الأحد. نوفمبر 24th, 2024

الشباب المغربي والمستقبل الغامض والمقلق!

اسماعيل الحلوتي

مما لا مراء فيه أن الشباب هم الأمل الذي تبني عليه عديد بلدان العالم أحلامها، باعتبارهم الركيزة الأساسية للأمم وأساس تقدمها وتطورها. فهم نواة المجتمع الأساسية ومصدر قوته ونهضته، بل هم نبراس الأمة ونورها الذي لا ينطفئ، ولاسيما إذا ما تم الحرص على تطوير قدراتهم وحسن استثمار جهودهم وطاقاتهم في اتجاه خدمة البلاد، وإحداث التطور المنشود في كافة المجالات الخدماتية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها…
ذلك أنه وفي إطار الاعتراف بما للشباب من مكانة متميزة وحاجة ملحة لطاقاتهم ومواهبهم في بناء حضارات مجتمعاتهم، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ 12 غشت يوما عالميا للشباب منذ عام 1999 يتم فيه الاحتفاء بهم قصد تذكير العالم بدورهم الريادي، باعتبارهم عماد الأمم وأساس مشاريعها الثقافية والاجتماعية، ويعدون شركاء أساسيين في الإصلاح والتغيير، إلى جانب كونهم الفئة الأكثر احتياجا للاهتمام في ظل حساسية المرحلة العمرية التي يعيشون في كنفها. كما أن هذه المناسبة الكونية تعتبر فرصة لإذكاء الوعي بالتحديات والمشاكل التي تواجه فئة الشباب. إذ أنه وحسب منظمة اليونيسكو يعيش في العالم حوالي 1,8 مليار شاب وشابة عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، فضلا عن التحديات التي تشوب سوق الشغل ومحدودية المشاركة في الحياة السياسية والمدنية، مما يعمق عزلتهم في مجتمعاتهم.
وبالإضافة إلى اليوم العالمي للشباب (12 غشت)، يحرص المغرب على الاحتفال بعيد الشباب في (21 غشت) من كل سنة الذي يصادف ذكرى ميلاد العاهل المغربي محمد السادس. وهي مناسبة يتم فيها تسليط الضوء على التزام جلالته الراسخ برعاية فئة الشباب وتحفيزهم الدائم على الانخراط في الدينامية المجتمعية وتعزيز مشاركتهم السياسية والاقتصادية. كما أنها فرصة متجددة للاحتفاء بهذه الثروة الحقيقية للأمة، وللوقوف كذلك على حصيلة المبادرات التي ما انفك يطلقها لفائدتهم منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، والتفكير في الأعمال والإجراءات التي من شأنها تحقيق الازدهار الاجتماعي والثقافي لهم، خصوصا أن تنمية المغرب تعتمد على شباب حر ومزدهر، يتمتع بالكفاءة وروح الإبداع والمبادرة وقيم المواطنة الحقة.
بيد أنه هناك عدة مشاكل تعترض الشباب المغربي وتحول دون إثبات ذاته والكشف عن قدراته، فإلى جانب التهميش وعدم تكافؤ الفرص تعد معضلة البطالة من بين أكثر المشاكل الاجتماعية تعقيدا، التي مازالت تشغل بال عشرات الآلاف من الأسر المغربية وتقض مضاجعها، دون أن تكون الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام ببلادنا قادرة على ابتكار حلول ملائمة لمواجهتها والحد من معدلاتها المتفاقمة، وخاصة في أوساط ذوي الشهادات العليا من خريجي الجامعات والمعاهد والمؤسسات المغربية. وهو المشكل المقلق والمؤرق الذي لم تعد تنفع معه تلك الحلول الموسمية والترقيعية، التي ليس لها من هدف عدا در الرماد في العيون ومحاولة تذويب الاحتقان الشعبي المتنامي إلى حد أصبح فيه البعض يصف “عطالة الشباب” بالقنبلة الموقوتة، التي لا يمكن التنبؤ بموعد انفجارها ولا بحجم تداعياتها الوخيمة.
فالمذكرات الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط لم تفتأ تكشف عن أرقام صادمة حول ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، حيث أن المذكرة الأخيرة الصادرة في مطلع شهر ماي 2023، أظهرت أن حجم العاطلين في المغرب ارتفع بمعدل 6 في المائة، ما بين الفصل الأول من سنة 2022 والفصل نفسه من سنة 2023. وأفادت ذات المذكرة المتضمنة لأحدث البيانات والمؤشرات حول البطالة بالمغرب، أن عدد العاطلين بالمغرب انتقل من مليون و466 ألف عاطل إلى مليون و549 ألف عاطل، 67 ألف منهم بالوسط الحضري و16 ألف بالوسط القروي.
وأشارت ذات المذكرة إلى أن معدل البطالة ما بين الفصل الأول من العام الماضي والفصل نفسه من السنة الحالية 2023 قفز إلى 0,8 نقطة، منتقلا من 12,1 إلى 12,9 في المائة، بتفاوت واضح بين المجالين الحضري والقروي. كما شهدت البطالة على مستوى أعمار العاطلين ارتفاعا حادا بلغ 1,9 نقطة، في الفئة المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، منتقلة بذلك من 33,4 إلى 35,3 في المائة، وفي أوساط الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و34 سنة، منتقلة من 19,2 إلى 20,9 في المائة، بمعدل 1,7 + نقطة. أما فيما يخص جنس العاطلين، فقد رصت أرقام المندوبية ارتفاعا في معدل البطالة لدى الجنسين، حيث انتقلت من 10,5 إلى 11,5 في المائة لدى الرجال، ومن 17,3 إلى 18,1 في المائة بالنسبة للنساء…
إننا أمام هذه الأرقام المقلقة التي ما فتئت تتطور سنة بعد أخرى، بات لزاما على أصحاب القرار ببلادنا الالتزام بالتعليمات الملكية السامية والانكباب الجاد والمسؤول على سن سياسات عمومية ناجعة، تضع مشاكل الشباب في صلب اهتماماتها، ولاسيما أن الحكومات المتعاقبة مازالت عاجزة عن احتواء الشباب ومعرفة مشاكلهم الحقيقية وتأهيلهم في إطار سياسة تربوية وتكوينية فعالة وهادفة.
ذلك أن ثلث الشباب المغاربة فقدوا ثقتهم في المستقبل، جراء عدة عوامل وفي مقدمتها استشراء الفساد، ضعف النظام التعليمي الذي لا يؤهلهم بشكل كاف لسوق الشغل، انعدام تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب المغربي فضلا عن التحديات التي تواجههم بقوة في إيجاد فرص عمل مناسبة تحفظ كرامتهم .

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *