بقلم: إدريس الأزمي الإدريسي
منقول عن موقع: pjd
أصبحنا بعد كل خرجة لرئيس الحكومة نقول يا ليته واصل صومه عن الكلام، لأن رئيس الحكومة المهووس للأسف بحزب العدالة والتنمية تباع له في كل مرة قصائد هجاء ركيكة جدا فيهرع لقراءتها دون أن يقدر عواقب وتداعيات كلامه.
فرئيس الحكومة وللأسف الشديد ومن حيث يخيل له أنه يوجه مدفعيته الثقيلة نحو حزب العدالة والتنمية فإنه في الحقيقة، ومن حيث لا يدري، يصيب بسهامه في كل مرة الوطن ومصالحه ومؤسساته. وما أكذوبته بمجلس النواب حول إخفاء حكومة العدالة والتنمية لتوقف اتفاقية الغاز منا ببعيد.
لكنها وبكل بساطة الأمية السياسية، فالرجل لا يملك من السياسة ومن الاحتكاك النضالي اليومي أي تاريخ أو رصيد يذكر، يسعفه في تقدير عاقبة كلامه ومعناه ومبناه، وهذا للأسف يجعله يستمع دون أن يميز بين الغث والسمين لتوصيات مكاتب الدراسات ونصائح مستشاري التواصل مدفوعي الأجر.
فلو كان الأمر عكس هذا، ما كان لرئيس حكومة قضى جزءا كبيرا من عمره في الحكومات المتعاقبة، وأمضى عشر سنوات بالتمام والكمال في الحكومة الأولى والثانية اللتين ترأسهما حزب العدالة والتنمية، ثم يأتي اليوم وبعد سنة من رئاسته للحكومة ليكتشف ويكشف “أن المغاربة صبروا وتحملوا عشر سنوات من التعطيل التنموي، ولهذا فحكومته وأغلبيته لم تضيع الزمن التنموي وانطلقت في مباشرة تنفيذ برنامجها الحكومي.”
هل هذا كلام رئيس حكومة وهل هذا في الحد الأدنى كلام من يفقه شيئا في السياسة ويقدر عاقبة ما يقول؟ إذ وهو يرمي زورا وبهتانا العدالة والتنمية بعشر سنوات من التعطيل التنموي، فإنه لم ينتبه لخطورة كلامه وللمستوى صفر في السياسة، حيث هو بكلامه هذا وهو يبتغي أن يصيب خصما سياسيا أتعبه، فإنما يصيب الوطن ومصالحه ومؤسساته.
فهو بهذا -أولا- يتهم من حيث لا يدري الدولة ومؤسساتها ومسؤوليها بأنهم في “دار غفلون”، إذ كيف بدولة عريقة ومنظمة من حجم المغرب ألا تتفطن لعشر سنوات من التعطيل التنموي وأن تسكت على نصف جيل من تعطيل مصالح البلاد والعباد.
ثم إنه -ثانيا- يعترف أنه مستعد للتستر وأنه تستر طوال عشر سنوات على تعطيل التنمية بالمغرب، وهو جزء من الحكومتين المعنيتين وهذه جريمة كبيرة في حق الوطن والمواطنين يعاقب عليها القانون.
ثم إنه -ثالثا- يستهين بذكاء المغاربة ويحتقر إرادتهم وهم من جدد الثقة في 2016 في حكومة العدالة والتنمية الأولى بأغلبية نيابية غير مسبوقة في التاريخ السياسي المغرب، وقبل ذلك في 2015 في نتائج لم يسبق أن سجلتها الانتخابات الجهوية والجماعية ببلادنا، وبصموا بذلك على أداء وتجربة العدالة والتنمية، وإن كان هذا الاستهتار بالمغاربة ليس غريبا على حزب يصرح زعيمه علانية بأنه “سيربي المغاربة” ويصفهم من يرأس مجلس النواب ب”المرضى”.
ثم إنه -رابعا- وهو يعود في كل خرجة إلى العدالة والتنمية ولا شيء غير العدالة والتنمية فإنما يعبر عن مركب نقص مرضي حاد، مناطه أنه وهو الذي خبر عن قرب وطنيا ومجاليا هذا الحزب الحقيقي ويعرف وطنيته واستقلاليته ونضاليته ومناضليه، ويعرف أن هذا الحزب لا يملك لا أموالا طائلة ولا دعما من أية جهة ولا مطبلين، وإنما يملك مبادئ ورجالا ونساء أثبتوا في كل المواقع وفي مختلف السياقات أنهم وطنيون حقيقيون وكفاءات حقيقية نظيفة تجتهد ولا تألو جهدا في خدمة الوطن والمواطنين، وهو الذي في المقابل يجد نفسه “محزما” بكفاءات مكاتب الدراسات ومستشاري التواصل وبمجموعة من المتملقين والمتهافتين على المصالح والمنافع الشخصية وآخر همهم خدمة المواطنين والوفاء للعهود والوعود.
ودعنا هنا نهمس في أذن رئيس الحكومة قولا مجملا بخصوص أكذوبته حول “عشر سنوات من التعطيل التنموي”، ونشير عليه أن يطلب من مكاتب دراساته ومستشاريه في التواصل أن يراجعوا معه الوضع والمؤشرات الاقتصادية والمالية للبلاد في 2012 إبان تنصيب حكومة الأستاذ عبد الاله ابن كيران، وأن يقرؤونه سبورة المؤشرات الاقتصادية والمالية في 2016 عند نهاية الولاية الأولى والتي أصبحت مضرب الأمثال وطنيا ودوليا، ثم ليذكروه وليفسروا له ما جاء في خطاب جلالة الملك في 8 أكتوبر 2021 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الحالية، بعد نهاية زمن الحكومة التي ترأسها الدكتور سعد الدين العثماني.
ثم نهمس في أذنه أن يتوقف قليلا وأن يعود ليراجع أوضاع البلاد سنة 2011 وأن يطلع على دور حزب العدالة والتنمية ومساهمته بوطنية في دعم خيار الإصلاح في إطار الاستقرار، وأن يسأل كيف نجحت بلادنا بفضل الله تعالى ولطفه وحسن عنايته، ثم بفضل حكمة جلالة الملك واستباقيته، ثم بالانخراط الكبير والمشهود لحزب العدالة والتنمية والغيورين من أبناء هذا الوطن، وهو ما جعل بلادنا تجتاز هذا الامتحان بنجاح وتحافظ على الأسس الكبرى والثوابت الجامعة والتي بدونها تتعطل التنمية حقيقة ونهائيا وبدونها تهدمت دول وأمم ومازالت تعاني إلى الآن.
هذا بالإجمال، أما من خلال بعض الأمثلة فدعنا نذكر ونسأل رئيس الحكومة:
هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، القيام بجرأة ووطنية ودون حسابات سياسوية وانتخابوية ضيقة وظرفية بالإصلاحات الكبرى المنتظرة والمعطلة منذ سنوات؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إصلاح نظام التقاعد الذي كان يوشك على الإفلاس وينذر بتوقف صرف المعاشات لأكثر من 400.000 متقاعد وأسرهم؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إصلاح المكتب الوطني الكهرباء والماء الصالح للشرب الذي كان ينزف منذ سنوات وهو ما كان يهدد بتوقف خدمة التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، القيام بإصلاح صندوق المقاصة ونظام الدعم والقضاء على الريع النفطي وتوقيف صرف الملايير مقابل الفواتير؟ وله للتأكد من هذه الحقيقة أن يعود لقراءة ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات في يناير 2014 حول منظومة المقاصة بالمغرب، حيث أكد التقرير أن صندوق المقاصة لا يتوفر على نظام للمعلومات يمكن من مقارنة الكميات المستوردة مع تلك التي تم نقلها وضبط التسديدات المرجعة على الفاتورات، كما أنه لا يقوم بشكل كاف بعمليات المراقبة على الفاعلين المستفيدين من هذه الإعانات.
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، ما وفره هذا الإصلاح الكبير وإلى يوم الناس هذا من اعتمادات مالية كبيرة وضرورية لمواصلة تمويل البرامج والقطاعات الاجتماعية ودعم الاستثمار والنمو والتشغيل واسترجاع العافية للمالية العمومية والحد من خطر تفاقم عجز الميزانية وإبعاد شبح التقويم الهيكلي وفقدان السيادة المالية؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، الزيادة في ميزانية التعليم من 48 مليار درهم سنة 2011 لتصل إلى أكثر من 70 مليار درهم في 2021 بمتوسط زيادة سنوية يفوق 6 في المائة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، الزيادة في ميزانية الصحة من 11,48 مليار درهم سنة 2011 لتصل إلى أكثر من 20 مليار درهم في 2021 بمتوسط زيادة سنوية يفوق 7 في المائة؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إطلاق أكبر عملية لاسترجاع ثقة المستثمرين وتعبئتهم للانخراط في التنمية والاستثمار من خلال المساهمة الإبرائية التي أطلقتها الحكومة الأولى للعدالة والتنمية في 2014 والتي حققت نجاحا باهرا وانخراطا واستجابة كبيرين من طرف المواطنين المعنيين وسجلت تلك الحصيلة المشهودة كعنوان ودليل ثقة وأمل واعتزاز بمسار الإصلاح والديمقراطية ببلادنا؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، ما حققته حكومتا العدالة والتنمية في مجال تعزيز وإصلاح وترقية مناخ الأعمال تجسدت في انتقال رتبة بلادنا في مؤشر ممارسة الأعمال من الرتبة 114 من أصل 183 دولة في 2011 إلى الرتبة 53 من ضمن 190 دولة في 2020؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، الاعتراف لأصحاب الشركات والمقاولات بأحقيتهم في إرجاع ديون الضريبة على القيمة المضافة والاستجابة مطلبهم المشروع الذي رددوه لسنوات بدون ان يجدوا آذانا صاغية وإطلاق برنامج لتسديد ديون هذه الضريبة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، مراجعة الإطار القانوني المتعلق بأداء حقوق النائلين للصفقات العمومية وإطلاق نظام لتسريع تسديد المتأخرات وتجنب تسجيل التأخر من جديد؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إطلاق مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020 وإحداث صندوق دعم الاستثمار الصناعي في 2013 والشروع في بلورة مخطط تسريع التنمية الصناعية 2021-2025 وإطلاق منطقة صناعية جديدة للسيارات وما شهده بفضل ذلك قطاع السيارات والطيران وغيره من قفزة نوعية سجل معها تربع قطاع السيارات على عرش الصادرات الوطنية ب84 مليار درهم في 2021 مقابل 23,3 مليار درهم في 2011 وتسجيل المكانة الأولى على المستوى القاري وتطور صادرات قطاع الطيران من 5,8 مليار درهم في 2011 إلى 15,7 مليار درهم سنة 2021؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، ما صادقت عليه اللجنة الوطنية للاستثمار من دعم للاستثمارات الخاصة بعشرات الملايير لجنة بعد لجنة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، أن يسجل بلدنا أرقاما قياسية على مستوى جلب الاستثمارات الخارجية المباشرة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، أن يسجل الاستثمار العمومي قفزة نوعية حقيقية بلغت ما تجاوز 200 مليار درهم سنويا؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار لدعم وتبسيط وتسريع الاستثمار؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، أن توقع بلادنا في 2015، على برنامج الألفية الثاني بغلاف مالي يبلغ 450 مليون دولار أمريكي، بعد أن أنقذت في الدقائق الأخيرة برنامج التعاون الأول الذي كان على وشك الإقفال؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إطلاق برامج كبيرة للتأهيل وإعادة الهيكلة على مستوى مختلف المدن والجماعات بأغلفة مالية بملايير الدراهم؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، إطلاق برنامج 55 مليار درهم لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية لتعزيز العدالة في الولوج إلى البنيات التحتية والخدمات الأساسية وضمان استفادة العالم القروي من نصيبه من التنمية؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، المستوى الراقي والنموذج الجديد في التدبير الجيد والحكامة المالية والتنمية المجالية وخدمة المواطنين في الجماعات الترابية التي سيرها العدالة والتنمية لمدة ست سنوات، مقابل النموذج الحالي للتهافت نحو تحقيق المصالح الخاصة والانتفاع غير المشروع ولم تمر بعد سنة واحدة على الولاية الحالية؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، تدشين الولاية الحكومية الأولى للعدالة والتنمية في 2012 بإنشاء “صندوق دعم التماسك الاجتماعي” من أجل الاهتمام ودعم الفئات الهشة وتتويج الولاية الحكومية الثانية في 2021 بإنشاء “صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي” لضمان تفعيل وتمويل الورش الملكي الهادف إلى تعميم الحماية الاجتماعية؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، أن تشهد حكومة العدالة والتنمية إطلاق جلالة الملك حفظه الله ورش تعميم نظام المساعدة في 2012 ليستفيد بالمجان إلى حدود اليوم 11 مليون مواطن ومواطنة من الفئات الهشة والمعوزة من الخدمات والعناية الطبية؟ وليفتخر بعد هذا رئيس الحكومة اليوم بتحويلهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أمام مخاوف حول استمرار الإعفاء من المساهمات وحول استمرار مجانية الخدمات الطبية.
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، الزيادة في منحة الطلبة التي جمدت منذ عقود، وسن منحة لطلبة التكوين المهني لأول مرة، وتعميم برنامج تيسير لدعم التمدرس ليشمل أكثر من مليوني تلميذ وتلميذة، وسن دعم مالي مباشر للأرامل لتستفيد أكثر من 110.000 أرملة وما يقرب من 200.000 يتيم ويتيمة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، تخفيض أثمنة المئات من الأدوية وفي بعض الحالات بنسب خيالية بلغت 400 في المائة؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، تفعيل وتبسيط إجراءات الاستفادة من صندوق التكافل العائلي لضمان حقوق النساء والأطفال في حالة انحلال ميثاق الزوجية؟
ثم هل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، تفعيل الحصة القانونية المخولة للأشخاص في وضعية إعاقة في الوظيفة العمومية وتنظيم مباريات موحدة خاصة بهم لأول مرة منذ 2018 وتخصيص حصة معتبرة لهم من المناصب المالية بلغت 200 منصب ضمن قانون المالية السنوي بعد سنوات من الانتظار والنضال؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، وفاء حكومة الأستاذ عبد الاله ابن كيران بالالتزامات المالية للاتفاق الاجتماعي ل26 أبريل 2011 وتخصيصها لغلاف مالي سنوي بلغ 13,2 مليار درهم ابتداء من 2012، بالرغم من عجز الميزانية الكبير الذي ورثته والذي بلغ نسبة 7,6 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012.
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، اقتراح حكومة الأستاذ عبد الاله ابن كيران في 2014 لعرض اجتماعي بلغت كلفته 6 مليار درهم، دون احتساب المبلغ الذي اقترحته الحكومة للزيادة في الأجر لتتحمل الدولة الرفع من مساهمات موظفي القطاع العام في الصندوق المغربي للتقاعد؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، تخصيص حكومة الدكتور سعد الدي العثماني لغلاف مالي يبلغ أزيد من 8 مليار درهم للاتفاق الاجتماعي ل 25 أبريل 2019؟
وهل يحتسب ضمن عشر سنوات من التعطيل التنموي، الزيادة مرتين في الحد الأدنى للأجور بالقطاعين العام والخاص ورفع الحد الدنى للمعاشات إلى 1500 درهم وإلغاء شرط 3240 يوم للاستفادة من التقاعد، والزيادة في التعويضات العائلية؟
هل مع كل هذا وغيره يمكن أن يصدق اتهامك العدالة والتنمية بالتعطيل التنموي، وأنت تمن على المغاربة في ظل موجة غلاء غير مسبوقة بدعم الدقيق والسكر والغاز، ذلكم الدعم المؤسس منذ عقود طويلة خلت والذي انت اول المستفيدين منه.
إنها يا رئيس الحكومة عشر سنوات كانت بردا وسلاما على بلادنا، بفضل الله، ثم بقيادة جلالة الملك حفظه الله، وبمساهمة مقدرة وغير قابلة للمحو لحزب العدالة والتنمية اعترف من اعترف وأنكر من أنكر.
وفي سؤال أخير، إذا كانت التنمية قد تعطلت بالمغرب فكيف تفسر أن تنميتك لم تتعطل حيث دخلت مجلة فوربس لكبار الأثرياء وتضاعفت ثروتك ونمت في عز أزمة كورونا والإغلاق العام؟
ثم وبالله عليك وأنت تخبرنا بأن حكومتك وأغلبيتك لم تضيع الزمن التنموي وانطلقت في مباشرة تنفيذ برنامجها الحكومي، ذكرنا رحمك الله بإجراءاتك الجديدة في سنتك الأولى اللهم تلك التي ترددونها والتي لا تخرج عن العناوين التي ورثتموها عن عشرية العدالة والتنمية، وقد استجابت لك بسهولة غير معهودة جل النقابات ويسرت لك السبل، باستثناء عنوان واحد أبدعتموه للاستهلاك الإعلامي وهو لا يعني شيئا أمام ما تشهده بلادنا من موجة غلاء غير مسبوقة وتردده على مسامعنا آلتك الإعلامية صباح مساء وهو مصطلح الدولة الاجتماعية.
لقد ورثتم عن حكومة العدالة والتنمية التي تتهمونها بهتانا بتعطيل التنمية قانونا إطارا للتغطية الاجتماعية وحصيلة مفاوضات طويلة وشاقة مع الهيئات المعنية ومراسيم جاهزة وقانونا للسجل الاجتماعي الموحد وميثاقا للاستثمار وغيرها من النصوص الجاهزة التي تنسبونها لأنفسكم، ثم إنكم قبل هذا وذاك وهذا هو الأهم، وبفضل إصلاحات العدالة والتنمية، وجدتم ميزانية محترمة وصامدة ورصيدا مريحا من العملة الصعبة؟
فهل مع كل هذا يمكن أن تصدق أكذوبتك أو أن يصدقك عاقل فيما تقوله عن عشر سنوات من التعطيل التنموي؟
لكن في المقابل وما لا يمكن أن ينساه لك المغاربة وسيسجله عليك التاريخ هو دورك السيء في تعطيل مسار الاختيار الديمقراطي بالبلاد.
فالتاريخ سيسجل عليك أنك ساهمت في التعطيل الديمقراطي من خلال اشتراطك رفضك للدعم المباشر وتدعي اليوم أنك لم تكن يوما ضد الدعم المباشر.
والتاريخ سيسجل عليك أنك ساهمت في التعطيل الديمقراطي من خلال اشتراطك رفض دخول حزب الاستقلال للحكومة واليوم اخترته حليفا لك وضمن أغلبيتك الحكومية.
والتاريخ سيسجل عليك أنك ساهمت في التعطيل الديمقراطي من خلال اشتراطك التمسك بالاتحاد الاشتراكي ضمن الأغلبية الحكومية واليوم تنكرت له في أول مناسبة أتيحت لك.
والتاريخ سيسجل عليك أنك ساهمت في التعطيل الديمقراطي من خلال مساهمتك وبعض حلفائك في الأغلبية في شيطنة العدالة والتنمية من خلال حملات التبخيس الممنهجة والإيهام برفضكم لإصلاح صندوق المقاصة ولإصلاح أنظمة التقاعد ولإنشاء نظام التعاقد في التعليم والتلويح بإعادة النظر فيها كلها، ثم ما لبثتم أن حافظتم على كل هذه الإصلاحات والإجراءات ولم تمسوها لا من قريب ولا من بعيد، بل سارعتم للتراجع والتأكيد أنكم لا يمكنكم التراجع على إصلاح صندوق المقاصة وإلا فالميزانية ستكون “مثقوبة” ولن تتمكنوا بذلك من تمويل مختلف البرامج والسياسات المتعلقة بالتعليم والصحة والاستثمار وغيرها.
وفي الختام، لا يسعنا أمام هذا الحجم من التناقضات وهذا البؤس في الخطاب السياسي والضعف في الأداء الحكومي ونحن نستشرف موسما جديدا إلا أن نتوسل إلى الباري عز وجل ونقول اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك واحيي بلدك الميت.