الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

دفاعا عن نساء حي السككيين بالجديدة

محمد الحساني

في الآونة الأخيرة بدأت تتوالد جمعيات متقاعدي السكك الحديدية بالمغرب و هذا امر محمود . انطلاقا مما اصبح يتمتع به المجتمع المدني من صلاحيات  اقرها الدستور . فالجمعيات شريك و قوة اقتراحية في العملية التنموية.

توصلت مؤخرا بشريط سمعي لاحد مسؤولي الجمعيات المحدثة و هو ينادي بمطالب حول إعادة النظر في تقاعد السككيين . لكنه سرعان ما تعرض للجمع العام الذي ستنظمه جمعية الوحدة  بالبيضاء . فاعلن عن موقفه المضاد لهذا الجمع الذي يبتغي منه منظموه تأسيس جبهة  موحدة لاسترجاع ما سلب من المتقاعدين . و نتفق مع صاحبنا انطلاقا من الحق في الرأي و الحرية في التعبير ما دامت الآراء لا تتعرض لتجريح الاخرين  . و لا تتعارض مع مطالب متقاعدي السكك الحديدية .

 لكن الغير مقبول في كلام صاحب الشريط  هو التشخيص . و هنا نقف عندما قال ما معناه : “ان منخرطي الجمعية بالجديدة ينضبطون لقرارات نسائهم ، و ما تقوله النساء هو الذي يطبقه الرجال ”  و هذا ما جعلني اكتب ردا دفاعا عن سيدات حي السككيين بالجديدة .

 ففي  كتابي ” الحلم الموؤود ” خصصت حيزا مهما للحديث عن سيدات حي السككيين بالجديدة. و اليوم  و في أي وقت و اية مناسبة سأجدد الكتابة عن هؤلاء النسوة .لكونهن صنعن التاريخ بجرأتهن . و بانضباطهن . و بتكوينهن . و بشجاعتهن . و سأذكر صاحبنا ببعض الفقرات  من  الكتاب  حتى يعلم من لم يطلع عليه مجموعة من الصفات التي تتميز بها سيدات حي السككيين . و لكون  صاحب الشريط  فاه بكلماته  بطريقة قدحية .

تقول بعض  فقرات الكتاب :” فغالبيتهن يحضرن و يؤثثن الوقفات التي كانت تنظم امام قصر العدالة بالجديدة و لمدة أربعة اشهر حضورا و تنشيطا بالشعارات المنددة بالتشريد.

كانت السيدة مليكة متواضع تبلي البلاء الحسن في هذه العملية . و كانت تحرص على التعبئة وسط نساء الحي و تحضهن على الحضور رغم اكراهات الطقس و المرض و تربية الأبناء .و كانت السيدة مليكة العلمي كلما اخذت الكلمة باسم نساء الحي الا و تشفي الغليل بكلماتها الصداحة بقول الحق. كانت متمكنة مما تقول .وكانت لها مهارة في فن الخطابة . تجبر المتلقي على ضرورة الاستماع بالاهتمام اللازم.  تعبر بعفوية عما يضرهن جميعا من سعي الإدارة الى التشريد عن طريق المحكمة. لكون نساء السككيين هن العارفات بما ينتظرهن ان تحقق سعي إدارة السكك الحديدية القاضي بالتشريد . هن اللواتي كن يتحملن غياب من افنوا زهرة شبابهم في خدمة و تنمية القطاع خلال الأعياد ، و خلال العطل المدرسية . و في موائد الإفطار خلال الشهر الفضيل . و اليوم يجرون تبعات ظروف العمل الغير ملائمة طوال مشوارهم العملي الذي دام لأكثر من ثلاثة عقود.

كن يطوين الطريق بين حي السككيين و قصر العدالة مشيا على الاقدام ذهابا و إيابا . رغم ان بعضهن لا تقدر على المشي . بل منهن من تحمل فوق ظهرها رضيعا او تسوق عربة اطفال. و مع ذلك يحاربن للوصول الى هذا النشاط المقدس . يحضرن قبل الساعة التاسعة صباحا امام قصر العدالة . بعد ان يدبرن احتياجات ابنائهن المتمدرسين . انه النضال من اجل ابعاد شبح التشريد . غير مكترثات بأحوال الطقس ( الحرارة، الرياح او الامطار ).

فخلال ما يقرب من أربعة شهور (المدة التي استغرقتها المحاكمة ) كن يرددن الشعارات غير ابهات بلسعات الشمس التي قد تضر ببشرة وجوههن و لا بقطرات المطر التي قد تسبب لهن زكاما. فلكل هؤلاء السيدات الشكر الجزيل على ما بذلنه من اجل رسم صورة حقيقية للمراة التي تناضل من اجل اقتلاع الحق في السكن . و ليس من اجل الشغب و الفوضى و الاعتراض على تطبيق القانون.”

و يوم 17/ 10/ 2016 استعجلت إدارة السكك الحديدية تنفيد حكم الافراغ في حق المتقاعدين الأوائل الذين صمدوا لانتزاع حقهم في السكن – هذا اليوم الذي سماه المتقاعدون بيوم تنفيذ حكم الإعدام – كانت نساء  الحي حاضرة و بقوة . حضرن بأطفالهن  و برضعهن .  و الغير قادرات على الوقوف بكراسيهن .مشكلات لجسر بشري كبير حماية لمنازل زميلاتهن المهددات بالتشريد في هذا اليوم العصيب . بل منهن من خرجت و هي مسلحة بعصى كبيرة كنوع من أنواع  رفض الاستسلام للأمر الواقع  و الدفاع عن الحق بأية طريقة.

هؤلاء هن نساء السكك الحديدية اللواتي يأتمر الرجال بأمرهن . هؤلاء الجريئات في المطالبة بالحقوق اكثر من المزاولين و المتقاعدين. هؤلاء هن اللواتي كن يرفضن قرارات الإدارة جملة و تفصيلا و حتى بالأحكام القضائية.  لكونهن ادركن بأن الاحكام غير ذات موضوع مادامت تتناقض مع الحق في السكن  الذي يضمنه الدستور المغربي  و المواثيق الدولية .هؤلاء هن الحاصلات على التكوين الحقوقي اللازم و أول الحقوق الادمية  الحق في السكن .  هؤلاء كن في مقدمة الطلائع المطالبة بتسوية ملف التقاعد و التغطية الصحية . في الوقت الذي كان فيه البعض ممن احيل على المعاش في زمن كرونا يخاف حتى من الاقتراب  من المتقاعدين السككيين بالجديدة .

فتحية لسيدات حي السككيين بالجديدة اللواتي جهرن بالمطالبة بحقهن في التمتع بحياة كريمة ( تقاعد مريح – سكن لائق – تغطية صحية شاملة).

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *