رجع الصدى : يكتبها ذ.عبد الكريم جبراوي
لكل حدث وقائعه وتجلياته، ولكل حدث تبعاته ونتائجه، كما لكل مستجد تحمله الأخبار من هنا أو هناك نسيج من الحديث يتردد، وعند هذا التردد يتولد صدى الخبر، فيكون رجع الصدى نتيجة لخبر الحدث…
المرسوم رقم 2.20.475 الصادر في 9 ذي الحجة 1442) 20 يوليو2021) بتحديد قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين المستمد نصه وروحه من القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.113 بتاريخ 7 ذي الحجة 1440( 9 أغسطس 2019) ولاسيما المادة 20 منه؛ ومن الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378(15 نوفمبر1958) بتنظيم حق تأسيس الجمعيات، كما وقع تغييره وتتميمه؛ ومن المداولة في مجلس الحكومة المنعقد في 13 من ذي القعدة 1442 (24 يونيو2021) ، هذا المرسوم يقود إلى الحديث عن المادة 7 منه والتي تنص على أنه من ضمن ما يشمله الدعم التربوي والاجتماعي، الذي تتولى جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ تقديمه لفائدة المعنيين بالشأن التربوي، دعم الجهود الرامية إلى تشجيع تعميم التمدرس، وتيسيره في الوسط القروي وشبه الحضري والمناطق ذات الخصاص والإسهام في النهوض بالتعليم الأولي وتنميته؛ وهي
المراسلة الوزارية رقم 20-0519 بتاريخ 21 يوليوز 2020 اعتماد دليل مساطر لدعم مشاريع الجمعيات المكلفة بتدبير أقسام التعليم الأولي المدمجة في المؤسسات التعليمية العمومية، والتي نصت على ان وزارة التربية الوطنية عملت وفق مقاربة تشاركية على إعداد دليل مساطر ينظم ويؤطر العمليات الخاصة بإبرام اتفاقيات الشراكة بين الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومصالحها الإقليمية وجمعيات المجتمع المدني المكلفة بتدبير أقسام التعليم الأولي المدمجة في المؤسسات التعليمية العمومية، كما تدعو ذات المراسلة إلى اعتماد هذا الدليل عند تدبير الشراكات بين الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وجمعيات المجتمع المدني في تدبير أقسام التعليم الأولي المدمجة في المؤسسات التعليمية العمومية.
ووفق مقرر وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي رقم 028.20 بتاريخ 21 يوليوز 2020 المشار اليه في المراسلة الوزارية آنفة الذكر فإن باب الجمعيات المستهدفة ينص على أنه” يتم عقد شراكات مع الجمعيات العاملة في مجال التعليم الاولي، بالإضافة إلى جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، التي تهدف أنظمتها الأساسية إلى الارتقاء بالتربية والتكوين، بما في ذلك مجال التعليم الأولي.
غير ان حضور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في المجال على صعيد مجمل الجهات والأقاليم يكاد يكون شبه منعدم في عدد كثير جدا منها إن لم نقل منعدما أصلا في مجملها ولا تكاد نسبة تواجدها تصل حد الواحد في المائة ولنا في الإحصائيات الرسمية لهاته الجمعيات التي تدبر أقسام التعليم الاولي على الصعيد الوطني خير مثال، مما يطرح العديد من التساؤلات عن الغاية من تقزيم وإلغاء دور من أهم أدوارها لا سيما وأنها الجمعيات التي تشكل بحق وبقوة الواقع المجالي جمعيات القرب الأشد ارتباطا بالمؤسسة التعليمية وبكل مرتفقيها، والأكثر استقرارا مقارنة بالعديد من الجمعيات المحلية التي تضمحل أو تموت بتواري رئيسها المؤسس أو بنشوب صراعات بين أعضائها.
حضور جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ داخل المؤسسة التعليمية حضور يومي وعلى مدار السنة، ودورها المساهم في النهوض بالتعليم الأولي وتنميته لا يمكن القفز عليه أو إلغاؤه – كما هو جار- لفائدة جمعيات أخرى عددها أقل من عدد رؤوس أصابع اليد الواحدة تسعى بعض الأطراف والجهات إلى جعلها المنفردة على صعيد تدبير ملف التعليم الاولي في مجمل التراب الوطني بما يتنافى وسياسة القرب وإشراك الجميع، مثلما يشكل عنصر استقواء على المنظومة ومبعث قلق في المستقبل المنظور، إذ يمكن وصفه ونعته بالوزارة داخل وزارة أو القطاع داخل قطاع.
ولو رجعنا إلى الرسميات نجد أن هناك صورا لمشاهد وأحداث تسير في الاتجاه الآخر، فالسيد محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة في لقائه التواصلي بممثلين عنها يوم الجمعة 24 يناير 2025 بالمقر الرئيسي للوزارة أكد أن الشريك الرئيسي للمدرسة هو جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، وأنه لا يمكن الحديث عن المدرسة دون استحضار الدور الاستراتيجي لهذه الجمعيات في الارتقاء بأداء المؤسسات التعليمية، وذلك من خلال التتبع اليومي والدائم لسير العمل بها، ومعالجة كل ما يمكن أن يؤثر على العملية التعليمية، مع العمل على الارتقاء بالحياة المدرسية والأنشطة الموازية لما في ذلك من أثر إيجابي على التعلمات.
فهل تعمل وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة على تصحيح الوضعية القائمة وتمكين الجمعيات ومنها جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ من ممارسة أحد أهدافها المسطرة في المرسوم وفي دليل المساطر المشار اليهما سابقا وتجسيد سياسة القرب الحقيقية أم أن سياسة كل يد تمتد بحسب التوجيهات هي ما سيستمر عليه الحال؟
عبد الكريم جبراوي