منذ انطلاق ازمة الصحراء الغربية، والموقف التونسي – أيا كان الرئيس – ثابت لا يتغير: السعي للمصالحة بين الشقيقين المتخاصمين، وليس الوقوف مع هذا ضد ذاك.
باستقباله لرئيس البوليساريو كما لو كان رئيس دولة معترف بها عالميا، خرج المنقلب عن هذا العرف، ووضع تونس في صف شقيق ضد شقيق آخر، والحال أننا بأمس الحاجة لإنهاء الخصومة، لا لصب مزيد من الزيت على النار…
والدليل تعالي الصراخ من كل الأرجاء، وتراجع كل مقومات الحوار الهادئ والبناء بين افراد العائلة الواحدة.
إذن، نحن أمام عمل مدان بكل المقاييس، لأنه غير مسؤول، ومضر بمصلحة تونس ضرره بالحظوظ الضعيفة لإخراج الاتحاد المغاربي من غرفة الإنعاش.
بخصوص لب الموضوع:
عندما تنتهج طريقا، سواء في السياسة او في الخيارات الكبرى للحياة، يجب أن تعرف إلى اين يصل بك هذا الطريق.
إن رفضت السؤال، واصررت على المشي في طريق، إما مسدود، وأما يدور في حلقة مفرغة، وإما ينتهي بك لصحراء لا نهاية لها، فانت من تتحمل المسؤولية.
طريق المواجهة المتواصلة مع المغرب، والهدف دولة سادسة، أدى بنا لتوقف بناء الاتحاد المغاربي، مع ما يعنيه الأمر من:
– ضياع فرص كبيرة لنهضة الاقتصاد المغاربي.
-إنهاك الشقيقين الكبيرين بميزانيات تسلح، العاطلون أولى بها.
– عذابات مسترسلة للصحراويين الذين لا افق لهم في مخيمات تندوف غير البؤس، جيلا بعد جيل.
مثل هذه السياسة الخاطئة للنظام الجزائري أدت أيضا لردود فعل خاطئة، منها إقحام النظام المغربي للذئب الإسرائيلي في منطقتنا، والأمر نذير شؤم بالغ.
فعوض أن ” نمغرب ” المشرق العربي، عبر تصدير أفضل النماذج الديمقراطية، ها نحن بصدد ”مشرقة” المغرب الكبير عبر عودة النموذج المصري لمهد الربيع (تونس)، وخاصة دخول إسرائيل المنطقة لاعبا خطيرا.
الحل الوحيد للصحراويين، ليس الجري وراء دولة لن ترى النور الا على أنقاض المغرب، وهو أمر غير ممكن، ولا وارد، ولا في مصلحة أحد، لأن مثل هذا السيناريو يفترض حربا طاحنة، قد تدمر لا قدّر الله الجزائر كما تدمر المغرب، دون أن تضيف شيئا لوضع الصحراويين.
الحل الوحيد الذي في مصلحتهم، ومصلحة المغاربيين جميعا في الأوطان الثلاث:
-الوطن الصغير الذي هو الحكم الذاتي، بكل المكونات، ودون اقصاء أي طرف سياسي …داخل الوطن الواسع الذي هو المغرب …وداخل الوطن الاوسع الذي هو الاتحاد المغاربي.
هذا الاتحاد الذي ستبنيه شعوب مواطنين، ودول مستقلة في حدودها الحالية رهن بالقطع مع سياسات اثبتت عقمها وخطورتها.
إنه أمانة في عنق الأجيال الجديدة من القياديين في كل اقطارنا، حتى تعود لهذه المنطقة بعض أسباب الأمل في المستقبل.
ولا بد لليل أن ينجلي
ليست تونس من طعنت المغرب في الظهر، وانما منقلب (يقصد قيس سعيد) طعن من قبل تونس في ديمقراطيتها، ودستورها، ومؤسساتها، وعلاقاتها مع ليبيا والدول الديمقراطية، واوصلها الى حالة لا نتمناها لعدو فما بالك لشقيق.
تونس الى الأبد محبة للمغرب، محبتها للجزائر، ولكل شعوب امتنا المنكوبة.