نظم مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية يوم الأربعاء 28 فبراير 2024 بمدينة العيون، المنتدى الجهوي الاول حول موضوع “الدعامات الدستورية والقانونية للديمقراطية التشاركية بالمغرب”، وذلك في إطار مشروعه المعنون بـ” منتديات الديمقراطية التشاركية: سبل تيسير مساهمة المواطنين والمجتمع المدني في إدارة الشأن العام، والمندرج ضمن الحملة التواصلية التحسيسية الجهوية حول آليات الديمقراطية التشاركية بجهة العيون الساقية الحمراء التي ينظمها المركز بشراكة مع الـوزارة المنتدبـة لـدى رئيـس الحكومـة المكلفـة بالعلاقـات مـع البرلمـان.
ويسعى هذا المنتدى الاول حول الديمقراطية التشاركية إلى فتح النقاش حول المقتضيات الواردة في الوثيقة الدستورية لسنة 2011، والتي كرست بشكل صريح المشاركة المواطنة كإحدى الرافعات الأساسية التي يقوم عليها النظام الدستوري المغربي، وذلك من خلال تبويئ منظمات المجتمع المدني دورا متقدما إلى جانب المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية في صناعة القرار العمومي، وإعداد برامج التنمية وتتبعها، حيث تم التداول في أوجه التقدم المحرز عبر عشر سنوات من تطبيق القوانين التنظيمية المؤطرة للملتمسات في مجال التشريع والعرائض كآلية دستورية تشاركية، سواء تلك المتعلقة بحق تقديم العرائض على المستوى الوطني أو تلك المقدمة على المستوى الجهوي والترابي والوقوف عند الاختلالات والصعوبات التي عرفتها التجربة العملية والتي أبانت أن عملية التقدم بالعرائض والملتمسات واجهت عدة عوائق حالت دون تحقيق أهدافها. ولعل من بين ابرزها عدم التطبيق السليم لمقتضياتها، لأسباب مرتبطة بشروط وكيفيات ممارسة هذه الألية، وفي هذا الصدد حدد الأسباب الرئيسة وراء ذلك كصعوبة تجميع العديد الكبير من التوقيعات الداعمة للعريضة، واشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية للموقعين عليها، وعدم اعتماد مساطر مبسطة وشفافة من شأنها تيسير الجمعيات في تقديم العرائض وحرمانها من تقديم الملتمسات في مجال التشريع بما يتنافى مع الأدوار الجديدة التي بوأها الدستور للمجتمع المدني، وأيضا عدم تخويل سبل الطعن في العرائض الوطنية، وتقدم المشاركون بعدة توصيات عملية لتحقيق مراجعة أنجع للقوانين التنظيمية للديمقراطية التشاركية من خلال المحاور التالية: أولا: تنزيل المبادئ الدستورية الرامية الى تأهيل جمعيات ومنظمات المجتمع المدني وتقوية قدراتها من اجل تملك آليات الديمقراطية التشاركية واستثمارها لتشكل قوة اقتراحية تساهم في إعداد السياسات العمومية وبلورتها وتنفيذها وثانيا: تجسير العلاقة بين الفاعلين المدنيين والمؤسسات المنتخبة، ثم ثالثا: التطبيق العملي للمشاركة المواطنة بما يساهم في تعزيز الثقة في المؤسسات، والاستماع إلى نبض المواطنين فضلا عن جعلها دعامة أساسية للديمقراطية التمثيلية على المستويين المحلي والوطني.
و قد اعتبرت مختلف المداخلات أن دستور 2011 قد أسس لرؤية جديدة في ترسيخ المشاركة المُواطِنة ببلادنا تمخض عنها إقرار آليات جديدة لتعزيز مساهمة المواطنين والمواطنات في بلورة السياسات العمومية، كالملتمسات في مجال التشريع، والعرائض التي تمت المراهنة عليها لتجويد التدبير العمومي وإدارة الشأن العام الوطني والمحلي، ولتجسير العلاقة بين المواطن والفاعل العمومي، بيد أن طبيعة التنزيل القانوني والتنظيمي للوثيقة الدستورية، وطبيعة الثقافة السائدة حول التدبير التشاركي، قد حدت شيئا من تملّك هذه الأليات، ومن درجة تأثيرها في صنع القرار، وخلص المتدخلين الى أن أية قراءة للنصوص المؤطرة للمشاركة المواطنة في التشريع المغربي تتطلب اعتماد مرجعية الديمقراطية التشاركية في عالميتها وشموليتها. وضرورة استحضار التجارب والممارسات الفضلى في البلدان التي حققت زخما مهما في اعتماد هذه الاليات، مع مواصلة النقاش العمومي والتحسيس المتواصل بأهمية اشراك المواطن في القرار التنموي.
وفي نفس السياق نوه معظم المشاركين بمضامين الخطاب الموجه للأمة بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2007، والذي اعتبر “أن الحاجة إلى استكمال الديمقراطية التمثيلية التقليدية بالديمقراطية التشاركية الحديثة، يتطلب تسخير مختلف الخبرات المتنوعة عبر كل الجهات بالمملكة، وإمكانات المجتمع المدني، وجهود جميع القوى الحيوية فضلاً عن المبادرات المؤسسية الوطنية وتعبئتها للدفع بالديناميات السياسية والمجتمعية ببلادنا.
وقد خلص اللقاء إلى مجموعة من التوصيات لتجاوز الصعوبات التي تمت مناقشتها بشأن تنزيل الدعامات الدستورية والقانونية للديمقراطية التشاركية بالمغرب، ومن أبرز التوصيات:
ضرورة العمل على المزيد من تيسير مساهمة المواطنين والمجتمع المدني في إدارة الشأن العام عبر مراجعة وتعديل الترسانة القانونية المؤطرة للمشاركة المواطنة.
مراعاة الخصوصيات ألمجالية والترابية والتعبيرات الثقافية والأعراف المجتمعية والمكونات الهوياتية الأمازيغية الحسانية بمناسبة اجراء اية تعديلات مستقبلية للمقتضيات القانونية ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية.
التكوين المستمر للجمعيات حول وكيفيات مساهمتها في إطار للمشاركة المواطنة على المستوى المحلي.
الدعوة الى توحيد الجهود والتشبيك بين الجمعيات في المجالات ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية
تبسيط مسطرة تقديم وإيداع الملتمسات في مجال التشريع عبر التخفيف من الشروط الشكلية والموضوعية المطلوبة لقبولها.
ضرورة تعامل الهيئات المنتخبة بجدية مع مآل العريضة، والرد على مقدمي العرائض ونشر محاضر اجتماعاتها وقرارها بخصوص العرائض المؤهلة.
تقليص عدد الموقعين على العريضة وكذا الغاء شرط بالتسجيل في اللوائح الانتخابية لتقديم العرائض والتوقيع عليها سواء على المستوى الوطني أو المحلي من اجل ادماج اكبر للمواطنين غير المسجلين في اللوائح الانتخابية في اطار المشاركة المواطنة.
اعتماد العرائض المحلية الرقمية والتوقيع الإلكتروني عليها بما يتماشى مع استراتيجية المملكة في الحفاظ على الموارد البيئية ببلادنا.
تيسير سبل الولوج للمعلومات على الصعيدين الجهوي والمحلي، وذلك باعتماد كل الوسائل المتاحة للتواصل بما فيها التواصل الإلكتروني؛
الارتقاء بالمشاركة المواطنة عن كل اشكال التوظيف الانتخابوي وجعلها الية لبناء جسور الثقة بين الفاعلين المدنيين والهيئات المنتخبة.
ضرورة انخراط جميع المتدخلين من هيئات تشريعية وتنفيذية ومكونات المجتمع المدني للتحسيس ورفع الوعي العام بأهمية توسيع مجالات المشاركة الشعبية وتعزيز دور المواطن في الحياة العامة والقرار التنموي، تجسيدا وتنزيلا للمبادئ الدستورية والمقتضيات القانونية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية وتعزيز دور وسائل الإعلام في ذلك.