بقلم ابو ايوب
– أمريكا :
رغم التأويلات الكثيرة و الجدال الكبير الذي صاحب زيارة الرئيس الجزائري لموسكو و ما تمخض عنها من اتفاقيات شملت كل المجالات ، و في الوقت الذي كان البعض ينتظر موقفا رسميا امريكيا بخصوص الزيارة التي تعتبر تحديا للضغوط و الاملائات الامريكية ، و فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على الجزائر اسوة بما فرضته على دول عديدة وفق منطوق قانون كاتسا الأمريكي ، وزير خارجية امريكا انتوني بلينكن يوجه دعوة رسمية لنظيره الجزائري لزيارة امريكا في اقرب فرصة تتاح له وفق جدول اعماله ، لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك من بينها بكل تأكيد الاوضاع في ليبيا و مالي و الصحراء و دول جنوب الصحراء ، فضلا عن قضايا الارهاب و المخذرات و الهجرة و الجريمة العابرة للحدود …
هي اذن قفزة نوعية بكل المعايير في علاقات امريكا و الجزائر ، وعوة رسمية لتقوية العلاقات الثنائية و سبل تعزيزها و فرص الاستثمار الأمريكي خاصة في قطاع الطاقة ، على الرغم من علاقاتها مع المغرب الذي تعتبره امريكا حليفا استراتيجيا من خارج الناتو ، بدل ان تكون مناسبة و ذريعة لفرض عقوبات . كما من المتوقع ان تشهد الزيارة انعقاد الجلسة السادسة للحوار الاستراتيجي بين الادارة الامريكية و نظيرتها الجزائرية ، و سبل تعزيز التشاور و التنسيق في القضايا الافريقية و الدولية و قضايا الشرق الاوسط على رأسها القضية الفلسطينية و حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ضمن حدود 67 .
الهرولة الأمريكية نحو الجزائر فضلا عن الحجيج الاوروبي لها ، هي في حقيقة الأمر بوادر تغيير مواقف هذه الدول من قضية الصحراء بشكل لا يتماشى مع الطموحات المغربية ، فضلا عن كونها مؤشرات انزعاج مغربي من التقارب الامريكي الاوروبي مع الجزائر خاصة ايطاليا و البرتغال و المانيا …
– اسبانيا :
لم يندثر بعد بارود المناورات العسكرية الجوية و البحرية الاسبانية بسواحل سبتة و مليلية و جزر الكناري ، و لم يجف بعد حبر الاعلان الرسمي الاسباني عن رفض اسبانيا منح ادارة المجال الجوي الصحراوي للمغرب ، فاذا بالاخبار القادمة من المملكة الايبيرية تطلعنا بما اعلن عنه زعيم الحزب الشعبي الاسباني السيد فيخو اثناء لقاء اعلامي جمعه مع بيدرو سانشيز ، مما جاء فيه انه في حالة فوزه في الانتخابات المقررة يوم 23 يوليوز الجاري ، سيسعى الى علاقات متوازنة مع كل من الجزائر و المغرب و( الشعب الصحراوي ) ، و انه غير ملزم پاي اتفاق لم يطلع عليه في اشارة الى رسالة غريمه سانشيز للعاهل المغربي .
موقف كهذا قد يبدو للوهلة الاولى مجرد مزايدات سياسية لتعزيز المكاسب و الانتخابات على الابواب ، لكن واقع الحال بتقديري و بكل موضوعية ، يشير بوضوح الى احتمالية كبيرة بأن تشهد العلاقات الثنائية المغربية الاسبانية ما بعد الاعلان عن الفائز ، ازمات سياسية و اقتصادية…. مستعصية لن يستثنى منها اي قطاع ، خاصة ما له علاقة بملف الصحراء و الدور المحوري الاسباني من زاوية مسؤولياتها الاخلاقية و التاريخية و القانونية كمستعمر قديم لها ، مسؤوليات وجدت صدى لها في تصريح الامين العام الاممي انطونيو غوتيريش بباريس قبل ايام .
كما علينا ايضا الاخذ بالحسبان الاحتمال الكبير بتغير الموقف الاسباني من قضية الصحراء لغير صالح المغرب ، مهما كان الفائز و مهما كانت تشكيلة الحكومة المرتقبة أغلبية او ائتلافية ، موقف سوف تطغى عليه لغة المصالح الطاقية و الاقتصادية عموما ، استجابة لمطالب الباترونا و الشركات التي تكبدت خسائر كبيرة فاقت ثلاثة ملايير اورو بفعل الأزمة الناجمة عن موقف سانشيز التي اسفرت عن الغاء معاهدة الصداقة و حسن الجوار و التعاون مع الجزائر لسنة 2003 .
تغيير اسبانيا لموقفها من النزاع على الصحراء بقدر ما هو رسالة استفزازية من وجهة نظر مغربية ، بقدر ما يعبر عن تخوف اسباني من تسامح مغربي مع جحافل المهاجرين من دول الساحل و الصحراء ، الافارقة الراغبين في العبور الى الالدورادو الأوروبي و ما يمثله من خطر داهم لعموم اوروبا ، بالتالي هي ورقة ضغط يمتلكها المغرب في مواجهته مع اسبانيا ، لكن هل سيقدم على استعمالها كما حدث بسبتة و مليلية على ضوء تغير الظروف ؟ أم سيبحث عن تنويع شراكاته الاقتصادية و السياسية مع دول اخرى بالقارات الخمس رغم استحالة التوفيق في ذلك ؟ الايام القادمة كفيلة بالاجابة على التساؤلات ، كما انها حبلى بالمفاجئات الغير سارة للمغرب ، و ان ما يحدث اليوم مجرد بداية بحسب مراقبين و محللين دوليين ، كما جاءت على لسان احدهم مغربي الاصول امريكي الجنسية ، الاستاذ الجامعي الدكتور محمد الشرقاوي متخصص في تصفية النزاعات الدولية و خبير بالأمم المتحدة ، في تصريح له على قناة اسرائيلية تبث من المغرب i 24 .