارة عن ضجيج الحرب في أوكرانيا. صمتت جوقة الكنيسة الأرثوذكسية في أوبوخيف، على بعد 40 كيلومترًا جنوب كييف، بينما تجمع حوالي 30 مصليا لتوديع أحبائهم الذين سقطوا تحت نيران المدافع الروسية.
فصلوات الكاهن للسلام خلال قداس الأحد 6 آذار/مارس لم تتمكن من تخفيف قلقهم. الوجوه بقيت صامتة، وحدها همسات بعض الأطفال خرقت أجواء السكوت. وفيما لا تزال تحت صدمة الاجتياح، تمسح ناديجدا دمعة قبل أن تقف مجددا.
‏”اجتياح مولم”
وقد تحدثت إلى فرانس24 قائلة: “بالطبع، إنه اجتياح مؤلم… يجب حماية البلد، لكن يجب التفكير أيضا كيف نوقف الحرب”.
من جانبه، يعتبر فولودومير أنه يجب الاستمرار في الدفاع عن البلد ضد المعتدي الروسي. فهذا الموظف البالغ من العمر 50 عاما والذي يعمل في شركة تصنيع طيران، يعرف أشخاصا منخرطين في القتال.
ويضيف: “قمت بالخدمة العسكرية في الجيش السوفياتي في موسكو، خلال الثمانينيات، ولم أتوقع شيئا كهذا. لقد تمكن جيشنا من إلحاق خسائر لم يعرفها الجيش الروسي مطلقا… أنا واثق من أننا سننتصر”.
لكن تصريحات هؤلاء تأتي على نقيض تام مع البطريرك كيريل بطريرك موسكو والزعيم الروحي الأعلى لهذه الكنيسة. فبعد ثلاثة أيام على اندلاع هذه الحرب، هاجم البطريرك “قوى الشر” التي تقف ضد الوحدة التاريخية بين روسيا وأوكرانيا. 
ويوجد في أوكرانيا كنيستين أرثوذكسيتين متنافستين: واحدة مستقلة وأخرى تابعة لبطريركية موسكو. ونظرا لتاريخها القديم الذي يمتد 300 سنة، فإن هذه الأخيرة تعد الأكبر في أوكرانيا لاحتوائها على عدد أبرشيات أكبر.
وقد ساهمت هذه الحرب وأهوالها في تعميق الخلاف بين رجال الدين في موسكو والفرع الأوكراني لبطريركية موسكو. فقد استنكر متحدث باسم الفرع الأوكراني الجمعة أكاذيب الكرملين لتبرير الحرب.
“السلطات الروسية تكذب”
وأعلن الأب نيكولاي دانيلفيتش في حديث مع فرانس24 و”أر أف إي” قائلا: “نعم، الكذب خطيئة والسلطات الروسية تكذب. وقد صدقها الكثيرون: قال المسؤولون إنه لن تكون هناك حرب، وإنهم لم يخططوا لأي شيء”.
وأوضح المتحدث ألكنسي، من مكتب دير كييف قائلا: “لذلك فإن الهجوم الروسي خيانة كسرت جميع أشكال الثقة”.
لكن وعظة ذلك القداس في كنيسة أوبوخيف المتواضعة كانت أكثر اعتدالا. فتحدث الأب سيرجي ستوليارشوك بالعموميات الدينية، داعيا إلى الصلاة والسلام، من دون الانحياز لأي طرف في الصراع المستمر. كما أن مسألة السلطة الرسمية لبطريرك موسكو، كيريل، لا تزال من المحرمات. فقد فضل ستوليارشوك التستر خلف الطابع “اللاسياسي” للكنيسة، تجنبا للتعليق على تصريحات البابا كيريل.
لكنه مثل باقي الأوكرانيين، فقد تأثر بهذه الحرب الروسية ضد بلاده. وقد علم بشأنها في الساعات الأولى من الهجوم عندما اتصلت به ابنته، التي تعيش بالقرب من مطار بوريسبيل، مذعورة لإعلامه بأنها تسمع انفجارات.
وعبر كاهن كنيسة أوبوخيف عن حزنه في مقابلة بعد انتهاء القداس قائلا: “هذا بلدنا وهذه أرضنا وهذا شعبنا… فكيف يمكننا أن نظل غير مبالين؟”.
وأضاف: “نصلي لجيشنا، ونصلي لأمتنا، لأننا أمة”، ردا على إنكار بوتين وجود أمة أوكرانية. وتابع: لا يمكنني حمل السلاح، وسلاحي الوحيد هو الصلاة”.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *