بقلم ابو أيوب
* شهر يوليوز الجاري ، المملكة الايبيرية على موعد آخر اسبوع من هذا الشهر مع انتخابات رئاسية و تشريعية ، الفوز فيها سيكون من نصيب الحزب الشعبي من اليمين الوسط الذي يتزعمه فيخو بحسب استطلاعات الرأي ، فضلا عما اسفرت عنه الانتخابات المحلية و العامة التي عرفت هزيمة مدوية للحزب العمالي الاشتراكي الذي يتزعمه سانشيز ، لصالح الحزب الشعبي و حزب فوكس اليميني المتطرف الذين بحسب المرتقب سيشكلان الحكومة الائتلافية القادمة مطعمة باحزاب اخرى .
متغيرات الوضع السياسي الاسباني تمثل تحديا خطيرا في وجه المغرب لا سيما من بوابة الموقف من قضية الصحراء ، اي بما معناه احتمالية بروز ازمة سياسية حادة في علاقات المملكتين ، على ضوء التصريحات المستفزة لكل من الحزب الشعبي و حزب فوكس و موقفيهما الداعمين للحل الأممي و مساعي ديميستورا المبعوث الشخصي لأمين عام الامم المتحدة للصحراء ، بما يضمن حق تقرير المصير وفق قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة ، ما يعزز أكثر الطرح هذا ، المناورات العسكرية البحرية و البرية و الجوية التي اشرف عليها الملك فيليبي السادس بمياه جزر الكناري ، و قد سبقتها من قبل مناورات عسكرية بمياه سبتة و مليلية شمال المغرب ، و هذا ما يعطي الانطباع بكونها رسائل عسكرية تحمل بين طياتها ضغوطا سياسية و اقتصادية تحذيرية على صلة بملفات عالقة على رأسها ( الهجرة.المخذرات.رفض ترسيم الحدود البحرية خاصة بالصحراء. رفض تسليم ادارة المجال الجوي للمغرب .الموقف الداعم و المساند لتقرير المصير…) .
* يوم 29 يوليوز الجاري ، روسيا الاتحادية على موعد مع القمة الاقتصادية المشتركة بينها و الاتحاد الافريقي ، قمة عنوانها الابرز تعزيز الشراكات الاقتصادية و تمويل مشاريع تنموية……. لفائدة الدول والشعوب الافريقية ، استثمارات بملايير الدولارات في مجال الطاقة و الفلاحة و السياحة و الصحة و التعليم و الصناعات الغذائية….، بما يسمح لافريقيا تحقيق تنمية مستدامة و ما يترتب عنها من خلق فرص شغل ، و استقلالية القرار السياسي و انهاء تبعيتها للمستعمر القديم ، بالتالي تعتبر القمة المرتقبة تعزيزا للنفوذ الروسي و ما يواكبه من نفوذ صيني قوي رأس حربته مشروعها القديم الجديد طريق الحرير العابر للصحراء .
من هذا المنظور يمكن الجزم بان الصراع المحتدم بين الشرق و الغرب على افريقيا ، بدأ يأخذ ابعادا جيواستراتيجية لم تعد تخدم المصالح الغربية و المغربية على الخصوص ، لا سيما فيما له علاقة بالحرب الأوكرانية و الموقف الافريقي المحايد ظاهريا و المصطف الى جانب روسيا باطنيا ، و طرد وفد اسرائيل و رفض منحها العضوية بصفة مراقب بالاتحاد الافريقي كما تناقلها الاعلام المحلي و الدولي…فضلا عن الموقف الرسمي للاتحاد الافريقي من قضية الصحراء ، فهل ستتكفل روسيا بارسال دعوات المشاركة للدول الافريقية كافة ام ستستثني الغير معترف به أمميا كدولة أم ستفوض الامر للاتحاد الافريقي ؟ و هل سيشارك المغرب الى جانب ( الجمهورية الصحراوية) ام سيغيب عن القمة ؟
* مطلع الاسبوع الاول من غشت القادم ، جنوب افريقيا على موعد مع استضافة قمة مجموعة دول البريكس،اقوى الاقتصاديات العالمية و اكبر سوق استهلاكي ( روسيا.الصين.الهند.البرازيل.جنوب افريقيا ) ، قمة البريكس ستشهد حضورا لافتا للدول المرشحة للانضمام على رأسها الجزائر و السعودية و مصر و ايران ، و من الأكيد ان يتم الاعلان الرسمي عن نيل الجزائر صفة العضوية ، اما بصفة مراقب لمدة معينة بحسب قانون البريكس ، او بصفة دائمة استثناءا و امتيازا ضمن سياق علاقاتها المتميزة و الوثيقة مع مجمع دول البريكس ، و لدورها المحوري و النشيط في مختلف الملفات الافريقية و العربية و الدولية ( ليبيا. مالي.النيجر.الوساطة بين مصر و اثيوبيا.عودة سوريا.الترحيب بوساطتها في الازمة الاوكرانية…..مثالا لا حصرا ) .
كما تجدر الاشارة الى تنامي الدور المحوري للجزائر بوتيرة متسارعة اقليميا ( دول الفضاء المغاربي) و جهويا على صعيد القارة العجوز اوروبا ، و اخص بالذكر علاقاتها المتميزة مع ايطاليا و البرتغال و المانيا و بريطانيا …..باستثناء اسبانيا و فرنسا على الخصوص ، فيما دوليا يعتبر انتخابها عضوا غير دائم بمجلس الامن الدولي لسنتي 2024/2025 ب184 صوتا في سابقة من نوعها وحده كفيل للدلالة على ما اصبحت تمثله من ثقل في مسرح السياسات الدولية .
بالتالي زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الجزائري لروسيا في عز الازمة الاوكرانية ، بقدر ما أججت حنق فرنسا و رفضها لهذه الزيارة ، بقدر ما عززت من مكانتها على الصعيد الدولي ، و بدل ان تجلب تنديدا و شجبا و امتعاضا غربيا ، و فرض عقوبات امريكية وفق قانون كاتسا كما توعدت امريكا خصومها ، كانت النتائج مخيبة للآمال حيث شاهدنا الرئيس الامريكي جو بايدن و وزيره في الخارجية انتوني بلينكن ، في قمة السفراء شارك فيها 50 سفير دولة و التي تشرف عليها الادارة الامريكية ، يعبران عن رغبتهما في تقوية العلاقات الاقتصادية و السياسية مع الجزائر ، و قد انضافت لهما السفيرة الامريكية المعتمدة بالجزائر العاصمة في تغريدة لها على تويتر .
تقوية الدور هذا و تعزيزه قد يختتم بعضويتها الدائمة بمجلس الامن الدولي ممثلة لافريقيا ، من زاوية المقاربة الامريكية الساعية الى ادخال اصلاحات و تعديلات على تركيبة مجلس الامن الدولي ، و رؤيته التي عبر عنها في قمة امريكا افريقيا الاخيرة بضرورة منح افريقيا مقعدا دائما يتمتع بحق الفيتو ، و ان تعذر توافق الدول الافريقية الماسكة بالقرار الافريقي ( جنوب افريقيا.نيجيريا.كينيا.االجزائر.أثيوبيا.انغولا) ، و هي بالمناسبة دول تجمعها علاقات قوية مع الجزائر ، فبتقديري في حالة عدم التوافق رغم استبعاد الامر ، من المحتمل جدا ان تكون العضوية الدائمة هذه دورية يتناوب عليها الاربعة الاوائل باسم افريقيا.