مناضل استقلالي
الديمقراطية الداخلية في الفروع و الأقاليم
لعل جل كتابات سي علال و غلاب و خطب بوستة تتحدث عن الديمقراطية و النضال من اجل تحقيقها . بل رهن الحزب مساره و ديمومته على تحقيق المجتمع الديمقراطي. و اذا استثنينا انتخابات اللجنتين التنفيذية و المركزية فما تبقى من الهياكل يغلب عليه طابع التعيين . و حتى لما تفرض الديمقراطية فتكون مغشوشة او موجهة من طرف ذوي النفوذ الذين لن يكونوا سوى مفتشي الحزب بالأقاليم . و هنا يطرح السؤال الاستنكاري: كيف لمسؤول معين ( بضم الميم و وفتح الياء المشددة) ان يرعى الديمقراطية ؟
فالديمقراطية الداخلية لا محل لها من الاعراب داخل دواليب الأجهزة التنظيمية المحلية و الإقليمية . و حتى أعضاء المجلس الوطني المنتخبين في المؤتمرات الإقليمية يعينون و يصادق عليهم المؤتمر. و الديمقراطية المحلية غير موجودة بالإطلاق لما يتعلق الامر بالترشيح للاستحقاقات ( الجماعات و الجهات و البرلمان) بل المرشحون لاي استحقاق سينالون التزكية رغما عن القواعد و المناضلين .علما ان النظامين الأساسي و الداخلي للحزب يفصلون في هذه العمليات . لكل هذا تصبح الديمقراطية غير ذات معنى .
و حيث انه كذلك فالمرشحون للاستحقاقات تحسم امرهم جهات أخرى ليبقى المناضل المحلي مجرد خادم لذى النافدين في الحزب إقليميا .و تصرفات مثل هذه قد أعلنت الطلاق بين الطموحين و الحزب . فغادروا الى أحزاب أخرى و نجحوا في الاستحقاقات و مثلوا في الأجهزة المسيرة لهذه الأحزاب .
قد استدل بما يقع في الحزب العتيد بمنطقة دكالة .فمن ترشح للبرلمان يا ترى ؟ هو نفس الشخص الذي نجح في الانتخابات الجزئية التي تمت اعادتها بعد 1994 باسم حزب الشورى و الاستقلال بعد رفض تزكيته من طرف حزبي الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي ” مرشح الوحدة” و عاد بعد ذلك الى حزب الاستقلال. بل اخذ المأذونية (AGRAIMENT) و اصبح يرشح في كل استحقاق بداية من الانتخابات التشريعية لسنة 1998 و الى اليوم : بل عبر بعض الظرفاء بان الدائرة أصبحت محفضة ومسجلة باسمه. فاين تناوب الأجيال ؟ و متى ستحلم الأجيال الصغيرة بدخول قبة البرلمان بهذه الدائرة ؟ الجواب هو ان أي شاب يطمح لدخول المؤسسة التشريعية بهذه الدائرة عن الحزب العتيد عليه ان يعلم بهذا الواقع و يستيقظ من نومه و أحلامه الوردية. و لا يمكنه تحقيق طموحه في ظل هذه الظروف و هذا الواقع .
و خلال تشريعيات 2016 ترشح ناصر رفيق و صيفا في لائحة الحزب العتيد بإقليم الجديدة بعد مفاوضات مارطونية . و تم الاتفاق على هذا الترتيب على اعتبار أن اللائحة ستفوز بمقعدين .لكنها لم تفز بأكثر من برلماني واحد رغم احتلالها للصف الأول بما يفوق 24 الف صوت . علما ان وصيف اللائحة عمل كل ما في وسعه و طبق ما اتفق عليه لتفوز اللائحة بمقعدين لكن دون جدوى .و السبب مجموعة من العراقيل و المقالب الصادرة عن ذوي القربى . و هو ما عبر عنه مسؤول استقلالي كبير يوم السبت الموالي ليوم الاقتراع و هو في فرحة عارمة بقوله : ” كون داز ناصر كان غيبرزطنا ” و بعد ذلك امتدت العراقيل كي لا ينال الوصيف عضوية المجلس الوطني للحزب خلال المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب العتيد.
يستخلص من كل هذا ان العملية كان القصد منها فوز اللائحة بمقعد واحد و رفيق لن تطأ رجلاه قبة البرلمان . علما انه كان بمقدوره الفوز بمقعد برلماني لو تراس أي لائحة تنتمي حتى للأحزاب التي ليست لها فروع بالجديدة . لكنه أراد ان يفوز بالمقعد و باسم الحزب العتيد . لكون عائلته استقلالية و مند عقود بمنطقة أولاد صالح إقليم النواصر .و كما يعبر عن ذلك بنفسه ” مند القدم و المقر جزء من المنزل الكبير للعائلة ” و هذا ما شهد به مسؤولو الحزب بالإقليم و حتى اللذين يحاربونه .
النتيجة خسارته بل تم النصب عليه . فماذا كان رد فعل الرجل ؟ قدم استقالته و انضم الى حزب الحمامة الذي احتضنه و سلم له التنسيقية الإقليمية و مكن له وسائل العمل. علما انه لم يكن ينتظر أي مليم من الحزب العتيد. و يمكن العودة الى التاريخ ؟ من مول الاحتفال بذكرى علال الفاسي الذي أقيم بالجديدة ؟ من استقبل عباس الفاسي و اقام حفل عشاء خلال شهر رمضان على شرفه و بحضور اكثر من مائة مناضل قبيل انعقاد المؤتمر الوطني الرابع عشر للحزب ؟ من كان يقوم بترميم مقر المفتشية و لسنوات عديدة ؟ للإشارة لما ابتعد عن عمليات الترميم اصبحت بناية المقر آيلة للسقوط و مهجورة . اما ساحة المقر فتم استغلالها من طرف ممول الحفلات .
خلال سنة 2021 تقدم للانتخابات باسم الحمامة و حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية و بحصيلة فاقت كل التوقعات 52 الف صوت مقابل 35 صوت لصالح المرشح الاستقلالي . و لو رشح وصيفا للائحة الميزان لما دخل هذه المرة الى قبة البرلمان كذلك. و النتيجة تغني عن أي تعليق.
وتحفيض دائرة انتخابية باسم شخص ما داخل الحزب العتيد ليست حكرا على إقليم الجديدة . فمضيان بالحسيمة و شباط قبل الخروج من الحزب بفاس و ولد الرشيد بالعيون و أبا عبد العزيز بالداخلة و القادري ببرشيد و الانصاري بمكناس و قادة بفكيك . و احجيرة بوجدة و الطيبي عن الناظور و بوعمرو تغوان بتيفلت و …..و …و .لكن هل يقدم هؤلاء الحصيلة قبل الحصول على التزكية ؟ هل تناقش ترشيحاتهم من قبل مناضلي اقاليمهم قبل التزكية ؟
و قبل ذلك اين عملية تناوب الأجيال داخل الحزب العتيد ؟ و اين الديمقراطية الداخلية ؟ و اين تكافؤ الفرص بين مكونات الحزب العتيد ؟ الأجوبة عن هذه الأسئلة تفضي حتما الى الهروب من الحزب العتيد.
و ما يقال عن ناصر رفيق يقال عن يوسف بايزيد الذي وصل الى قبة البرلمان عن حزب التقدم و الاشتراكية . هو الشاب الذي انطلق من حزب الاستقلال لكن لما عرف ان وجوده داخل الحزب العتيد سيبقيه خادما و لن يحقق طموحه المشروع في الحصول صفة مستشار جماعي او برلماني انتقل الى أحزاب أخرى و انتخب مستشارا جماعيا ببلدية الجديدة للمرة الرابعة تواليا .و المصطفى ماحي لم يدخل البلدية الا بعدما غير جلده من الوردي الى لون اخر .
هي نماذج لأعضاء بالحزب العتيد غيروا جلدتهم فوصلوا الى المجالس المنتخبة . بالمقابل قد يأتي أي شخص من اية هيئة أخرى فيتم وضعه في ” العمارية” و الأمثلة كثيرة . في حين ان المناضلين اللذين يحب احد مسؤولي الحزب العتيد نعتهم بالسذج فهؤلاء لا مكان لهم بلوائح الحزب رغم الانضباط لأنظمة الحزب و مقرراته. بل مهمتهم هي خدمة الحزب و مرشحيه المحظوظين .
الخلاصة ان الالة التنظيمية أصيبت بالجمود . فلا فروع و لا تنظيمات موازية . و لا وجود للديمقراطية الداخلية. و لا تكافؤ للفرص بين مكونات الحزب. و هذا سيؤدي حتما الى الهجرة الجماعية و افلاس الحزب الذي احبه المغاربة لمبادئه و لمواقفه . و إن بقي الامر عما هو عليه فقد يأتي يوم لا نجد فيه الحزب في خبر كان . لكل هذا نقول :الى اين يسير حزب الاستقلال ؟