محمد الحساني
بعد وجود سكن بمدينة الرباط و اتخاذ قرار الاستقلال بنفسه صحبة رفيقه ” المهتدي” بعيدا عن منزل ابن عمته ” ازايكو” لم يكن يعلم سي بوجمعة هباز ما ينتظره في ذلك المساء . بل كان في غاية السرور كونه سيستقل بذاته في منزله الخاص بعيدا عن ابن عمته الذي لم تعد علاقتهما على ما يرام في الأيام الاخيرة.
في ذلك المساء 19 ابريل 1981 – خرج المهتدي الى غرفته بالحي الجامعي بعدما ترك الرجلان اللذان ادعيا انهما موظفان بوزارة التعليم يناقشان معه بعض الأفكار التي لها علاقة بأطروحة الدكتوراه التي حصل عليها من السوربون . و التي منحته العمل كأستاذ محاضر كما تدل على ذلك بطاقة تعريفه الوطنية التي جددها بتاريخ 25 يوليوز 1980 وتحمل مهنة استاذ محاضر. و كذلك قرار التعيين بهذه الصفة في 21 يناير 1980 من قبل وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر. لكن بعد عودة المهتدي الى المنزل الذي سيستقر فيه الى جانب بوجمعة . سيفاجأ بالباب غير موصد و غياب صاحبه في حوالي السابعة من مساء يوم 19 ابريل 1981 . لتبدأ رحلة البحث في جميع الأمكنة الى اليوم الذي يصادف الذكرى 41 لاختفائه .
فمفوضية الشرطة باكدال بالرباط في تلك الفترة اكدت لوالد بوجمعة هباز ( علي هباز) و اخ المختفي محمد هباز الذي كان يعمل قائدا بسلك الداخلية بان مصلحة الحراسة بهذه المفوضية لم تستقبل بوجمعة في تلك الليلة . لكن احد العمداء بهذه المفوضية نصح سي محمد هباز بعدم البحث عن طريق بوجمعة . و ظل سبب هذه النصيحة بين القائد و العميد سرا من اسرار الاختفاء الى ان رحل سي محمد الى مثواه الأخير دون الكشف عما قاله العميد .
ربما مات بوجمعة تحت التعذيب . و ما يؤكد ذلك ما قاله احد الممرضين بمستعجلات ابن سينا : ” كان وجهه ملطخا بالدماء و لا يقوى على الوقوف “ . و اذا تقبلناه فالسؤال المطروح : اين مكان رفاته ؟. وماذا فعل الرجل حتى يتم اخفاؤه بهذه الطريقة ؟. فهل كان يشكل خطرا على امن الدولة ؟ هل كان عميلا خائنا يطبق اجندات خارجية؟ هل كان معارضا للنظام القائم بالمغرب؟ . علما انه اطارا برتبة أستاذ جامعي يدحض جميع مرتكزات الفكر الكلونيالي الفرنسي و يدخل في جدل مع ثلة من المستمزغين الفرنسيين و ﻻ سيما اندريه باصي الذي قال: ” ان الأمازيغية لم تكن قط لغة حضارة ” فكانت رسالة اطروحته متضمنة للكثير من الحقائق التاريخية.
لكن الحقيقة لا يعلمها الا الذين امروا باقتياده من منزله الى وجهة غير معلومة الى اليوم رغم ان هيئة الانصاف و المصالحة التي تبنت مجموعة من ملفات التاريخ الأسود لم تشر لا من قريب او بعيد لهذا الاختفاء اللغز. فهل اجلت البث في ستة ملفات من بينها ملف المهدي بن بركة ؟ و هل من بين هؤلاء الستة بوجمعة هباز ؟
فمبارك بودرقة صاحب كتاب “و كذلك كان ” في حديثه للتلفزيون المغربي تحاشى ذكر الستة المفقودين و أسمائهم . و هو نفس الراي الذي اعتمده الأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الانسان السيد محمد الصبار .فاين ستجد العائلة الجواب عن سؤال ظل يحيرها لمدة 41 سنة .؟ لا يزال ما تبقى من العائلة يمني النفس في معرفة مصير بوجمعة هباز . فان كان لازال على قيد الحياة العودة الى اخوته بعد وفاة الوالدين . و ان وافته المنية دون معرفة طريقة الحتف بيان قبره حتى يتمكنوا من زيارة شقيقهم . السؤال موجه الى وزارة العدل و الى المجلس الوطني لحقوق الانسان و الى المندوبية الوزارية لحقوق الانسان و الى كل المهتمين بقضايا حقوق الانسان.