بقلم ابو ايوب
الجناح الشرقي ما بعد الشرق الاوسط و الخليج الفارسي في تموج مستمر ، لحدود الساعة و ما بعد العمليات الروسية بأوكرانيا ….اسفر عن شراكة عسكرية بين الثنين الصيني و الدب الروسي ، عدا عن التعاون الاقتصادي و السياسي و العلاقات الاكثر تميزا ، لا سيما بعدما وصلت حد ربط مصيرهما المشترك في مواجهة المنظومة الغربية بزعامة العم سام .
* الصين كقوة اقتصادية عالمية طور التبلور ، و ما ثمثله من ثقل اقتصادي متنوع غزى العالم اجمع لم يسلم منه ، ناهيك عن انها قوة عسكرية ضاربة و ثالث قوة نووية بعد روسيا و امريكا ، دون الاتيان على ذكر اليد العاملة المتخصصة و الرخيصة ، او ما تشكله من ثقل مالي قد يعصف بللاقتصاد الامريكي ( اكثر من 75% من سندات الخزينة الامريكية تتحوزه الصين مثال) .
* روسيا و ما تمثله من ثقل اقتصادي/ طاقوي/ منجمي/ غذائي/ عسكري كاول قوة نووية و ثاني قوة عسكرية..و هذا ما يبرز مدى التفوق الروسي بدون منازع مقابل نظيره الامريكي و معه كامل المنظومة الغربية ، فضلا عن بعض الدول الاخرى كاليابان و استراليا .
* زيارة نانسي بيلوسي لتايوان في تحد كبير للصين ، و ما تولد عن الزيارة من مناورات و تحرشات عسكرية ببحر الصين الجنوبي و مضيق تايوان ، و اطلاق صواريخ بالستية سقطت بالمياه اليابانية….، و ما تم الكشف عنه اليوم من تحليق قاذفات استراتيجية نووية امريكية نوع B2 و طائرة تجسس و طائرات الاف 18 بالمنطقة ، كل هذا يسير في اتجاه واحد معاكس للسياسات الامريكية رغم بهلوانيات الاخيرة و خرجاتها الاعلامية على لسان اكثر من مسؤول ، كيف ذلك ؟
* الشراكة العسكرية بما يشمل النووي و التصنيع / الطاقوية/الاقتصادية الجيوستراتيجية بين الدب و الثنين ، و بعدما تبين لهما عجز امريكا و المنظومة الغربية على شن حرب تقليدية كانت ام عبر وكلاء ( زيلينسكي اوكرانيا مثال) ، و هذا ما تؤكده المستجدات و الوقائع و الاحداث على ارض الواقع ( حقيقة ان الغرب في ازمة قد تكون قاتلة شملت كل مناحي الحياة و فصل الشتاء على الابواب) .
قلت بعدما تبين لهما….، هما اليوم العين على الشرق الاوسط و بالاخص اسرائيل اليد الموجعة اكثر لامريكا ( احمرار عيون الدب و الثنين في وجه الكيان العبري ، كمثال السماح الروسي بمد المقاومة الفلسطينية بصواريخ ضد الطائرات و الدبابات و المدرعات ، و من البديهي و المؤكد ان تنضم الصين الى عملية التسليح هذا ( الصين تترأس حاليا الدورة الشهرية لمجلس الامن الدولي ) .
و بالتوازي العين على الدول العربية الخليجية من خلال ربط و تقوية العلاقات معها ، علاقات شملت اكثر من مجال و هذا ما يشكل في حد ذاته تعزيز لمكانة ايران حليفهما الاستراتيجي بالمنطقة ، و من شأن هذا التعاون الروسي الصيني العربي ان يشكل قيمة مضافة داعمة لايران في ملفها النووي مع الغرب و من خلفه امريكا ، و هذا دليل كاف على بداية تبلور و تشكل نظام عالمي جديد على انقاض عالم دام لاكثر من عقد و هو اليوم يحتضر .
و للدلالة على هذا ، لا بأس ان نلقي نظرة على الجناح الغربي ما بعد الخليج الفارسي و الشرق الاوسط الكبير ، و بما يطل على الاطلسي و يشمل جنوب غرب الابيض المتوسط و ما تمثله الجغرافيا من وقع و ثقل اقتصادي/ طاقوي/عسكري/ استقلالية القرار السياسي السيادي من منظور الند للند ، اي بما معناه احكام طوق فكي الكماشة عنوان المقال ، الفك الاول كان من مسؤولية الدب و الثنين …..و فكنا الثاني بطابع و خاتم حيوان( الفينيك) ، كيف ذلك ؟
* قلت و رددت في مناسبات و مقالات عدة ، بأن التسلح الجزائري ليس موجها نحو المغرب بقدر ما هو موجه للخاصرة الرخوة للمنظومة الغربية الاطلسية جنوب غرب المتوسط ، وفق منظور صيني روسي خادم للانظمة الوطنية كضمانة لانجاح و تمرير الشراكات و الاستثمارات بافريقيا على وجه الخصوص ، ثم تجسيدا لطرق الحرير الصيني العابر للصحراء و التعاون الروسي الافريقي ، و من اجل هذا يتحتم عليها بالضرورة تقوية حليفهما التقليدي بالجناح الغربي و اعني به الجزائر، مع تمكينها من كل ما يضمن التفوق و الريادة استكمالا لفك الكماشة هذا ، و للدالة اليكم ما يفيد
* سابقة من نوعها في التاريخ ، دولة عالمثالثية تفرض عقوبات على دولة اوروبية متحضرة لها باع تاريخي ، و رابع اقتصاد اوروبي و اعني بها اسبانيا ثأر دم مع الجزائر يعود الى معركة نافارين التي حاول من خلالها الملك الاسباني احتلال وهران ، معركة تكبد خلالها هزيمة مدوية على اثرها رمى بتاجه بمياه البحر ، و منذ ذاك الحين الملوك الاسبان لا يرتدون التاج الى يومنا هذا .
* خسائر الاقتصاد الاسباني اليوم تعد بالمليارات بعد القطيعة مع حكومة سانشيز ، و هذا ما يشكل اعباءا مضافة ترهق دافعي الضرائب الاسبان ، الغاء اتفاقية التعاون و حسن الجوار ، الغاء الرحلات الجوية بين البلدين، وقف التحويلات البنكية و الغاء كافة اشكال التعاون المالي بين الابناك ، وقف استيرات الحديد 300 مليون يورو ، وقف استيراد اللحوم 6 ملايين يورو شهريا ، تخفيض حجم الصادرات الغازية الى حوالي 50% او اقل بقليل مع رفع الاسعار بحسب السوق الغازية/ تأمميم 7 محطات تحلية مياه البحر كانت من نصيب اسبانيا من بين 11 محطة تحلية على الساحل المتوسطي .
* تجميد اي تعاون امني استخباراتي او في ميدان الهجرة ……، اغلاق كافة وسائل التواصل بين المسؤولين ( اعتراف رئيس الحكومة و وزير خارجيته امام وسائل الاعلام مثال ) .
* اسبانيا خسرت قرابة 25 مليار دولار كاستثمارات في محطات معالجة الغاز ( 6 محطات) ، و هو مشروع كان من المفترض فيه ان يجعل اسبانيا منصة المورد الاساسي للغاز الجزائري نحو باقي اوروبا ، و هذا بالضبط ما اشار اليه الالمان منذ اسبوع من خلال مسعاهم الاستثماري في احياء مشروع انابيب الغاز الجزائري نحو اوروبا عبر اسبانيا و البرتغال ، لتتبوأ بعد هذا ايطاليا حصرية امدادات الغاز الجزائري نحو اوروبا ، لا سيما و ان هناك وعود باحياء مشروع قديم لانبوب غاز بين الجزائر و ايطاليا مباشرة عبر المتوسط ، شانه شان الانبوب الرابط مع اسبانيا عبر المتوسط .
* خضوع اسبانيا و خنوعها و تناسيها لكبريائها و تجاهلها لأنفتها و كرامتها ، نستدل عليه اليوم بالزيارة السرية التي قام بها وفد عسكري سياسي بايعاز و اشراف و متابعة من الملك الاسباني نفسه ، رغم العلم ان الدستور الاسباني يحظر على الملك التدخل في النزاعات السياسية ( الملك يسود و لا يحكم )، حيث حطت الطائرة الملكية و على مثنها الوفد الاسباني بقاعدة بوفاريك الجوية العسكرية ، اي تجنبا للاضواء الاعلامية و…..لكن صحيفة اوكي دياريو الاسبانية نشرت الخبر بعدما تم تسريبه من مصادر اجهزة مخابراتية لمزيد من احراج سانشيز بحسب تقديري.
* دوام الاجتماع السري الذي كان عنوانه الابرز بطعم الغاز لم يفضي الى نتيجة تذكر ، رغم الوعود التي قدمها الاسبان من قبيل ، امكانية تغير في الموقف المعلن عنه سانشيزيا بخصوص الصحراء و المشروع المغربي ، الذي هو طور التبلور وفق ما يتولد عن الانتخابات الرئاسية المقبلة من نتائج….فعاد الوفد الاسباني السري بخفي حنين كما جاء بوعود …..
* زيارة انتوني بلينكن وزير خارجية امريكا الاخيرة للجزائر عربون بارز لحقيقة ما نحن اليوم نتداوله في المقال هذا ، لا استقبال بحفاوة بالمطار و لا تجاوب جزائري باعادة فتح انبوب غاز المغرب العربي الذي يمر عبر المغرب ، بالحاح منه منقطع النظير و في محاولة منه لخفض التبعية الاوروبية للغاز الروسي ، استكمالا لطوق العقوبات الغربية عليها ، ماذا كانت النتيجة ؟ عاد بخفي حنين بعدما ابتلع الاهانة ( عدم استقباله بالمطار من طرف نظيره في حين تم استقباله بمدخل مقر وزارة الخارجية ، فاي اهانة هذه ؟
* اليوم فكي الكماشة اصبح واقعا مجسدا و حقيقة ساطعة لا غبار عليها على ارض الواقع ، و ما شمل منه الجناحين الشرقي و الغربي خير مثال على تبلور عالم جديد يتشكل على انقاض عالم في طريقه الى الانقراض ، و الفطن اللبيب المتفطن الرزين المتعقل المتجرد من العاطفة من يحسن التموقع و التموضع في خارطة جديدة بوادرها الاولى ظهرت .
اولى البوادر تماسك الدب و الثنين و ربط المصير ، فيما الصورة المقابلة تظهر بداية تفكك المنظومة الغربية رغم البهلوانيات البايدينية ، ايذانا بانهيار نظام عالمي هرم و شاخ كشيخوخة زعيمه جو بايدن ، و هذا ما يذكرني بالسكير العربيد الذي ركب راسه تقمصا لقيصر عصره بوريس يلتسين ، و النتيجة التي كانت وقتذاك امام قهقهات كلينتون هي نفسها اليوم امام تكشير انياب دب و لفح نيران فم ثنين و مكر و حسن تدبير الفينيك الافريقي .
* بهلوانيات سانشيز لم تنتهي بعد ، رغم علمه بوهمه انه هائم واهم متوهم حالم بعهدة اخرى و هذا من سابع المستحيلات ، رجاءا سجلوا عني هذا للايام المقبلة ، سانشيز اليوم يريد لفت الانتباه اليه من خلال تبنيه لاجتماع او ندوة يوم 25 شتنبر القادم بجزر الكناري ، ندوة بمشاركة ( صحراويون من اجل السلام ) و نشطاء اسبان لتلميع صورته و الرفع من شعبية حزبه قبل الانتخابات و ليس لايمانه بقضية المغاربة الاولى ، و هذا ما يعتبر في حد ذاته استغلالا للمغاربة بمختلف طيفهم السياسي .
و لتوضيح الامر اكثر بكثير عن ضعف المنظومة الغربية لكل واهم متوهم هائم حالم ، احيله على خبر زيارة ماكرون للجزائر بعد انتخابه لعهدة ثانية ، بخلاف ما جرت عليه العادة ، اذ من المفروض و بحسب العادة ، اول زيارة رسمية للرئيس الفرنسي المنتخب يقوم بها للمغرب ، اليس كذلك ؟ فماذا تغير اليوم لا سيما و ان عاهل البلاد هناك و لم يحظى بعد باستقبال و لو مكالمة مجرد مكالمة هاتفية للاطمئنان على صحة بعدما قيل باصابته بكوفيد 19 ! سؤال عفوي يطرح ، بل الادهى و الامر ، الامتناع عن منح التأشيرات ……لخبار فراسكم !
زوار ليل موقع الجديدة توداي ، زوار الموقع الاعتياديون ، الزوار المتعاطفون و الناشطون و المشاركون و المبادرون الى تبادل الراي و احترامه هو و و الرأي الاخر كل بحسب تموقعه الجغرافي ( الخبر مقدس و التعليق حر / مقتبس من خطاب السلطان م. الخامس طيب الله ثراه ) ، انعمتم مساءا .