بقلم؛ الأستاذ: كيمية العياشي
الفصل الأول من توقيع الخيانة
لم أستوعب الخطاب الديماغوجي الانهزامي،الغارق في الخيانة،للأطراف النقابية الذي تحاول تسويقه حول اتفاق 14 يناير 2023 ،وفي ظل الضجيج والعجعجة الذي تحاول الأطراف الموقعة إقناع الشغيلة والمجتمع بمخرجاته،نتساءل: ما الذي تحقق للشغيلة التعليمية وماذا خسرته من هذا الاتفاق،وهل كان بإمكان تحقيق مكاسب أكثر؟
تعتبر النقابات اتفاق أمس تاريخيا،لسببين اثنين،تمكين حوالي 200000 أستاذ وأستاذة من الترقي إلى خارج السلم،وإدماج الأساتذة المفروض عليهم التعاقد في النظام الأساسي الجديد مع صرف مستحقاتهم عن الرتب التي لم تسدد منذ 2016.
وتعتبر الحكومة ذلك خطوة جريئة وتاريخية من قبلها لأن تفعيل مضامين الاتفاق مكلف ماديا ،أخذا بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر منها البلاد،حسب ادعائها طبعا.
ولنبدأ بنقطة الترقي إلى خارج السلم
يعلم الجميع ما تعتبره النقابات والحكومة انتصارا لحق فئة عريضة من نساء ورجال التعليم،من خلال ترقيهم إلى خارج السلم،ما هو إلا استعادة حق اكتسبته الشغيلة التعليمة منذ 12 سنة،في إطار ما يسمى باتفاق 26 أبريل 2011 ،والذي أجهزت عليه الحكومات المتتالية،وما تم أمس كان حقا منقوصا ومشوها،وترك ضحايا،والطبيعي والواجب،لو أرادوه تاريخيا حقا،لتمت ترقية من قضوا أكثر من 20 سنة في السلم 11،بأثر رجعي إداريا وماديا،ولتمت الإشارة إلى الذين تقاعدوا بعد اتفاق 26 أبريل دون أن يستفيدوا من خارج السلم،وأتوقع تنسيقية لضحايا اتفاق 14 يناير أبريل 2023،في القريب العاجل.
إذن لم يكن ذلك انتصارا،وبالأحرى أم يكون تاريخيا،بقدر ما كان استعادة لحق مغتصب ومهضوم ،وكان على الحكومة وهي تدبج بلاغها بالكلمات الرنانة أن تعتذر للشغيلة التعليمة عن الخرق السافر لتعهداتها والظلم والضرر الذي لحق المعنيين والمعنيات.
كم سيستفيد من هذا الإجراء،وما أثره على جيب الشغيلة التعليمية التي تقارب 400 ألف أستاذ وأستاذة؟
حسب بعض الإحصاءات أن هناك 80 ألف معني،فئة كبيرة منهم ستغادر القطاع هذه السنة،وسيخضعون لقوانين ترقي قد تؤخرهم لعشر سنوات أو يزيد،أما رقم 200000 الذي تحدث عنه الطبالون والزمارون النقابيون،فهو كلام للاستهلاك لا غير،لأنه يمثل العدد من الأساتذة الذين سيتفيدون على المدى البعيد،مما يعني أن أكثر من 300 ألف أستاذ وأستاذة لن تجد أثرا لهذا الاتفاق على قدرتها الشرائية على المدى القريب ،و الذي كانت تنتظره من بينان النقابات والحكومة ،ويعد بالنسبة إليها بالغ الأهمية،نظرا للظروف الصعبة التي تعيشها في ظل غلاء الأسعار ،هو تحسين دخلها،من خلال الوفاء بالتزام الحكومة بزيادة 1500 درهم في أجر الأستاذ،والتخفيض من الضريبة على الدخل.
كل هذا لم يتم ،بل تجند مرتزقة النقابات للتعتيم عليه،والإشادة بالجزئيات خوفا من إثارة موضوع ما يعانيه الأستاذ من إكراهات مادية ،تقف حائلا أمام تحقيق حياة كريمة له ولأسرته…!
وقد يقول قائل ،هناك أيضا تحفيزات مادية مباشرة مخصصة للأساتذة،وكذا للمدارس التي ستتحقق فيها الجودة،مما يعني أن الحكومة لم تغفل موضوع الزيادة في أجرة الأستاذ.
إنه من المضحك أن نعتبر اسفادة 10 % من الأساتذة،أي حوالي 40 ألف أستاذ وأستاذة من زيادة 83 درهما شهريا،وبمعايير مذلة ،في الوقت الذي استفاد غيره ب 3000 درهم بلا ضجيج ،وبدون أدنى تضحيات.
بل يعتبر ذلك أمرا سخيفا عندما تعتبر الحكومة تلك الدريهمات ولفئة محدودة تحفيزات من شأنها تحقيق مدرسة الجودة والنجاح،وأرضية صلبة لأجرأة إصلاح المنظومة التعليمية…!
والحقيقة أن هذا العرض الهزيل والمذل،كان تملصا وتراجعا عن اتفاق ،كان قاب قوسين أو أدنى أن يؤجرأ ،ويتعلق الأمر بالتعويض عن العمل في الأماكن النائية والصعبة من العالم القروي،والذي سيبقى مطلبا أساسيا لفئة عريضة من الشغيلة التعليمية،التي تضحي بالغالي والنفيس من أجل تمكين أبناء المغرب العميق من حقهم في التمدرس.
بناء عليه،اسمحوا لي،معشر الأساتذة والأستاذات،أن أقول : لقد كان اتفاق أمس خيانة تاريخية للشغيلة التعليمية بامتياز .
“انتظروني في الفصل الثاني من توقيع الخيانة”