المصطفى دلدو
أثارت مباراة توظيف متصرفين من الدرجة الثانية، التي تم تنظيمها من طرف الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية سجالا واسعا بين متبارين قادمين من شعبة تعتمد اللغة عربية والإدارة، حول فحوى الامتحان، الذي تبنت من خلاله الوكالة الإجابة بلغة المستعمر الفرنسي، رغم سعي المملكة المغربية وراء الاستغناء عنها وطردها إلى ما وراء حدود المغرب، بعد أن تحولت إلى آفة ذات جذور قوية يصعب اجثتاتها، على الأقل في الوقت الراهن.
وعبر بعض المتبارين عن استيائهم لما أقدمت عليه الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، وربطوا ذلك بتزامنه مع الأزمة التي تمر منها العلاقات المغربية الفرنسية، معتبرين أن ذلك “يتعارض مع أهداف وتوجهات المملكة المغربية، التي تحارب اللغة الفرنسية، وتعطي أولوية للغة العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين للمملكة وفق دستورها، والأنجليزية كلغة أجنبية أولى”.
ويشار إلى أن الإعلان عن مباراة التوظيف بالوكالة الوطنية لمحاربة الأمية يتضمن توصيف اجتياز المباراة باللغة العربية، ليس إلا. فلماذا، إذن، إلزامية الإجابة بالفرنسية؟ يتساءل بعضهم.
ورغم محاولة الإدارة لإقناع المتبارين المحتجين بالعدول عن مقاطعة الامتحان، إلا أنها قوبلت بالرفض، فكان الامتناع سيد الموقف، ما دفع الإدارة إلى تأجيل المباراة للمرة الثانية إلى إشعار آخر.
الشيء الذي دفع مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، السيد عبد الودود خربوش إلى الفشل في تدبير مباراة توظيف متصرفين من الدرجة الثانية تخصص القانون على مستوى الإدارة المركزية، بعد أن تضمن إعلان توصيف المباراة اجتيازها باللغة العربية مع ذكر تخصص القانون باللغة العربية وهذا ما تنافى مع موضوع الاختبار الذي طرح صباح يوم الامتحان، الأحد 24-9-2023 باللغة الفرنسية.
وعدم التزام الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بلغة الامتحان أحدث ضجة داخل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، مع استياء للطلبة القادمين من مختلف جهات المملكة بعد تكبدهم عناء السفر..
ومن جهتها أفادت مصادر مقربة من مدير الوكالة السيد عبد الودود خربوش أن المباراة همّت تسعة تخصصات، أجريت منها بنجاح ثمانية، ولم يبق سوى مباراة فئة القانونيين من درجة متصرف (السلم 11)، مفيدا أن بعض الأشخاص رفضوا اجتياز المباراة بدعوى أنها باللغة الفرنسية، كما منعوا باقي المتبارين بالمدرجات من حقهم في هذه الاستحقاقات.. لدرجة نزع أوراق المترشحين وتمزيقها!!
وللإضافة، فقد تم وضع امتحان المتصرفين من الدرجة الثانية تخصص القانون في شكل موضوعين اختياريين باللغة الفرنسية، لمدة ساعتين، دون أن يتضمن الامتحان خيار اللغة العربية، ما أثار استياء الطلبة الذين تقدموا لاجتياز الامتحان، مما سبب فشل الوكالة في تنظيم الاختبارات الكتابية.
وأعلنت الوكالة عن تنظيم مباراة المتصرفين من الدرجة الثانية، مخصصة لأربعة مناصب تخصص القانون، ومنصب واحد لكل من تخصص الاندراغوجيا، وعلوم هندسة الحاسوب. كما أعلنت 3 مناصب لمتصرف من الدرجة الثالثة لتخصصات الإدارة والتسيير وعلم الاجتماع والتواصل، إضافة إلى 3 مناصب لتقنيين من الدرجة الثالثة تخصصات المحاسبة، والتسيير والمعلوميات.
هذا وتطرح تساؤلات بخصوص مستقبل الامتحان الذي تمت مقاطعته، وما إن كانت الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية ستعيد برمجته مع احترام اعتماد اللغة العربية، أم أنها ستلجأ إلى إلغاء المناصب المذكورة في أفق برمجتها لاحقا.
وعلى ضوء ذلك تناثرت بعض التصريحات هنا وهناك لبعض الرافضين لاجتياز مباراة إدارة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية “المفرنسة”، حيث قال أحدهم “خاصها واقيلا تحارب الأمية ف داخل الوكالة قبل ما تحاربها بين الأميين”.
وقال آخر: ..إن “الإجابة إجبارية باللغة الفرنسية، تضعنا في مواجهة أمام مخلفات فرنسا.. وهم الآن متحكمين في دواليب الدولة، وكان الأفضل أن يخصص هذا الامتحان للفرنسيين والمتفرنسين، بدل المغاربة ذو الأصول العربية!! “
كما تساءل آخرون: “متى ستعرب الإدارة المغربية بشكل نهائي مع إبعاد اللغات الأجنبية؟؟”