بقلم: خالد البكاري.
1: صيغة التعاقد/التوظيف الجهوي ( اختر ما شئت) خلقت مشكلا اجتماعيا في الشارع، ومشكلا داخل قطاع التعليم الذي عوض أن يواجه مشاكل الهدر المدرسي وضعف التعلمات انشغل منذ 2016 بمشكل التعاقد أكثر مما انشغل بأي قضية اخرى، فكانت سنوات من الهدر، وعوض الابتعاد عن منطق التعنت، وإيجاد حلول، خلقت الحكومة مشكلا آخر بحرمان فئة واسعة من المجازين حتى من اجتياز المباراة، مما ينذر بتفجر حركة احتجاجية في الشارع.
2: كنا نقول بالهشاشة القانونية لوضعية من يسمون بأطر الأكاديميات، واثبت هذا الإجراء صواب القول، ذلك أن القوانين الأساسية لأطر الأكاديميات في كل الأكاديميات تضع شرط عدم تجاوز 40 سنة عند اجتياز المباراة، وليس 30 ، ورغم أن الإعلان الجديد مخالف لهذه القوانين، فيمكن تعديل شرط السن بسهولة ، لأن القوانين الأساسية غير محمية بصدورها في الجريدة الرسمية بعد المصادقة عليها برلمانيا، هي فقط صادرة عن المجالس الإدارية للأكاديميات، وقد قدم لقجع مغالطة حين ساوى بين هذه الفئة وبين أصناف من الموظفين المتوفرين على أرقام مالية عوض أرقام التأجير، لأنهم على خلاف أطر الأكاديميات فإن قوانينهم الأساسية محصنة باعتبارها مراسيم صادرة في الجريدة الرسمية.
3: للأسف، ظل قطاع التعليم هو الأداة الرئيسة للحكومة في امتصاص بطالة خريجي الجامعات خصوصا خريجي الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، في غياب اي قدرة على إبداع حلول لمعضلة التشغيل، بل إن هذا القطاع تحمل وزر حل مشاكل توترات اجتماعية وسياسية (الكتلة الأكبر من التوظيف المباشر)، وحين نعود لسنة فرض التعاقد في التعليم، نتذكر أنه كانت حركة احتجاجية للمعطلين رافضة لهذا القرار، واليوم تتم المطالبة فقط بالسماح باجتياز مباراة على أساس صيغة للتوظيف كانت مرفوضة. مما يبين تفاقم حجم الخصاص الاجتماعي.
4: يقول البعض إن تحديد السن هدفه استقطاب الأفراد الأكثر قدرة على العطاء، ولكن هل هذا القول مبني على دراسة علمية في الحالة المغربية ( مثلا دراسة إحصائية لتقويمات المتعلمين قياسا لسن الخريجين الجدد من مراكز التكوين)،
5: لقد كانت المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين يلجها سنويا مجموعة من الأساتذة العاملين في القطاع الخاص، هربا من ظروف العمل المتسمة بالهشاشة، وهؤلاء كان اغلبهم ممن تجاوزوا 30 سنة، ومتوفرين على خبرات شكلت إضافة عند التحاقها بالقطاع العمومي، وبالتالي فتحديد السن بالنسبة لهذه الفئة يشكل ضررا لها ، “ومن سعد البريفي”.
6: الانتقاء القبلي كان معمولا به قبلا، وألغاه المرحوم الوفا، ثم تم الرجوع له في سنة واحدة 2018، وبعدها الغي ثانية (التخبط)، وما يقال عن السن، يمكن قوله عن الانتقاء القبلي، بمعنى هل هناك دراسة مقارنة بين أداء الخريجين قبل إلغاء الانتقاء وبعده، مع الانتباه إلى أن الانتقاء القبلي بالنسبة للراغبين في مباريات لا تشترط إجازة معينة ( التعليم الابتدائي، أطر الدعم التربوي،،) لا يمكن أن يكون موضوعيا لاختلاف معايير التنقيط بين الشعب والمسالك.
قد نتفق أنه لا يمكن أن نحمل للتعليم ومستقبل التلاميذ مسؤولية حل معضلات اجتماعية، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن قبول قرارات فجائية، وغير مبنية على دراسات علمية، وغير منصفة، وإذا كانت المدرسة لا يجب أن تتحمل مسؤولية حل مشكل بطالة خريجي الجامعات، فكذلك لا يجب على الحكومة أن تحمل بدورها للمدرسة مسؤولية البطالة بتكرار أسطوانة عدم ملاءمة الشهادات لسوق الشغل، لأنه اصلا لاوجود لسوق شغل أو أنه محدود جدا، والحكومة مسؤولة عن ابتداع اختيارات اقتصادية تحارب الريع وتنتج الثروة الكفيلة بخلق أكبر ما يمكن من فرص الشغل،، وهو ما كانوا يرددونه في حملاتهم الانتخابية (ماشي حتى دازت الانتخابات وتصبعو للناس: تستاهل احسن).
اخيرا، يجب الانتباه أنه بعد خمس إلى ست سنوات على أبعد تقدير لن تبق مباريات التعليم بهذه الأرقام المتراوحة بين 15 الف وعشرين الف سنويا، والمخطط أن يتم تقليص الخصاص بهذه الوتيرة، لكي تستقر نسبة الخصاص بعدها فيما بين 3000 و 8000 آلاف كحد اقصى، وهناك سيتم الاكتفاء بالإجازة في التربية كشرط للتوظيف، يعني مستقبل أسود لخريجي الكليات ذات الاستقطاب المفتوح.
بس: لا اتفق مع من يقولون إن شرط السن هدفه التحكم في الاحتجاجات، فبالعكس، بملاحظة لمسيرات ووقفات هذه الفئة نجد هيمنة الشابات والشباب الأصغر سنا، وأغلب الخريجين المتقدمين في السن لا يشاركون في الاحتجاجات ( سنوات التكرفيص في شلا خدامي، والتزامات اسرية مع الاولاد كتخلي الواحد كيطلب غير التعادل).
كما ربط البعض الأمر بالتقاعد،، وقد يكون هذا العامل مفسرا، ولكن كيف لدولة سمحت بتوظيف من كانوا بين 45 و50 سنة في التعليم منذ سنوات قليلة، وسط تصفيق الحياحة حول الدولة العطوفة الحنون ، واليوم يقلصون السن بسبب صندوق التقاعد (بمعنى لا تفكير في مصلحة المنظومة التعليمية، فهي إما لحل توترات اجتماعية أو لحل مشاكل الصناديق)….