دحمان: اتفاق المركزيات التعليمية مع الحكومة نكوص وإعلان نوايا لا يقدم حلولا إجرائية.
وقعت المركزيات النقابية التعليمية الأكثر “تمثيلية” اتفاقا مع الحكومة السبت الماضي بالرباط على محضر بموجبه سيتم اعتماد نظام أساسي موحد يسري على كافة موظفي القطاع، يؤسس ولأول مرة لأهداف تحسين وتجويد أداء هيئة التدريس ويرفع من جاذبية مهنة التدريس، ويخول لأساتذة “التعاقد” نفس حقوق موظفي وزارة التربية الوطنية.
و يهدف الاتفاق حسب أصحابه إلى تحفيز موظفي قطاع التعليم طيلة مسارهم المهني، وفاء بالالتزامات الحكومية لإصلاح المدرسة العمومية، وسيتم إلغاء الأنظمة الأساسية (12 نظاما) الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والتأسيس لأهداف تحسين وتجويد أداء هيئة التدريس وفتح آفاق الارتقاء المهني.
ومن بين أبرز نقاط المحضر؛ الحفاظ على المكتسبات بما في ذلك الحفاظ على الأطر التعليمية الحالية مع العمل على خلق وإحداث أطر جديدة، وتوحيد السيرورة المهنية لكل الأطر وخلق المنافذ والجسور بين مختلف هذه الأطر والهيئات.
كما يتضمن الاتفاق إدراج مهام الإدارة التربوية والإدارة المدرسية ضمن مقتضيات النظام الأساسي الجديد، وإقرار نظام جديد لحفز الفريق التربوي والإداري بمؤسسات التربية والتعليم العمومي ذات التميز، وتأمين الزمن المدرسي وزمن التعلمات.
وفي أول تعليق على توقيع محضر الاتفاق، أكد الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم عبد الإله دحمان أن التوقيع مرتبط بسياق سياسي يتكرس في مجالات متعددة مرتبط بتطورات الساحة التعليمية، حيث انفلات المبادرة النضالية من التنظيمات النقابية وتفاقم النضال الفئوي، مقابل حوار قطاعي لم يستطع في شهور عديدة تقديم أي تقدم في معالجة الملفات العالقة وكذا الحسم مع إعادة النظر في النظام الاساسي.
واعتبر دحمان، أن الاتفاق هو نسخة مكرورة من حيث المضمون والسياق الذي وقع فيه اتفاق 18يناير2021، بل يجتر نفس الإشكالات والملفات ووجهات النظر التي كانت موضوع الاتفاق المرحلي وكنا ننتظر إعلان النتائج، لذا ما سمي اتفاقا اليوم هو اعلان مقنع عن فشل مسار شهور من التفاوض والحوار القطاعي .
وأوضح الكاتب العام للنقابة التعليمية التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في تصريح لموقع “الإصلاح” ، أن مضمون الاتفاق لم يكن موضوع نقاش أو تفاوض بل هو استجابة سريعة غير مدروسة، موجهة ضد انفلات المبادرة النضالية من النقابات المفاوضة باعتراف مكونات التفاوض نفسها .
وخلص دحمان إلى أننا أمام عودة صفرية للمنطلقات الأولى والظروف التي استدعت الاتفاق المرحلي، متسائلا “إذن ماذا كنا نفعل طيلة هذا الوقت وما مضمون جلسات الحوار ؟ أين الخلاصات ؟ أين المخرجات؟ أين الحلول بالنسبة للملفات العالقة ؟ أين مشروع النظام الاساسي ؟”، مشددا في الآن ذاته على أن الردة والنكوصية إلى واقع يناير 2021 غير مقبولة. وأنه لا يمكن أن ندخل في سيرورة تبادل النوايا والآراء من جديد خصوصا.
وأضاف القيادي النقابي “الاتفاق الجديد لا يحمل جديدا فهو عبارة عن إعلان نوايا وتوجهات وعبارات عامة لا يمكن معرفة مضمونها الإجرائي وتفاصيلها، الاتفاق الجديد لا يقدم حلولا إجرائية بل يعد بما سيكون عليه الأمر في المستقبل وهذا أمر خطير من الناحية المنهجية لأن توقيع الاتفاقات يأتي تتويجا للتوافق حول القضايا المتفاوض حولها”.
وتابع دحمان، أن الاتفاق الحالي يتحدث عن محضر اتفاق وليس اتفاق بخصوص المبادئ ومعروف أن المبادئ محسومة دستوريا وقانونيا وفي الاختيارات الكبرى للنظام التربوي المغربي والسياسة التعليمية والقانون الاطار، مفيدا أن هذا النقاش مغلوط لا يقدم حلول تعيد الاستقرار للساحة التعليمية .
ونبه الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم من أن الأخطر في توقيع محضر كونه تم دون رؤية إجرائية لمضامينه لأنه حتى مع افتراض النية الحسنة فالنقاش حول التنفيذ سيطرح إشكالات قد تحول دون صياغة مخرجات منصفة وعادلة بل وسريعة.
واستشهد المتحدث بالتحفيز الذي تمت ترجمته في مبلغ مالي تم الحديث عن كيفية توزيعه وتشطيره سنويا ولكن لم يحدد بناء على أي معايير سيتم صرفه مما سيجعله موضوعا للاختلاف في المستقبل، “اللهم كلام فضفاض جربناه سابقا ، من قبيل الحفاظ على المستوى”.
وتساءل دحمان عمن يحدد المستوى وكيفيته وبناء على أي توصيف، وهو في علم غيب الموقعين، مستغربا أن يتحدث الاتفاق عن تاريخ لتنفيذ النظام الأساسي ابتداء من سنة 2023 مما يعني أن هناك مضامين تفصيلية لم يكشف عنها أو سيشرع في صياغتها مما قد يعود بالحوار إلى منطلق جديد، وتمت إحالته إلى الالتزامات الخاصة بالأطراف.