السبت. مارس 8th, 2025

فاجعة الطفلة يسرى ببركان تستنهض ربط المسؤولية بالمحاسبة

رجع الصدى يكتبها عبد الكريم جبراوي

     لكل حدث وقائعه وتجلياته، ولكل حدث تبعاته ونتائجه، كما لكل مستجد تحمله الأخبار من هنا أو هناك نسيج من الحديث يتردد، وعند هذا التردد يتولد صدى الخبر، فيكون رجع الصدى نتيجة لخبر الحدث… 

 

    لم يكد جرح فاجعة فقدان الطفل ريان الذي سقط في غياهب بئر بضواحي مدينة شفشاون يندمل حتى طالعتنا الأخبار بفاجعة الطفلة يسرى ذات التسع سنوات التي اختطفتها السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار الغزيرة من يد أبيها وابتلعتها بالوعة للصرف الصحي بأحد شوارع مدينة بركان يوم الخميس 6 مارس الجاري.

    اختلف المكان، واختلفت طبيعة الحدث، واختلف جنس الضحية، ولكن القاسم المشترك يظل فاجعة وجرحا غائرا في قلوب الوالدين والأسرة وعموم المغاربة، ليس لأن الموت اختطف الصغيرة على اعتبار إيماننا بالقضاء والقدر، ولكن لوجود السبب الذي ساعد عن غير قصد في حدوث الفاجعة، كما أنه إن كان في حالة الطفل ريان قد استغرق حفر البئر من جانبها للوصول إليه وانتشاله جثة هامدة، فإن جثة الطفلة يسرى جرى البحث عنها وسرعان ما عثر عليها بأحد أودية المدينة. 

    حقيقة أن كل نفس ذائقة الموت، وأن كل نفس تموت بما هو مقدر لها في علم الغيب عند العلي القدير، ولكن أن يكون السبب صنيعا بشريا فذاك ما يجب الوقوف عنده وإيلاءه كبير الاهتمام: فبالوعة الصرف الصحي كانت مكشوفة دون تشوير أو وجود ما يحمي الناس منها خاصة وأن الحالة كانت حالة مطر غزير نتجت عنه سيول جارفة، ووجود البالوعة على تلك الحال كان للمساعدة في سرعة تصريف وتدفق المياه دون الاهتمام بما تشكله تلك الوضعية من أخطار محدقة بمستعملي الطريق من راجلين أو عبر وسائل التنقل المختلفة، وبالتالي وجب تحميل المسؤولية لكل له علاقة بما وقع: فالمجلس البلدي مسؤول بصفته مسؤولا عن البنية التحتية لمجمل الجماعة الترابية الخاضعة لنفوذه، والشركة المفوض لها تدبير شأن النظافة والماء والكهرباء مسؤولة من منطلق المسؤولية عن التدبير وعن الصيانة، وعمالة الإقليم عبر مصالحها ذات العلاقة بالاختصاص مسؤولة من منطلق التتبع والمراقبة ومن منطلق خلايا اليقظة التي غالبا ما يتم إحداثها أو تفعيل أدوارها من باب الحذر والاحتياط والتدخل…

   وانسجاما مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ضمن دولة الحق والقانون، فإن الطفلة يسرى ضاع حقها في الحياة ضياعا مطلقا، وضاع أمل والديها والمجتمع فيها بنتا وفتاة وأما، ولا سبيل إلى تضميد مثل هذه الجراح غير المحاسبة الصارمة عن كل فعل إهمال أو تقصير أو استهتار بسلامة البشر وبأرواحهم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تكفل عدم تكرار مثل هذه الفواجع..

عبد الكريم جبراوي

[email protected]

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *