إعداد : ذ. عبد الرحيم مفكير
الدكتور طه عبد الرحمن (م 1944) مفكر مغربي متخصص في المنطق واللسانيات، يؤمن بتعدد الحداثات ويسعى لتأسيس حداثة أخلاقية إنسانية انطلاقا من قيم ومبادئ الدين الإسلامي.
نبذة عن حياته :
ولد في مدينة الجديدة بالمغرب عام 1944، وبها درس دراسته الابتدائية، ثم تابع دراسته الإعدادية بمدينة الدار البيضاء، ثم بجامعة محمد الخامس بالرباط حيث نال إجازة في الفلسفة، واستكمل دراسته بفرنسا بجامعة السوربون، حيث حصل منها على إجازة ثانية في الفلسفة ودكتوراه السلك الثالث عام 1972 برسالة في موضوع “اللغة والفلسفة : رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود”، ثم دكتوراه الدولة عام 1985 عن أطروحته “رسالة في الاستدلال الحجاجي والطبيعي ونماذجه”. درَّس المنطق في جامعة محمد الخامس بالرباط منذ بداية السبعينيات. حصل على جائزة المغرب للكتاب مرتين، ثم على جائزة الإسيسكو في الفكر الإسلامي والفلسفة عام 2006.و هو أستاذ زائر بعدة جامعات مغربية، ورئيس ” منتدى الحكمة للباحثين والمفكرين” الذي تأسس في المغرب بتاريخ 9 مارس 2002 .
مشروعه الفلسفي :
يمكن القول بأن المشروع الفلسفي للدكتور طه عبد الرحمن ينقسم، منطقيا وليس مرحليا، إلى عناصر ثلاث. أولا، فك الارتباط والتماهي بين الفلسفة عموما، ومفهوم الحداثة خصوصا، وبين الفكر الغربي. وبذلك يصبح ممكنا أن تقوم لكل ثقافة فلسفة خاصة، وفكر حداثي خاص، مميز لها. ثانيا، إعادة الارتباط بين الأخلاق باعتبارها عمل وليس نظر وبين الفلسفة النظرية، عموما، ومفهوم الحداثة خصوصا. وبذلك يصبح الفكر النظري والعمل الأخلاقي وجهان لعملة واحدة. ثالثا، تأسيس مفهوم العمل الأخلاقي على مبادئ وقيم الدين الإسلامي وعلى قراءة معاصرة للقرآن الكريم. وذلك باعتبار الدين الإسلامي رسالة إنسانية في المقام الأول.
وقد ترتب على هذا التصور معارضته للفكر الغربي الحديث على أساس استبعاده للأخلاق بالمعنى العملي، ومعارضته للفكر الإسلامي القديم والحديث على أساس النقص في التنظير لهذا المبدأ الأخلاقي. وبالتالي أصبح من الضروري إنشاء نسق “حداثي – أخلاقي” جديد يكمل النقص في الجانبين، وهو ما يمثل مضمون محاولته.
يطرح الدكتور طه عبد الرحمن مبدأ تعدد الحداثة، الذي يمثل العنصر الأول في مشروعه، كما يلي،
ما نشاهده في واقعنا هو نقل للحداثة الموجودة في واقع الحداثة الغربية هذا النقل ليس فيه ابتكار ولا جمال.. كيف نتصرف مع هذا الواقع، كيف نصبح لا ناقلين للحداثة بل مبدعين لها؟ في نظري يجب التفريق بين واقع الأشياء وبين روح الأشياء.. ما معنى الروح؟ هي مجموعة القيم ومجموعة المبادئ التي يكون هذا الواقع تجسيداً لها وتطبيقاً لها؛ بمعنى أنه ينبغي أن نبحث عن الحداثة كقيم لا عن الحداثة كواقع، هذا الواقع موجود لا ننكره ونتصل به ونقلده وننقل عنه وما إلى ذلك ولكن ليس هذا الواقع هو الذي سيدخلنا إلى الحداثة؛ فإذا لابد أن نبحث عن هذه المبادئ وهذه القيم التي يعد الواقع تحقيقاً لها. (حوار قناة الجزيرة، الجزء السادس)
وتأكيدا لهذا التعدد في فهم الحداثة، ينقد الدكتور طه الحضارة الغربية الحديثة، ويسميها حضارة القول على أساس لا أخلاقيتها كما يلي،
وعلى الجملة، فإن ما أنتجته حضارة القول هو مضار ثلاث أصابت الإنسان في كيانه الخلقي: مضرة التضييق التي جعلت الفعل الخلقي فعلا محدودا ومضرة التجميد التي جعلته فعلا مقطوعا ومضرة التنقيص التي جعلته فعلا منبوذا؛ وعلى هذا، يكون “الحد” و”القطع” و”النبذ” هو نصيب الفعل الخلقي من حضارة القول، وفي هذا منتهى ظلم الإنسان متى عرفنا أن الحقيقة الإنسانية لا تتحدد إلا بالأخلاق؛ لذا يتعين العمل على دفع هذا الظلم عن الإنسان حتى تعود إليه هويته. (سؤال الأخلاق، مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، ص 79 – 80)
كما يشير إلى النقص في “التنظير” في الفكر الإسلامي الحديث كما يلي،
اعلم أن “اليقظة الدينية” التي دخل فيها العالم الإسلامي في العقدين الأخيرين، أثارت عند الأنصار والخصوم من المواقف المتفاوتة والمتباينة ما قد لا تؤمن عواقبه إن لم يكثر به التلبيس وتقع به الفتنة. واعلم أيضا أن هذه “اليقظة العقدية”، على انتشارها في الآفاق وتأثيرها في النفوس، تفتقر إلى سند فكري محرر على شروط المناهج العقلية والمعايير العلمية المستجدة، فلا نكاد نظفر عند أهلها لا بتأطير منهجي محكم، ولا بتنظير علمي منتج، ولا بتبصير فلسفي مؤسس. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 9)
في ظل هذا النقد المزدوج يجد الدكتور طه نقطة البدء في إدراك أن للمنطق، بالمعنى الغربي الحديث، حدود، وأن الطريق هو البحث فيما وراء حدود المنطق،
لما تم اختصاصي في المنطقيات والعقليات تبين لي حدود هذه المنطقيات… وأن تكويني الفلسفي يحتم عليّ أن أطلب الحقيقة ولو من وراء الحدود وأن الفلسفة تقتضي سبر الأغوار.. فكل ذلك جعلني أطلب طريقا آخر لتبين ما وراء حدود المنطق، فكنت على يقين على أن لغة هذا المستوى لا يمكن أن تكون لغة العبارة، لأن العبارة هي لغة العقل المحدود الذي ظهرت لي حدوده وقيوده، فلابد أن تكون لغة إشارة، فلابد أن تكون هذه اللغة لغة إشارة وإشارة أصيلة ومجاز بليغ حتى يمكن أن ننفذ إلى ما وراء حدود العقل،. (حوار – قناة الجزيرة – الجزء الأول)
وما هو وراء حدود المنطق هو القيم والأخلاق الدينية، وهذه نجدها في صورتها الأكمل في الدين الإسلامي باعتباره دعوة عالمية. (حوار – قناة الجزيرة – الجزء الرابع). والهدف النهائي هو وضع نظرية أخلاقية إسلامية تفلح في مواجهة لا أخلاقية الحضارة الغربية،
ليس يخفى أننا كنا نسعى منذ صدور كتابنا: العمل الديني وتجديد العقل إلى الإسهام في تجديد الفكر الديني الإسلامي بما يؤهله لمواجهة التحديات الفكرية التي ما فتئت الحضارة الحديثة تتمخض عنها، بل كنا نسعى، على وجه الخصوص، إلى وضع نظرية أخلاقية إسلامية مستمدة من صميم هذا الفكر، نظرية تفلح في التصدي للتحديات الأخلاقية لهذه الحضارة بما لم تفلح به نظائرها من النظريات الأخلاقية غير الإسلامية أو غير الدينية. (سؤال الأخلاق، ص 171)
منهجه :
يعتمد الدكتور طه عبد الرحمن بشكل أساسي على المنطق الصوري في معالجة الموضوع، وهذا بطبيعة الحال نتيجة لكونه أحد كبار المناطقة في الفكر العربي المعاصر. لذلك نجد أن معالجته تعتمد أولا، على معالجة مشكلة المصطلحات، ثم على التقسيم المنطقي للموضوع، ثم على الاستدلال المنطقي لإثبات القضايا محل البحث. ولكنه في نفس الوقت، باعتبار تخصصه أيضا، يعلم ما وصل إليه الفكر المعاصر من حدود للمنطق وللرياضيات وفلسفة العلم، كما يعلم ما وصل إليه هذا الفكر من تجاوز لمفهوم الفصل الكامل بين الذات والموضوع، الذي يمثل المسلمة الضمنية الأساسية في المنطق الصوري التقليدي.
لذلك يمكن تقسيم منهجيته إلى، أولا معالجة مشكلة المصطلحات، ثم قضية حدود المعرفة، ثم قضية الفصل بين الذات والموضوع.
ضرورة نحت مصطلحات جديدة
يطرح الدكتور طه عبد الرحمن مشكلة المصطلحات في الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة كما يلي،
اننا جرينا على عادتنا في استخدام المفاهيم المتداولة في الممارسة الإسلامية العربية حيث يستخدم غيرنا مفاهيم تحذو حذو المنقول الفلسفي الغربي حذو النعل بالنعل… الأمر الذي أدى إلى قيام ازدواجية في الفكر الإسلامي العربي لم تورث أهله إلى حد الآن إلا الجمود على ما نقلوه، فحرموا أيما حرمان من ممارستهم حقهم في الإبداع الفلسفي المختلف. (سؤال الأخلاق، ص 30)
لذلك يصبح ضروريا الاعتماد على مصطلحات نابعة من ثقافتنا وإنشاء ما يلزم من مصطلحات،
أنا كتبت كتابا اسمه “فقه الفلسفة” والجزء الأول فيه المفهوم الفلسفي، المفاهيم هي المدخل للمعرفة ومدخل إلى ضبط السلوك المعرفي للإنسان فنحن نحتاج حقا إلى إعادة النظر في كل المفاهيم التي نتلقاها، لأننا –كما قلت- نستخدمها بوجوهها الأصلية في حين أن واقعنا لا يطابق هذه الوجوه، فلذلك ينبغي إعادة النظر، (حوار دار الحكمة)
وتطبيقا لذلك يقوم الدكتور طه بنحت المصطلحات باعتبار ذلك أمرا ضروريا لتحقيق مشروعه. فعلى سبيل المثال يطرح مصطلحات “العقل المجرد” و”العقل المسدد” و”العقل المؤيد” للتعبير عن ثلاث درجات أساسية للعقلانية.
الفصل بين الذات والموضوع
يبني الدكتور طه ربطه بين الأخلاق وبين الفكر المجرد على أساس سقوط مفهوم الفصل التام بين الذات والموضوع، وبالتالي يصبح منهجه متضمنا باستمرار نوع من الوصل بينهما. ويثبت هذه القضية كما يلي،
إن الخبر في الدين لا ينفك عن القيمة الأخلاقية… والفصل القاطع بين الخبر والقيمة لا يمكن التسليم به، وذلك لثبوت الحقيقتين الآتيتين:
أولاهما، أن الفصل بين الخبر والقيمة في عموم المعرفة، إن لم يكن قد حسم الأمر فيه بالبطلان، فلا أقل من أنه موضع أخذ ورد، وأنصار الرد فيه أكثر من أنصار الأخذ، ذلك أن كثيرا من التفرقات التي كانت مسلمة عند الجمهور قد صار مشكوكا فيها عند فقهاء العلم المعاصرين، نحو “التفرقة بين الواقعة والنظرية” و”التفرقة بين الملاحظة والنظرية” و”التفرقة بين التعريف والنظرية” و”التفرقة بين التحليل والتركيب” و”التفرقة بين الواقعي والمثالي” و”التفرقة بين الواقعي والاعتقادي” و”التفرقة بين الصوري والتجريبي”؛ وقد كانت “التفرقة بين الواقعة والقيمة” أكثرها استقطابا لأنظار الفلاسفة ومثارا لجدل عميق وخصيب بينهم ليس هذا موضع تفصيله. (سؤال الأخلاق، ص 47)
المنهج العقلي العلمي
والنتيجة المباشرة لاعتماد منهج عدم الفصل التام بين الذات والموضوع هي معارضة المنهج العقلي العلمي السائد الذي يعتمد على هذا الفصل، وبالتالي يصبح للبعد الأخلاقي للإنسان مكانا أساسيا في المنهج العقلي العلمي. ويطرح الدكتور طه موقفه هذا كما يلي،
لقد قام النمط المعرفي الغربي الحديث منذ نشأته في مطلع القرن السابع عشر على أصلين اثنين يقضيان بقطع الصلة بصنفين من الاعتبارات التي يأخذ بها كل متدين. أما الأصل الأول، فيمكن أن نصوغه كما يلي: “لا أخلاق في العلم”… وأما الأصل الثاني، فيمكن أن نصوغه كما يلي: “لا غيب في العقل”. (سؤال الأخلاق، ص 92) ولذلك يصبح بالإمكان الاعتماد على منهج علمي آخر لا يعتمد على هذا الفصل،
تبين أنه يبقى في الإمكان سلوك منهج علمي آخر يولد ضربا من ضروب العقل لا يكون بأوصاف العقل المجرد، أو قل أن ابتكار منهج مغاير للمنهج العقلي العلمي المتداول في العلوم النظرية السائدة حاليا، منهج لا يقل عقلانية وعلمية عن منهج هذه العلوم، هو حقيقة يجب التسليم بها.ٍ (العمل الديني وتجديد العقل، ص 21)
فلسفته :
ترتكز محاولة الدكتور طه عبد الرحمن لتحقيق هذا المشروع الفلسفي على طرح تصور معين لمفهوم “العقل” و”العقلانية” يؤدي بشكل تلقائي إلى إمكانية تحقيق المشروع. وبناء على هذا المفهوم المركزي يصبح ممكنا نقد الحداثة الغربية، ونقد الفكر الإسلامي القديم والحديث، ونقل (أي ترجمة) الفكر الغربي الحديث بصورة صحيحة، وقراءة (أي فهم) التراث الإسلامي قراءة صحيحة، وأخيرا تقديم التصور الأخلاقي الصحيح اللازم لمعالجة مشكلات الحداثة الغربية وتأسيس الحداثة الإسلامية البديلة.
مفهومه للعقلانية:
مفهوم العقلانية عند الدكتور طه يعتمد أولا على رفض اعتبار العقل شيئا مستقلا، باعتبار ذلك مفهوما تجزيئيا للإنسان. فالعقل هو فاعلية للإنسان ككل وليس كيانا مستقلا فاعلا. ثم يعتمد ثانيا على الربط بين الفاعلية النظرية المجردة (العقل النظري) وبين الشعور الذاتي الداخلي (القلب)، تطبيقا لعدم الفصل التام بين الذات والموضوع. وثالثا، على تقسيم الفاعلية العقلية إلى ثلاث مستويات أساسية، هي التجريد، والعمل، واليقين الصوفي، ويقابلها ثلاثة مفاهيم للعقل “العقل المجرد”، “العقل المسدد”، “العقل المؤيد”.
في هذا الإطار يعارض الدكتور طه النزعة التجزيئية للعقل، بالمفهوم الغربي، ويقرر موقفه كما يلي،
فعلى هذا، لا يعدو العقل أن يكون فعلا من الأفعال أو سلوكا من السلوكيات التي يطلع بها الإنسان على الأشياء في نفسه وفي أفقه، مثله في ذلك مثل البصر بالنسبة للمبصرات، فالبصر ليس جوهرا مستقلا بنفسه، وإنما هو فعل معلول للعين، فكذلك العقل هو فعل معلول لذات حقيقية، وهذه الذات هي التي تميز بها الإنسان في نطاق الممارسة الفكرية الإسلامية العربية، ألا وهي “القلب”، فالعقل للقلب كالبصر للعين. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 18)
ويرتكز الدكتور طه في ذلك على أن المنطق الرياضي (نظرية جودل المشهورة) يثبت وجود حدود للعقل في “قدرة الأنساق في السيطرة على الواقع”، ولذلك،
إذا صح أن الصياغة الصورية للنظريات (أو الصورنة) هي بالذات إضفاء الصيغة العقلانية عليها أو “عقلنتها”، صح معه أيضا أن حدود هذه الصياغة هي حدود العقلنة ذاتها، بمعنى أنه لا يمكن إخضاع الواقع لعقلنة كاملة، ما دام هناك من الحقائق ما لا يمكن تعقيله. ولما كان العقل المجرد هو عين هذا التعقيل، تبين بما لا يدع مجالا للشك قصوره عن درك حقائق علمية ثابتة. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 43)
والطريق لمعالجة مشكلة حدود العقل المجرد هو عملية إكمال لهذا العقل، وهذا يتم من خلال الربط بين النظر المجرد وبين العمل، والعمل هو على مقتضي الشرع الإلهي،
السبيل هو بالذات الدخول في عملية “إكمال”أو تكميل” للعقل المجرد،… من خلال إقدار المتقرب على الفعل وإقامة نظره المجرد على العمل المشخص… ولا عمل أقرب إلى أن يسانده العقل والنقل من العمل على مقتضى الشرع الإلهي الأسمى. وعلى هذا، فالعمل الشرعي هو أنفع الأعمال في جلاء الحدود وأنجع الوسائل في رفع القيود. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 53)
ويصبح العقل المكمل بواسطة العمل هو “العقل المسدد”،
ولما كان العقل المجرد بفضل تنزيله على العمل وتوجيهه على مقتضاه، يأخذ في ترك وصفه العقلاني الأصلي ليتجه إلى الاتصاف بوصف عقلاني أفضل وأعقل، ارتأينا أن نخص هذا العقل الذي يسدده العمل ويجدد لباسه باسم “العقل المسدد”. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 53)
وهذا العقل المسدد، من خلال الإخلاص في العمل والمداومة عليه، يصل إلى مرحلة “العقل المؤيد”، كما يلي،
ولما كان العقل المسدد، بفضل تنزيله على التجربة الحية وتأييده بأوصافها، يترك وصفه العقلاني الأصلي ليتخذ وصفا عقلانيا جديدا أعقل منه وأكمل وأفضل، اخترنا أن نطلق على هذا العقل الجديد الذي يؤيده العمل القائم على التجربة اسم “العقل المؤيد”. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 116)
والعقل المؤيد يعتمد على التوسل بالتجربة الروحية الحية، والتي اشتهرت باسم التصوف،
سنبين في هذا الباب كيف أن العقل المؤيد يتدارك الآفات الخلقية والعلمية التي تقع فيها الممارسة المسددة، وكيف ينبني على طرائق تحقيقية وتوجهات كمالية، وذلك بأن نترصد الممارسة التي اشتهرت في تاريخ الإسلام بالتعويل على التجربة وطلب الكمال في العمل الشرعي، وهي: “التصوف”. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 119)
وبذلك يختص العقل المجرد بوصف الأشياء، والعقل المسدد بأفعال الأشياء، والعقل المؤيد بهويتها الباطنية،
إذا كان العقل المجرد يطلب أن يعقل من الأشياء أوصافها الظاهرة أو بالاصطلاح “رسومها”، وكان العقل المسدد يقصد أن يعقل من الأشياء أفعالها الخارجية أو “أعمالها”، فإن العقل المؤيد على خلاف منهما يطلب، بالإضافة إلى هذه الرسوم وتلك الأعمال، الأوصاف الباطنة والأفعال الداخلية للأشياء أو “ذواتها”، والمراد بـ “الذات”، ما به يكون الشيء هو هو، أو قل “هويته”. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 121)
الترجمة :
في ظل هذا التصور للعقلانية، الذي لا يفصل تماما بين الذات والموضوع، تصبح قضية اكتساب المعرفة من الفكر الآخر، أي الترجمة، قضية أساسية. ويصبح المطلوب ليس الترجمة الحرفية للنصوص ولا توصيل مضمون النص وإنما النقل الإبداعي بما يتلاءم مع اللغة المنقول إليها، وهو ما يوجزه النص التالي،
يقسم رئيس منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين الترجمة الفلسفية إلى مراتب ثلاث، الترجمة التحصيلية أي الترجمة الحرفية التي تغلبها ألفاظ النص الأصلي على أمرها والترجمة التوصيلية أي التي تفي بغرض الأمانة المضمونية ثم الترجمة التأصيلية أي الترجمة الإبداعية التي تتوخى التصرف في نقل النص الأصلي بما يتلاءم مع عبقرية اللغة المنقول إليها حتى لكأنها تنفي بتأصيليتها عملية النقل فتقع من نفس القارئ العربي موقع الأصل، ذلك أن طه عبد الرحمن الذي يعد الترجمة بمثابة السؤال المصيري للفلسفة العربية ينعي على الترجمة الفلسفية العربية تحصيليتها التي توقعها في الإخلال بمقتضيات المجال التداولي العربي. (حوار – قناة الجزيرة – الجزء الخامس)
الموقف من الفلسفة الإسلامية :
على أساس هذه التصورات ينقد طه عبد الرحمن الفكر الإسلامي الحديث كما يلي،
يتضح مما ذكرناه أن السلفية أخذت بطريقين في الرجوع إلى النصوص الإسلامية الأصلية: طريق “التسلف النظري” الذي سلكته بالخصوص السلفية الوهابية، وطريق “التسلف النقدي” الذي انتهجته السلفية النهضوية والسلفية الوطنية، وقد نحت في هذين الطريقين منحى العقلانية المجردة وإن تفاوت الطريقان في وجوه الأخذ بهذا المنحى: ففي التسلف النظري، وقع تطبيق مقولات العقل المجرد من غير التفات إلى العمل، أما في التسلف النقدي، فقد وقع تطبيق هذه المقولات المجردة مع مراقبة العمل الشرعي بواسطتها. والتسلف النقدي، وإن بدا أوعى من “النظري” من حيث تبصره بضرورة نقل المعارف والتجارب المكتسبة واشتراطه مصاحبة العمل للنظر، فإنه لا يقل تعلقا بشروط العقلانية المجردة،…
وليس هذا التعلق بالعقلانية المجردة المشعور به والمرتب في التسلف النقدي، وغير المشعور به والعفوي في التسلف النظري إلا أثرا من آثار نفوذ العقلانية الغربية ذات الأصل الديكارتي، وقد اشتدت الدعوة إليها في السلفية بشقيها “النظري” و”النقدي”، وما زالت تزيد في الاشتداد، مع أن هذه العقلانية أخذت في مراجعة أصولها وإعادة رسم حدودها في موطنها الغربي نفسه. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 102 – 103)
كما ينقد الفكر الإسلامي القديم على أساس هامشية مفهوم الأخلاق فيه، “فالمتكلمون والفلاسفة تذبذبوا بين القول بتبعية الدين للأخلاق والقول باستقلال الأخلاق عن الدين” و”الفقهاء والأصوليون فقد جعلوا رتبة الأخلاق لا تتعدى المصالح الكمالية”،
في حين لو أنهم اتبعوا المنطق السليم في فهم حقيقة الدين، لتبينوا أن الأخلاق أولى برتبة المصالح الضرورية من غيرها؛ فما ينبغي لدين إلهي، ناهيك بالإسلام، أن ينزل إلى الناس، مقدما الاهتمام بشؤون الحياة المادية للإنسان على الاهتمام بكيفيات الارتقاء بحياته الروحية! وهل في المصالح ما يختص بكيفيات هذا الارتقاء غير الأخلاق! ثم هل في شؤون الإنسان ما هو أدل على إنسانيته من شأنه الخلقي! والصواب أن الدين والأخلاق شيء واحد، فلا دين يغير أخلاق ولا أخلاق بغير دين. (سؤال الأخلاق، ص 51)
ويرى أن أعلى درجات العقلانية، العقل المؤيد، تظهر في التصوف
ومتى نال المتقرب درجة العبدية، حصل له التأييد. وليس أدل على هذا التأييد من كون الامتنان الرباني يخرجه من وصف الافتقار إلى وصف الغنى، ومن وصف الاضطرار إلى وصف الاقتدار؛ والغنى صفة الخالق، والاقتدار صفة الفاعل، ومازال الحق يغطي العبد بالأوصاف الخالقية والأوصاف الفاعلية ما بقي هو على حال الافتقار والاضطرار، حتى يصير بين يديه متملكا بخالقيته ومتصرفا بفاعليته… إن العقل المؤيد لا تظهر كمالاته في الممارسة العقلانية الإسلامية بقدر ما تظهر في الممارسة الصوفية. (العمل الديني وتجديد العقل، ص 146)
نقد الحداثة :
وتأسيسا على مذهبة الأخلاقي ينقد الدكتور طه الحداثة الغربية وعقلانيتها العلمية – التقنية مطالبا بظهور مبدأ أخلاقي جديد يستبدل مفهوم السيادة على الطبيعة بمفهوم “المسودية لسيد الكون”،
ينطلق الأستاذ طه عبد الرحمان في تعريفه للحداثة من كونها مفهوما صلبا أي ليس محددا تحديدا نهائيا و لا متفقا عليه اتفاقا كليا؛ فهو بالتالي مفهوم مرن. فالحداثة حسب طه عبد الرحمان نمط حضاري أخد يقوم بالمجتمع الغربي منذ نهاية القرن 16 من النهضة و الإصلاح الديني . و قد عرف هذا النمط رسوخا مع الحركة الثورة الفرنسية ثم توسع مع الثورة الصناعية و الثورة التكنولوجية ليشمل العالم كله مع ثورة الاتصالات فهو إذن ينطلق من كون الحداثة جملة التحولات العميقة التي طرأت على المجتمع الغربي منذ خمسة قرون فأحدثت تقدما على كل المستويات في المجتمع .
و يركز الأستاذ طه عبد الرحمان على أن للحداثة سمتين أساسيتين حيث أن كل التحولات التي حصلت في المجتمع الغربي هي تحولات انتمائية تراكمية نقلت المجتمع من طور حضاري إلى طور يعلوه تقدما- أما السمة الثانية التي تميز الحداثة الغربية فهي أنها تحولات داخلية أي أن الغرب هو الذي قام بها من ذاته و بمقتضيات مجتمعه و ليست حداثة واردة عليه و لا مفروضة عليه. ليخلص الفيلسوف طه عبد الرحمان إلى أن السمة التي تجمع بين التراكم و التلقائية هي الإبداع. فالخاصية الأساسية للحداثة أنها جملة الإبداعات التي جاء بها الإنسان الغربي ، و لذلك ينبغي تعميم هذه الخاصية، فتكون الخاصية المميزة للحداثة أن تكون عطاء مبدعا فأينما وجد العطاء المبدع فثمة حداثة ” فكل من يدعي الحداثة و ليس في فكره جديد يأتي به من عنده ، و لا في سلوكه فعل على وفق هذا الجديد الخاص به، فليس صاحب حداثة بل هو على الحقيقة صاحب تقليد ، فحقيقة الحداثة إذن هي الإحداث المستحدث أي الفعل المبدع فالحداثة الفلسفية هي السلوك الفلسفي الذي يوصل صاحبه إلى الفعل الفلسفي المبدع (طه عبد الرحماان : حوارات من أجل المستقبل، منشورات الزمن – سلسلة كتاب الجيب ، العدد 13، 2000،ص 25.)
وإذن فالحداثة ليست هي تقليد الغير في قوله و فعله و إنما الإتيان بما يضاهي ما عند الغير إنتاجا و إبداعا، فكل مبدع حداثي و كل مقلد غير حداثي حتى و لو قلد الحداثة ، و لهذا فواقعنا الحالي – حسب طه عبد الرحمان – ليس تطبيقا لروح الحداثة و إنما تطبيق لتطبيق آخر لروح الحداثة أي نسخ لتطبيق غربي لها و لذا لا يمكن أن نسميه بواقع حداثي و إنما يمكن أن يوصف بشبه حداثي لأنه يتنافى مع الشروط الأساسية للحداثة و المتمثلة في التطبيق الداخلي لا الاستيراد و التجديد لا الإتباع.
و المتحصل عند الأستاذ طه عبد الرحمان أن الحداثة تعيش نوعا من التشيئ بسبب تباين التعاريف التي تطلق عليها، و التي أفضت إلى تهويل الحداثة و إخراجها من مألوفها الطبيعي إلى دائرة التضخيم التعريفي غير النقدي و لا العقلي : و الذي ترفضه الحداثة نفسها و لا سبيل للخروج من هذا التشيئ حسب طه عبد الرحمان إلا بإحداث تدقيقات و تحقيبات :
أولها: التمييز بين تطبيقات الحداثة و روح أو كنه الحداثة. فالحداثة روح وروحها الإبداع، و تطبيقات هذه الروح تتعدد فالحداثة الغربية هي إحدى تطبيقات روح الحداثة و ليست بروح الحداثة ذاتها. و من هنا لزم القول أنه يمكن أن تكو ن لكل أمة حداثتها المخصوصة بمعنى تطبيقاتها الخاصة لروح الحداثة، لتخرج من دائرة الإتباع إلى دائرة الإبداع، و الذي يؤكد كلام طه عبد الرحمان أن الحداثة الغربية ليست واحدة بل ما يشهد له الواقع أن الحداثة تحققت بصور مختلفة في الدول الغربية فالأمم الحضارية تستوي في الانتساب إلى روح الحداثة بينما يختلف واقع الحداثة فيها، مما يفيد إمكانية سلك طريق للحداثة غير الطرق المقررة ، و الانطلاق من روح الحداثة وتطبيقها من الداخل ” فكل أمة واقعة بين أمرين: إما أن تنتصر حداثتها داخليا و إلا لا تحقق لها الحداثة أبدا”( محاضرة الأستاذ طه عبد الرحمان: روح الحداثة و الإبداع. عرض و تعليق فوزي منصور.جريدة:” السياسة الجديدة ” العدد 422. الجمعة 11 يوليوز 2003. ،ص :4)
ثانيها: الانطلاق و التركيز على السمات الأساسية للحداثة و المتمثلة في:
1- مبدأ الرشد: إذ يلزم أن تخرج الحداثة الإنسان من القصور و الاتباعية إلى البلوغ والابتداعية.
2 – مبدأ النقد: و الذي يخرج الإنسان من الاعتقاد الخالي من الأدلة إلى الانتقاد المبني على الأدلة، فهو يقوم على مبدأ العقل.
3 – مبدأ الشمول: و هو الذي يخرج الإنسان من حال الخصوص إلى حال العموم وإذن فالحداثة التي يدعو إليها طه عبد الرحمان هي حداثة متعددة و ليست أنموذجية تختلف باختلاف الواقع الذي يعيش الحداثة.
و إذا انتقلنا مع الأستاذ طه عبد الرحمان على حديثه عم علاقتنا نحن العرب والمسلمين بالحداثة الغربية وجدناه يركز على مفهومين اثتنين أساسا لهذه العلاقة؛ مفهوم الاستدراج و مفهوم التقليد فالحداثة الغربية تستدرجنا للسير على خطاها و الحذو على منوالها حذو النعل بالنعل و نحن نستجيب لفتنة الحداثة بتقليد سبلها و التشبث بمبادئها. إذ أن أهل الحداثة من الغرب يحاولون إعادة صناعة التاريخ و توجيهه في المسار الذي يريدون ظنا منهم أن تغيير التاريخ صناعة مأمونة، إلا أن التاريخ يدخله الاستدراج فيتحول إلى مسار غير المسار الذي يرسم له ليمكر بأهل الحداثة من الغرب و يفضي بالأحداث إلى نقيض المقصود شأن الحداثة التي ادعت تحرير الإنسان وانتهت من حيث لا تحتسب إلى استعباده، و هي التي ادعت الاستياد على الطبيعة وانتهت إلى تدمير الطبيعة و تدمير ذات الإنسان إذ ثبت أن لا عيش للإنسان إلا في رحم الطبيعة. و رغم أن تخطيط الحداثيين الغرب لم يسر في المسار الذي خطط له إلا أنهم مازالوا يحاولون استدراجنا إلى تقليدهم و التشبه بهم بتمثيل حداثتهم كنموذج لا يمكن تجاوزه أو صياغة نموذج يلائم واقع كل مجتمع.
أما المفهوم الثاني الذي يركز عليه الأستاذ طه عبد الرحمان في علاقتنا بالحداثة الغربية، بعد مفهوم الاستدراج فهو مفهوم التقليد إذ ينبه إلى التبعية الفكرية التي صرنا نحيا عليها في صلتنا بالغرب بسبب استعجالنا للتقدم الحضاري و القبول بالنماذج الجاهزة من الغرب من غير تمحيص في مشروعية المنطلقات و النظر في سلامة المآلات ” ولما فاتنا جانب التمحيص لسبل التقدم المادية المنقولة عن الغرب سارعنا إلى الأخذ بها من غير أن نتزود بنصيب من الطاقة الروحية و القدرة الخلقية يكون كافيا لأن يدفع عن هذه السبل أسباب البطلان و الإحباط التي تدخل عليها إن بقيت مجردة عن التزكية المعنوية”( طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق : مساهمة في النقد الاخلاقي للحداثة الغربية .المركز الثقافي العربي، البيضاء ، بيروت. الطبعة الأولى 2000.ص 188.189)خاصة إن كانت الحداثة الغربية التي نريد تقليدها إنتاج غربي خضع لمجال تداولي غربي وفق ظروف اجتماعية و سياسية مخصوصة في الوسط الأوروبي .لكن الحاصل أن الذين نقلوا الحداثة الغربية، من العرب، لم يراعوا حيثياته الخصوصية بل حاولوا إنزاله بأوصافه و أطواره في مجاله الأصلي بدعوى أن مسار التاريخ واحد و كوني و وأن من الممكن تطبيق الحداثة بنفس الأسباب التاريخية التي مرت بها في أصلها الأوروبي، متغافلين أمورا ثلاثة.
” 1- أن زمان الحداثة لا يمكن أن يضاد عندنا زمان القرون الوسطى كما هو الشأن في مجاله الأصلي و ذلك لأن هذه القرون ما كانت هي على التحقيق وسطى في العالم العربي و إنما كانت هي عليا، إذ هي شهدت على الحضارة العربية.
2- أن التوسل بالعقل و العناية بالإنسان- و هما سمتا الحداثة – أمران لا يمكن أن يختصا بزمان الحداثة وحده، و لا أن انبثاق العلوم و تقدمها يمكن أن يقصر عليها بمفردها .
أن المساواة بين الناس أمام القانون – و هذه سمة أخرى من سمات الحداثة – لا يصح أنها من وضع الحداثة، و لا حتى أن التعايش بين مختلف العقائد صفة خاصة بها- كل هذه السمات و غيرها وجدت في حضارات سابقة على أقدار مختلفة، كما وجدت هي في الحضارة العربية بقدر كبير”( طه عبد الرحمان : الحق العربي في الاختلاف الفلسفي ،المركز الثقافي العربي، البيضاء ، بيروت. الطبعة الأولى 2002.ص 76.)
و إذا انتقلنا مع الأستاذ طه عبد الرحمان إلى رؤيته لمستقبل العلاقة بين حركة التجديد في البلاد العربية و الإسلامية و الفكر الغربي وجدناه يختلف مع كل الطروح التي تحاول أن تجعل من المجتمع العربي و الإسلامي نسخة مطابقة للمجتمع الغربي لأن الحداثة المنشودة ليست رهينة بإنشاء المؤسسات الصناعية و المراكز التقنية ووضع البرامج التحديثية و تجند الطاقات المادية، إذ الحق أن هذا السبيل سيوصلنا، إلى مزيد من التبعية للغرب مع تجميد تراثنا و إمكانياتنا الخاصة للتقدم. و هذا من شأنه” أن يحصر المجتمع المسلم داخل الأفق العلمي الذي ترسمه له نماذجه الغربية” (طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ،ص :195 .) مما يزيد من التضييق على المجتمع الإسلامي و العربي الذي يحاول بلوغ مرام الحداثة على خطى الغرب. إذا الحاصل أن الحداثة الغربية حسب طه عبد الرحمان “بنيت أصلا على أسس عقدية و قواعد مذهبية تعارض الحقيقة الشرعية الإسلامية، وكل من اتبع هذه المسالك الحداثية من غير تام التبصر بسياقاتها العقدية و كامل التبين لآثارها و مآلاتها القريبة و البعيدة .لا بد من أن يقع في الإضرار بعقيدته الدينية و بعمله الشرعي ” ذلك لأن التحديث الغربي قام على أمرين: فصل العقل عن كل دلالة على الغيب، والثاني فصل العلم عن الأخلاق في حين أنه من المسلم أن لا عقل في الإسلام دون إدراك الأمور الغيبية و الإيمان بها كما لا علم في الإسلام إلا لمن عمل بعلمه و تخلق بآدابه. ومن ثمة و جب على المجتمع العربي و الإسلامي أمرين : التبصر بالاستدراج الذي يحاول الغرب إيقاعه فيه و سلوك مسار تحديثي آخر يقوم على إعادة الصلة بين العقل و الغيب و بين العلم و العمل. إذ الحاصل ” أن الغرب ينتظر المجتمعات الإسلامية حتى تلتحق بركبه في الإنتاجية العلمية و المسار العلماني. بل سيظل ساعيا بكل ما أوتي من عدد و عدة إلى أن يحصل من هذه الإنتاجية ما هو أضعاف لما تقدم، فتتزايد الشقة بينه و بين المجتمعات الإسلامية “( نفسه ، ص: 196.)
و إذن فالواجب من المجتمعات العربية و الإسلامية إن هي وعت أن تقليد الغرب ليس الطريق المؤدي إلى التقدم الحضاري، أن تعمل جاهدة إلى نهج سبيل للحداثة يوصلها إلى تحصيل التقدم دون أن تخرج عن عقيدتها و التي قامت أساسا على تسوية الأخلاق لدى الأفراد و المجتمع. و اقتداء بهذا النهج كانت دعوة طه عبد الرحمان إلى تخليق الحداثة.
يعتبر الأستاذ طه عبد الرحمان أن تأثير النظريات الأخلاقية اليونانية و غيرها من النظريات الفارسية و الهندية جعل أمر التفطن لتعريف الأخلاق في اللغة العربية و في الإسلاميات أمر غير ميسر. فالخلق لغة و في القرآن يقابل الخلق هيأة ناتجة عن فعل محله الجسم فكذلك الخلق هيأة ناتجة عن أفعال جسمية، و هذا الاتصال ثابت في اللغة العربية و القرآن فلفظ الخليقة في اللغة العربية يفيد معنى الخلق، و لكن يفيد أيضا معنى الخلق، بدليل الحديث المروي عن الترمذي ” قد افلح من اخلص قلبه للإيمان وجعل لسانه صادقا و نفسه مطمئنة. و جعل خليقته مستقيمة” و في القرآن نجد { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } فالفطرة هي مجموعة من المعاني الأخلاقية المثبتة في روح الإنسان، و هي خلق و خلق في نفس الوقت.
و إذن فالأستاذ طه عبد الرحمان ينطلق من هذا التعريف ليثبت أن الأخلاق صفة ملازمة للجنس البشري بل يذهب إلى اعتبار أن الإنسان كائن أخلاقي ، عقلانيته مسددة بالأخلاق، و من هذا المنطلق كانت دعوة الأستاذ طه عبد الرحمان إلى تخليق الحداثة على اعتبار أن الحضارة الحديثة تحمل لنا آفات أربعة – النقص و الظلم والتأزم و التسلط- بما يجعلها حضارة ناقصة ظالمة متأزمة متسلطة تؤذي الإنسان في صميم و جوده الأخلاقي لتجعله يائسا من الصلاح في حاله و الفلاح في مآله ، لأنه يرى أنها حضارة الآفات فلا التعديلات و لا التصحيحات تستطيع أن تغيرها نحو الأحسن أو تقومها، و إذن كان لا بد من الشروع في بناء حضارة جديدة لا يكون السلطان فيها ل” اللوغوس” و إنما يكون فيها لـ “الإيتوس” ( أي الخلق) بحيث تتحدد فيها حقيقة الإنسان لا بعقله أو بقوله له، و إنما بخلقه أو فعله، فلا مناص إذن من أن نهيئ الإنسان لحضارة ” الايتوس” متى أردنا أن يصلح في العاجل ويفلح في الآجل ” (طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق.ص 146.)
و الحاصل من جميع ما تقدم أن الأخلاق هي المرتكز الأساسي الذي حاولت الحداثة تجاوزه أو إلغاؤه حين اعتبرت الإنسان منظومة من الوقائع و الوسائل أي أنه مجرد آلة. إذ أن الأساس الأخلاقي هو الذي جعل من الإنسان مجموعة من القيم والمقاصد أي أنه عبارة عن آية.
و ينطلق الدكتور طه عبد الرحمان في تأكيده أمر تخليق الحداثة من أصول منها،أولا : أن ما يجعل من الإنسان إنسانا أي بشرا لا حيوانيا ليست خاصية العقل كما تقرر منذ عهد اليونان بل الإنسان كائن ذو خلق لان خاصية العقل لا يمكن أن تكون الفيصل بين الإنسان و الحيوان باعتبار أن للحيوان قدر من العقل و لو قليل ، خاصة أن ” لا دليل يثبت أن الحيوان لا عقل له” (نفس المصدر ،ص 155.) في حين أنه لا يمكن أن يكون أخلاقيا إذ أن قيمة الأخلاق من عالم المثال، علاوة على أن الفعل العقلي خلق يرتقي بالكائن إلى رتبة الإنسان متى كان نافعا و ينزل به إلى رتبة الحيوان متى صار ضارا. و من ثمة فالذي” يسبق إلى الذهن من استعمال هذا اللفظ [ الإنسانية] ليس معنى امتلاك الكائن البشري للقوة العقلية و إنما معنى امتلاك الكائن البشري للقوة الخلقية ” فلا شيء لأخص بالإنسان من الأخلاق فهي التي تحدد إنسانيته و تضبط هويته . و من ثمة كانت الأخلاق هي المقوم للاعوجاج الخلقي للحداثة شرط أن تكون لهذه الأخلاق من القوة ما تستطيع معه تقويم الحداثة و قطع الآفات التي جلبتها للحضارة الحديثة (الظلم، التسلط، التأزم ، النقص)، و إصلاح ما لم تستطع ” أخلاقيات السطح”- حسب تعبير طه عبد الرحمان – إصلاحه من الأذى الذي لحقهم و ما زال يلحقهم بما كسبت يد الحداثة.( طه عبد الرحمان : الحق العربي في الاختلاف الفلسفي ص:174)
هذا و لئن كان الأستاذ طه عبد الرحمان ينادي بضرورة تخليق الحداثة فإنه لا يعني بذلك التخلي عن العقلانية بقدر ما يدعو على تخليقها ، فهو يميز بين نوعين من العقلانية؛ العقلانية المجردة من الأخلاقية- و التي يشترك فيها الإنسان مع الحيوان- وهناك العقلانية المسددة بالأخلاق. و هي التي يختص بها الإنسان من دون سواه.
و الأصل الثاني الذي يؤكد ضرورة تخليق الحداثة هو أنها حاولت الانفصال عن الدين مع حفظ الصلة بالأخلاق التي يتضمنها الدين متجاوزة مسألة أن لا أخلاق بلا تدين لأن” الدين يجيب أساسا على السؤال المحدد للهوية البشرية. و هو كيف أكون على خلق” ( طه عبد الرحمان : الحق العربي في الاختلاف الفلسفي .ص 183) و الأمر الذي يركز عليه طه عبد الرحمان أنه لا إنسان بغير أخلاق كما انه لا أخلاق بغير دين و أن لا إنسان بغير دين ، مما يمكن معه أن نعتبر الإنسان كائن حي متدين . و لعل ما جعل الأستاذ طه عبد الرحمان يوثق علاقة الأخلاق بالدين هي مسألة العلو؛ إذ أن من أهم المبادئ التي قامت عليها الحداثة هو إنكار القيم المتعالية واعتبار أن الإنسان ابن عصره. و معلوم أن الأصل في القيمة هو العلو، لأنها ترفع همة الإنسان إليها. و لما عمل أهل الحداثة على إلغاء القيم المتعالية جعلوا من الإنسان منفعلا في مجتمعه لا فاعل، لأنه استبدل القيم المتعالية بالواقع الأدنى . و من ثمة يكون المجال المنسي في الحداثة هو مجال الدينيات، إذ هو المجال الذي يجمع بين عنصر الإنسانيات و عنصر المعنويات مع إضافة عنصر ثالث هو الغيبيات . و هكذا لا يمكن أن ننفي الصلة الوثيقة بين أسباب الأخلاق و أسباب الذين، مما يجعل الأستاذ طه عبد الرحمان يدعو لمعالجة الآفات الخلقية للحداثة بالرجوع إلى أخلاق الدين ” فلا مفر إذن من التسليم بأن الخبر الإلهي هو المصدر الحقيقي للعلم بالقيمة الخلقية كما أن الفعل الإلهي هو السبب الحقيقي للشعور بها في الوجدان”. (طه عبد الرحمان :سؤال الأخلاق ، ص: 50.)
و الحاصل إذن ان النقد الأخلاقي الذي جاء به الفيلسوف طه عبد الرحمان يجعلنا نركز على أمرين: فمن جهة يدعونا هذا النقد إلى تعظيم أخلاق ديننا و ضرورة الرجوع إليها و من جهة ثانية نستطيع أن ننتفخ بهذه الحداثة دون التخلي عن القيم المتعالية، و يضيف طه عبد الرحمان أن الدين الذي ننطلق منه لبناء النقد الأخلاقي هو الإسلام أو ما نسميه بدليل الزمن الأخلاقي، كأصل تبنى عليه الأخلاق باعتبار أن ” الطور الخاتم من تحقق الميثاق الأول أعقل الأطوار جميعا؛ فلما كان مضمون هذا الميثاق هو الجمع بين العقل و الشرع. لم يحصل تمام هذا الجمع إلا مع الطور الخاتم من أطواره” (طه عبد الرحمان :سؤال الأخلاق ، ص: 168.)
و اللازم عن هذا القول أن الأستاذ طه عبد الرحمان يدعو إلى مداولة الحداثة بأخلاق مستنبطة من الدين الإلهي الخاتم باعتبار انه الدين الذي تربينا فيه و تعبدنا به فلا عجب أن ننطلق منه و نبني به حداثة متخلفة.كما انه يحق للغير أن ينطلق من دينه لبناء نقده للحداثة، أو ينقل أخلاق الإسلام إلى أخلاق دينه متى رأى وجاهته.
هذا فيما يتعلق بنقد طه عبد الرحمان للحداثة و دعوته إلى تخليقها، أما إذا توقفنا مع مبادئ الحداثة التي دافع عنها أهل الحداثة لوجدناه ينتقد المبادئ الثلاثة ( العقل، الفرد، الحرية) مع تقديهم للحجج على ذلك. فعلى خلاف ما يقرره منظرو الحداثة من ان العقل عبارة عن جوهر قائم بالإنسان يفارق به الحيوان و يستعد به لقبول المعرفة، نجد طه عبد الرحمان يعتبر العقل فعل من الأفعال مرتبط بغيره، و سلوك من السلوكات متعلق بسواه. و دليله أن العقل يدخل في باب الأفعال الإنسانية شان البصر و السمع، و أن العقل قد يحسن و يقبح مثل الأفعال فهو على حسب ما يسلك به صاحبه، و أنه قابل للتحول و التغير كما تقبلها الأفعال- و من ثمة فطه عبد الرحمان يرفض تشيء العقل و تحميده بالدعوة إلى تفعيل العقل و اعتباره فعلا يقبل التحول و التغير إذ أن العقل الذي لا يتقلب ليس بعقل حي على الإطلاق و العقل الذي يبلغ النهاية في التقلب فذلكم هو العقل الحي الكامل” (طه عبد الرحمان: حوارات من أجل المستقبل ،ص :5 .)
أكثر من هذا – فالحداثة- دعت إلى إطلاق العقل و اعتبار أن من شأنه أن يعقل كل شيء في حين دعى طه عبد الرحمان إلى تحديد العقل لأنه لا يمكن أن يدرك كل شيء مادام لا يعقل حتى ذاته و أن إطلاقه يؤدي إلى التسيب الذي لا يمكن دفعه إلا بشيء يتقدم على العقل و هو الإيمان .
خلاصة القول في هذا المقام أن المراتب الثلاث لعقلانية النظام العلمي – التقني، وهي النظم والتنظيم والانتظام، تدعو إلى مبادئ سلوكية تضر بالأخلاق الدينية ضررا يتزايد بحسب مراتب هذه العقلانية، فمرتبة النظم تستبعد هذه الأخلاق، ومرتبة التنظيم تستحوذ عليها، ومرتبة الانتظام تصطنع بديلا لها.
بيد أن الإضرار بالأخلاق الدينية – إن إقصاء أو استيلاء أو استبدالا – ما لبث أن انعكست آثاره السلبية على النظام العلمي – التقني للعالم، ذلك أن هذا النظام لم يبلغ مراده من وراء قطع صلته بهذه الأخلاق، ألا وهو تحصيل كمال السيادات الثلاث: التنبؤ والتحكم والتصرف! بل إنه صار لا يقدر على أن يمنع نفسه من الانجرار التدريجي إلى مسار تحفه الأخطار والأهوال من كل جانب، الأمر الذي دعا بعض الفلاسفة الأخلاقيين إلى التفكير في وسائل تصحيح هذا المسار الذي يفضي بالإنسانية إلى المفاسد، بل يلقي بها إلى المهالك، إن عاجلا أو آجلا، وكان ثمرة هذا التفكير ظهور بعض النظريات الأخلاقية الجديدة. (سؤال الأخلاق، ص 123)
والحل يكمن في إنشاء نظرية أخلاقية ترتكز على الدين،
وهكذا، يتضح أن الأخلاقيات التي تستحق أن تناظر النظام العلمي – التقني وتقدر على أن تمحو الآثار السيئة لتحولات هذا النظام المتوالية والمتسارعة، ليست هي النظريات التي تعتمد التعقل والتنكر مثل نظرية المسؤولية ونظرية التواصل ونظرية الضعف – لخروجها جميعا عن شرط التناسب – وإنما هي نظرية تستبدل مكان صفة التعقل مبدأ “التخلق” الجالب للحكمة المؤيدة، وتستبدل مكان صفة التنكر مبدأ “التعرف” الجالب للبصيرة المسددة، وبما أن الحكمة المؤيدة لا تحصل إلا بترك العمل بمبدأ السيادة على الكون وبالإقرار بهذه السيادة لسيد الكون الحق، وأن البصيرة المسددة لا تنال إلا بالخروج عن الشعور بحال السيادة والدخول في الشعور بحال المسودية لسيد الكون أو قل حال العبودية له، فقد جاز تسمية هذه النظرية المبنية على التخلق المفضي إلى الحكمة المؤيدة وعلى التعرف المؤدي إلى البصيرة المسددة باسم “نظرية التعبد”؛ فالتعبد إذن عبارة عن الجمع بين التخلق الحكيم والتعرف البصير. (سؤال الأخلاق، ص 133 – 134
مستقبل الفلسفة العربية :
تأسيسا على هذا الموقف الفلسفي يرى طه عبد الرحمن، كما أوضحنا أعلاه، أنه لا يجب نقل واقع الحداثة الغربية وإنما إبداع حداثة عربية، كما أنه على مستوى التقدم المجتمعي فيرى ضرورة سلوك طريق مختلف عن الطريق الصناعي – التقني،
لست أرى رأي من يقول بأن مآل التجديد الإسلامي رهين بإنشاء المؤسسات الصناعية والمراكز التقنية ووضع البرامج التحديثية وتجنيد الطاقات المادية؛ قد يصح هذا لو كان الغرض من التجديد أن نجعل المجتمع المسلم نسخة مطابقة للمجتمع الغربي، وإن كان هذا الرأي في التجديد هو الذي تميل إليه، عن غير وعي أو عن وعي باطل، أغلب الزعامات والرئاسات الإسلامية؛ فلو أنها نظرت في الأمر لتبينت أن هذا المسلك في التحديث لن يؤدي إلا إلى مزيد من التبعية للغرب وإلى مزيد من التقهقر، فضلا عن تعطيل الموروث وتجميد المقدور…
ومتى صح أن سلوك نفس الطريق التحديثي الذي سلكه الغرب لا يجر علينا إلا “المراقبة” أو “التراجع”، صح معه أيضا أننا نحتاج إلى نهج سبيل في التحديث لا يدرون كيف يلحظون مسيرتنا من جهته ولا كيف يطوون علمنا من جانبه. (سؤال الأخلاق، ص 195 – 196)
من أهم أعماله :
• منطق الفلسفة
• اللغة والفلسفة – رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود بالفرنسية)، 1979.
• رسالة في منطق الاستدلال الحجاجي والطبيعي ونماذجه (بالفرنسية)، 1985..
• المنطق والنحو الصوري، 1985.
• في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، 1987.
• العمل الديني وتجديد العقل، 1989.
• تجديد المنهج في تقويم التراث، [ط1، 1994]، ط2 ، 2001.
• فقه الفلسفة. 1-الفلسفة والترجمة، 1996.
• اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، 1998.
• فقه الفلسفة. 2- القول الفلسفي، كتاب المفهوم والتأثيل، 1999.
• سؤال الأخلاق. مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية، 2000.
• حوارات من أجل المستقبل، 2000.
• الحق العربي في الاختلاف الفلسفي، 2002.
• الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري،2005.
• روح الحداثة.المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية،2006.
• الحداثة والمقاومة، 2007.
• سؤال العمل. بحث عن الأصول العملية في الفكر والعلم، 2012.
• رُوح الدين. من ضيق العَلمانية إلى سعة الائتمانية، 2012.
• الحوار أُفُقًا للفكر، 2013.
• بُؤس الدَّهْرانية. في النقد الائتماني لفصل الأخلاق عن الدين، 2014.
• سؤال المنهج. في أفق التأسيس لأُنموذج فكري جديد، 2015.
• شرود ما بعد الدهرانية. النقد الائتماني للخروج من الأخلاق، 2016.
• من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر، 2016.
• دين الحياء. من الفقه الائتماري إلى الفقه الائتماني. 1- أصول النظر الائتماني، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• دين الحياء. من الفقه الائتماري إلى الفقه الائتماني. 2- أالتحديات الأخلاقية لثورة الإعلام والاتصال، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• دين الحياء. من الفقه الائتماري إلى الفقه الائتماني. 3- روح الحجاب، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• سؤال العنف، بين الائتمانية والحوارية 2017.
أعمال حول فكره:
• إبراهيم مشروح، طه عبد الرحمن: قراءة في مشروعه الفكري، 2009.
• بوزبرة عبد السلام، طه عبد الرحمن ونقد الحداثة، 2011.
• يوسف بن عدي، مشروع الإبداع الفلسفي العربي: قراءة في أعمال طه عبد الرحمن، 2012.
• عباس ارحيلة، فيلسوف في المواجهة: قراءة في فكر طه عبد الرحمن، 2013.
• حمّو النقّاري، منطق تدبير الاختلاف من خلال أعمال طه عبد الرحمن، 2014.
• محمد أحمد الصغير، عقلانية الحداثة المُؤيَّدة:استقراءات تفكيكية في أعمال طه عبدالرحمن، 2014.
• عباس ارحيلة، بين الائتمانية والدهرانية. بين طه عبد الرحمن وعبد الله العروي، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2016.
• عبد الجليل الگُور، مفهوم الفطرة عند طه عبد الرحمن، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• أحمد مونة، مداخل تجديد علم الأصول عند طه عبد الرحمن، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• عبد الملك بومنجل، الإبداع في مواجهة الاتباع. قراءات في فكر طه عبد الرحمن، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، 2017.
• لطه عبد الرحمن اتصالات جيدة مع الفاعليات الدولية المتعلقة بالدراسات الإسلامية والحوارات الفكرية، ومنها مساهمته في مبادرة كلمة سواء.