بقلم ابو ايوب :
وجهة نظر بثوابل اقليمية جهوية ..كيف ذلك ؟
منذ بداية السنة الجارية ، عجت مختلف المنابر الاعلامية و مواقع الفضاء الازرق بكل تشكيلاتها ….أجمعت على ان المغرب أدب ألمانيا و من بعدها اسبانيا ….و اجبرهما على تغيير موقفيهما من قضة الصحراء . كم تغنينا و طربت اسماعنا ثم انتشينا بسماع اخبار من هذا القبيل ، غبطنا ايما اغتباط من قدرة المغرب على لي ذىاعيهما ، و قد توجت بتصريح الرئيس الالماني لتختتم بلقاء العاهل المغربي مع بيدرو سانشيز في حفل افطار رمضاني ، جميل هذا …اليس كذلك؟ .
لكن في المقابل لا احد تسائل عن ثقل الرئاسة الالمانية في حبك السياسات و العلاقات السياسية.الاقتصادية….مع الخارج ، و للعلم صناعة القرار الالماني اختصاص حصري للمستشارية الالمانية و لا دخل للرئيس ، شانه في هذا كشأن جميع الملكيات الاوروبية رغم وجود الفارق بين الانظمة ( جمهورية فيدرالية/ نظام ملكي .
كما لا احد تسائل عن القيمة القانونية للموقف الذي عبر عنه سانشيز ، و هو الموقف الذي أثار عليه غضب الراي العام و وسائل الاعلام و رجال الاعمال و الزعماء السياسيين حتى من داخل حزبه ، بل حتى من داخل التركيبة الحكومية نفسها فضلا عن رفض الكورتيس بمجلسيه لموقف سانشيز ، بحيث تبرأ الجميع مما اقدم عليه كما تناقلته مختلف وسائل الاعلام الاسباني.
لي الدراع الالمانية كشف عن القناع الذي انكشف اثناء زيارة وزيرة الخارجية الالمانية للمغرب ، و اجتماعها بنظيرها المغربي و ما تولد عنه من ندوة صحفية مشتركة ، حيث صرحت علانية و بحضور الوزير المغربي في الخارجية ، اعلنت عن دعم المانيا لمساعي الامم المتحدة و للمبعوث الشخصي للامين العام في قضية الصحراء الغربية( Western Sahara بحسب قولها) ، في الوقت الذي كان يتوجب عليها الاعلان عن نفس الموقف الداعم و المساند ، للمقترح المغربي كحل وحيد للقضية الذي عبر عنه الرئيس الالماني ، بالتالي من لوى دراع الآخر و من عاقب من ؟
اما لي الدراع الاسبانية و تقليم اظافرها و تأديبها و اركاعها ……قناع انكشف انكشافا مغايرا لفرحتنا و غبطتنا بلي الدراع مباشرة بعد الافطار الملكي الرمضاني ، حيث اعلن في ندوة صحفية من داخل القصر الملكي العامر من الرباط ، صرح بعظمة لسانه بما معناه ، سبتة و مليلية في اسبانيتهما و ان اسبانيا في سبتتها و مليليتها و هي الحدود الجنوبية لأوروبا و حلف الاطلسي ، و لا احد من الرسميين المغاربة انبرى للاعتراض او الشجب و التنديد لما اعلنه سانشيز من داخل عقر الدار ، فمن لوى دراع من و من ادب و عاقب و فرض عقوبات.
بعد اخضاع المانيا و اركاع اسبانيا و تاديب تونس الشقيقة رغم انها لا تتحمل وزر ما وقع ، بل أن المفوضية الافريقية هي المسؤولة و صاحبة الاختصاص في ارسال الدعوات ، انتقل التأديب الى فرنسا اول او ثاني مستثمر اجنبي بالمغرب ، و كلنا يعلم ما وصلته علاقات البلدين من تشنج و برودة و فتور منذ انفجار فضيحة بيغاسوس ، منذ ذلك الحين و لا مسؤول فرنسي زار المغرب و العكس صحيح اليس كذلك؟
ما يعزز الطرح عن صقيع العلاقات الثنائية بين المغرب و فرنسا و كمثال حصري ، مغادرة السفيرة الفرنسية لمقر عملها منذ اكثر من شهر ، بعدما نسب اليها قولها بانها ذاهبة في اجازة بعدما ودعت الموظفين ….. اليس كذلك؟ اليوم فرنسا تعلن عن انهاء مهام سفيرتها بالمغرب دون الافصاح عن تعيين سفير جديد لها بالعاصمة الرباط! امر لا يستقيم و خطب ما تلوح بوادره .
بل الانكى المتوارى في معانيه و مراميه ، تعيينها لدى المفوضية الاوروبية للسياسات الخارجية و الامنية مسؤولة عن فرع الشرق الاوسط و شمال افريقيا ، اي بمعنى هو تعزيز للمواقف التي عبر عنها الاسباني جوزيف بوريل الممثل السامي للسياسات الخارجية……بالاتحاد الاوروبي ، و بمعنى آخر تعاضد فرنسي اسباني الماني..بنكهة طاقية سعيا لدفئ الشعوب الاوروبية في شتاء بارد ( لغة المصالح بتميز و امتياز ) .
من بوادر الامر هذا ، اخبار شبه مؤكدة ان لم اقل بالمؤكدة جملة و تفصيلا ، محتوى و مضمون عن شروع بعض الشركات الفرنسية في مغادرة المغرب بعد بيع اسهمها ، على رأس الشركات ريضال و دانون و القرض الفلاحي ، هذا الاخير فضل الرحيل نحو مصر و بالضبط لتعزيز تموقعه في بنك مصر ، فيما اختارت البقية الترحال جنوب افريقيا ، و قد تتمطط اللائحة لتشمل شركات أخرى ، في الوقت الذي يتغنى فيه المغرب بحسب صدى المواقع بمعاقبة فرنسا و تأديبها و لم لا ارجاعها الى بيت الطاعة ، و كأني به هو المستثمر الاول او الثاني بفرنسا و ليس العكس ؟.
فأي منطق هذا يا غلاة صدى المواقع و يا فطاحلة التخليل و جهابدة التحلل بينما المتشدق به تحليل للسياسات ……. ؟ بينما حقائق الواقع تقول باستحالة تخلي فرنسا عن امتيازاتها المعدنية و اخص بالذكر الفوسفاط الذي يتم ادارة شؤونه من باريس ، بموجب اتفاقيات الحماية و ما بعد المغادرة الرسمية للمغرب ( 9000 درهم من عائدات الفوسفاط تضخ في حساب مؤسسة العمل الاجتماعي عن كل عاطل فرنسي شهريا و حتى حدود 2055 , اي مائة سنة بالتمام و الكمال).فمن يعاقب من و من يفرض العقوبات على من و من يؤدب و يخضع و يركع ؟.
استجابة للخطاب الملكي بمناسبة الاحتفال بثورة الملك و الشعب يوم 20 غشت الماضي ، و الذي ارسل عبره رسائل واضحة للحلفاء التقليدين و الجدد بالخروج من الضبابية و اعلان مواقفهم بوضوح بخصوص قضية الصحراء ، تسارعت الاستجابات المعاكسة للطرح المغربي معلنة عن تشبتها بالحل الاممي و دعمها للمبعوث الشخصي ديميستورا ، استثناءه للمغرب في جولته الاخيرة التي زار خلالها كل من مخيمات تندوف و موريتانيا و الجزائر .
بتقييمي هي رسالة خطيرة حمالة اخبار غير سارة و منذرة بما يتم التحضير له في مواجهة المغرب ، بالتالي و على ضوء معطيات الميدان ، بمقدوري الجزم باكتمال النصاب الاقليمي/ الجهوي/ القاري/ الاممي ، و هو نصاب يشكل ضغطا اضافية ينضاف لما يجري على ارض الواقع ، حيث المناوشات العسكرية و اجواء حرب الصحراء الثانية و ما يتولد عنها من تداعيات مالية اقتصادية قد تتخللها مضاعفات اجتماعية مع احتمالية بروز بوادر قلاقل و تذمر و غليان و سخط شعبي على ما آلت اليه الاوضاع …..فضلا عما تشكله من اعباء على خزينة الدولة و الازمة ضربت الأطناب !
قد يبدو للبعض ان خطابي هذا هو خطاب عدمي تيئيسي تبخيسي ، لكنه يبدو لي خطاب واقعي عقلاني تحليلي لما يتعرض له الوطن من تكالب او تطاول او صف و انعث كما يحلو لك ، بالتالي هو خطاب يشير الى مكامن الوني و الضعف في الجسد المغربي ، هو خطاب استدراكي للمرتقب حدوثه في المستقبل المنظور ، تخفيفا لهول الصدمة المرتقبة بعدما تكالب علينا الشرق و تخلى عنا الغرب و استفزنا الشمال و نبذنا الجنوب !
فهل من مستوعب فاهم لحقائق الواقع ( غزوة البرلمانات الاوروبية و ليس آخرها فرنسيا مثال) ، بدل الانجرار و راء صدى المواقع( ذهبت لتضع مولودها الغير شرعي في احدى مستشفيات الغرب ) ؟ الى هنا استودعكم في حفظ الرحمان و احط الرحال ، ضاربا لكم موعدا آخر بمشيئة من علم القرآن و علم الانسان …..انعمتم اوقاتا .
الجديدة اليوم