الخميس. نوفمبر 21st, 2024

المنصوري تتوعد مسؤولي “البام” بالمحاسبة!

اسماعيل الحلوتي

أحيانا يخيل إلينا ونحن نتتبع بشكل مباشر عبر التلفزيون أو من خلال الصحف الورقية أو الإلكترونية تصريحات وخطب بعض النخب السياسية من أمناء أحزاب وقياديين بارزين وهم يتحدثون بثقة مفرطة في النفس عن جسامة المسؤولية والاستقامة والنزاهة وغيرها، أننا أمام مناضلين حقيقيين، تشغلهم هموم وقضايا المواطنات والمواطنين، أكثر مما تشغلهم مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة. وأنهم على استعداد تام لتقديم التضحيات الجسام في اتجاه تنمية البلاد والنهوض بأوضاع العباد، على عكس ما يدعيه الكثيرون ممن يتهمونهم بالتقصير والانتهازية والتهافت على المناصب والمكاسب.
ويأتي حديثنا هنا عن الفعاليات السياسية ببلادنا وتصريحاتهم وخطبهم التي غالبا ما تكون مناقضة لسلوكاتهم وأفعالهم، بمناسبة الكلمة التوجيهية التي ألقتها صباح يوم السبت 8 يوليوز 2023 رئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة في دورته السابعة والعشرين المنعقدة بقصر المؤتمرات بمدينة سلا، فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أمام مناضلي ومناضلات الحزب الذين يتحملون مهام انتدابية في عدد من المؤسسات المنتخبة، منبهة إياهم إلى أنهم مطالبون بتقديم الحساب عند نهاية مهامهم، حيث قالت: “علينا إثبات مشروعية ومصداقية الالتزامات التي وعدنا بها المغاربة، ودرجة الإنجاز الفعلي للمشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي، الذي ناضلنا جميعا من أجل تنزيله على أرض الواقع”
كما أكدت على أن المكانة التي يحتلها الحزب “سواء في الحكومة أو في البرلمان أو في مجالس الجهات أو في المجالس الإقليمية والجماعية أو في الغرف المهنية، تعكس صورة محترمة لدى المغاربة من حيث أداء وعمل مسؤوليه في جميع مستويات هذه المواقع، ونزاهتهم ونظافة أيديهم وتقيدهم بأخلاقيات الحكامة وتميزهم بالكفاءة والخبرة، وتضع على عاتقهم أيضا مسؤولية كبرى بخصوص الأثر العملي والواقعي الذي ينتظره المواطنون لتحسين شروط عيشهم وإحساسهم بكرامة الانتماء إلى هذا الوطن الغالي”
وفي حديثها عن المسؤولية الجسيمة التي تحملها الحزب إثر مشاركته في حكومة أخنوش، دعت أعضاء المجلس الوطني إلى عدم نسيان أن “البام” ولد من رحم المجتمع المغربي، وأنه جاء لأجل خدمة الوطن والمجتمع، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستكانة للمواقع التي أصبحوا يتحملون فيها المسؤولية، وعليهم أن يظلوا قلقين ومنهمكين في التفاعل مع آلام وآمال المغاربة. ولم تفتها الإشارة إلى ضرورة العمل والاجتهاد لكسب معركة ترسيخ المشروع المجتمعي للحزب، الذي وضع أسسه الجيل الأول من المؤسسين.
وبصرف النظر عما ورد في كلمتها عن مكانة الحزب وكفاءة مناضليه وما إلى ذلك من ترهات، التي تكاد لا تختلف في شيء عن كلمات جميع القياديين في باقي الأحزاب سواء كانت في الأغلبية أم المعارضة، والتي لم نجد لها من مثل ينطبق عليها سوى المثل الشعبي القائل “شكون يشهد ليك أ العروس”، فإن السيدة المنصوري ومعها الأمين العام للحزب ووزير العدل عبد اللطيف وهبي بحاجة أكثر من غيرهما إلى من ينبههما إلى عيوبهما ويجرهما من أذنيهما، قبل تنبيه باقي مسؤولي الحزب بجسامة المسؤولية المنوطة بهم. أليست هي نفسها من أثار إعلانها عن فتح طلب عروض في مارس 2023 لكراء 10 سيارات بقيمة 200 مليون، جدلا واسعا واستياء عميقا في أوساط الفعاليات الحقوقية ونشطاء المجتمع المدني، الذين استنكروا مثل هذه الصفقات المشبوهة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة؟ ومن غيرها أصدر قرارا بتخفيض عدد أسواق عرض الأغنام بمناسبة عيد الأضحى والاكتفاء بسوق واحد فقط يبعد عن ساكنة المدينة بحوالي 30 كيلومتر، ضاربة عرض الحائط بما يطرح ذلك من متاعب إضافية للمواطنين؟
فكيف للمغاربة الذين فقدوا الثقة في السياسة والسياسيين أن يصدقوا كلام المنصوري وغيرها من القيادات وأمناء الأحزاب والوزراء ورؤساء المؤسسات المنتخبة، وأن يمتثل مسؤولو حزبها لتلك التنبيهات والتوعدات، فيما الحكومات المتعاقبة لا تلتزم بما تقطعه على نفسها من وعود وترفعه من شعارات؟ ثم إن الجالس على العرش نفسه محمد السادس لم يفتأ يوجه انتقادات شديدة اللهجة للنخب السياسية والمسؤولين الإداريين، دون أن يجدي ذلك نفعا في إعادتهم إلى جادة الصواب. ونستحضر هنا ما جاء مثلا في خطابه السامي يوم 29 يوليوز 2017 بمناسبة الذكرى 18 لاعتلاء العرش، حين قال: بأن الاختيارات التنموية تبقى في شموليتها صائبة “إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع” وأضاف قائلا إن “التطور السياسي والتنموي الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة”
إننا مهما حاولنا التعبير عما يتأجج في الصدور من نيران السخط والاستياء تجاه الفاعلين السياسيين، لن نجد لغة أفضل وأبلغ مما ظل يردده العاهل المغربي، مشددا على عدم اقتناعه بالمسار السياسي ورفضه استمرار الأوضاع على ما هي عليه من ترد، وتعطيل أي مشروع سياسي أو تنموي لمصالح شخصية ضيقة. دون أن ننسى دعوته الصريحة والواضحة إلى ضرورة التطبيق الصارم لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعبارته الشهيرة الموجهة للمسؤولين: “إما أن تقوموا بواجباتكم أو تنسحبوا من مواقعكم”.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *