منقول عن موقع : khalidelkhodari.com
نورس البريجة: خالد الخضري
1 – الطير الحر لا يأكل الجيفة
من بين أهم الأنشطة التي يعرفها موسم مولاي عبد الله أمغار سنويا، عرض لهذه الرياضة بملعب الخيول “المَحْرَك” حيث تقام لعبة الفروسية.. وهكذا يحل “بِيّاز” وهو صاحب ومروض الباز أو الصقر أو “الطير الحر” كما يلقبه الدكاليون، بفضاء الملعب فيطلق حمامة تحلق في فضائه إلى أن تكاد تختفي في السماء.. حينئذ يفك القبعة أو البرقع، الذي يخفي عيني الباز ورأسه بكامله. يسمى أيضا “المْكب” أو “الكبّيل” بالدارجة المغربية، ثم يفك وثاقه المربوط بيده على متن قفاز جلدي نظرا لحدة مخالب الطير، فيحلق هذا بعيدا وراء الحمامة وتحت صيحات صاحبه التي يميزها ولو كانت ضمن العديد من الصيحات المتزامنة! حيث إنّ الله ميّزها بخصائص عدة منها:
- السرعة العالية في الطيران والتحليق حيث يصل بعضها 360 كلم في الساعة بالنسبة للنّبلي والبحري 200 إلى 240 كلم/س.
- المخالب الحادة والصلبة
- ثم بقوة بصر عالية ودقيقة تُمكّنها من رؤية فريستها عن بعد تصل أحينا 3000 متر / 3 كلمترات عن بعد”.
يضيف الشريف القاسمي السيد حميد عزيز الكاتب العام لجمعية القواسم النبلاء للقنص بالطير الحر بمولاي عبد الله: “إن الطير الحر سمي كذلك لأنه طائر عفيف نظيف، فهو لا يأكل الجيفة ولو مات جوعا. فنحن حينما نطعمه أرنبا صغيرا أو حمامة يجب تكون حية فنذبحها أمام عينيه، أو نمنحها له فيذبحها بمنقاره الحاد ثم يلتهمها من بعد. كما إنه ليس طائرا شرها إذ يكتفي بوجبة واحدة في اليوم. وتكلفنا تغذيته يوميا 15 إلى 20 درهما.
وهكذا يطارد الطائر الحر الحمامة دون هوادة إلى أن يسقطها أرضا ويجثم عليها بمخالبه – دون أن يقتلها أو يلتهمها – حتى يحل صاحبه ليخلصها من تحته ويلقمه بديلها قطعة لحم أو يتركها له متى شاء ذلك. لكن الطائر لا يأكل الطريدة مهما استبد به الجوع إلا بإذن صاحبه!!
2 – جد القواسم ليس هو مولاي الطاهر القاسمي
أما جد الشرفاء القواسم فالكثير من الناس ينسبهم إلى الشريف مولاي الطاهر القاسمي دفين أولاد فرج الذي يردد المطربون الشعبيون أغنية بشأنه أو بالأحرى “ساكْن” بعنوان: (مولاي الطاهر القاسمي رانت والي) في حين أن هذا الولي لم يرزق بأبناء. يزكي ذلك ما يردده المطربون في نفس الساكن:”
“ومولاي الطاهر يا الوالي لا بنية ولا وليد ولا من يكعد وسادي))
السيد حميد عزيز يقر هذا مؤكدا أن جد الشرفاء القواسم البيّازة، أصحاب الطير الحر هو سيدي علي بن قاسم المعروف ب “بو شربيل” والمدفون قرب جامع الكتيبة بمراكش”. نشر الدكتور عبد الهادي التازي بحثا مستفيضا عن رياضة الصيد بالطير الحر بدكالة معتبرا إياها “أمثولة حضارية”. ومما جاء فيه يعزز قول السيد حميد عزيز بخصوص نسب القواسم حيث كتب التازي في هذا السياق:
((إن المناطق التي انتشرت فيها هواية الصيد بالطير الحر على رأسها فخدة “القواسم” بقبيلة دكالة، ونقصد بالقواسم هنا ما يشمل قواسم (واهلة) أصحاب سيدي اسماعيل بوشربيل وقواسم أولاد فرج أصحاب زاوية الولي الصالح سيدي علي بن أبي القاسم تلميذ الشيخ أبي النيار من بني امغار أصحاب رباط “تيط” حيث يوجد ضريح مولاي عبد الله أمغار الذي تقام به المواسم الشعبية في صيف كل سنة. فتقدم خلاله عروض حية للصيد بالصقر يتزعمها القواسم. وهم جميعا يتحدثون عن تشجيع الملوك والحكام لهم باعتبارهم يتحكمون في الطير ولديهم مراسيم ملكية تؤكد أن السلطان مولاي الحسن الأول كان يعفي المرابطين مقدمي القواسم من أداء الواجبات نظرا لكونهم يصرفون الأموال لضعفائهم وفقراء زاويتهم. وقد كان هذا الإعفاء على ما يبدو بمثابة تعويض عما يصرفونه من نفقات على تربية تلك الصقور ورعايتها. وحمل الظهير الحسني (نسبة إلى مولاي الحسن الأول) تاريخ: 6 شعبان 1302، موافق: 21 ماي 1885)).
وهذه الهواية أو الرياضة الجميلة التي لا تكاد تعرف وتمارس إلا في بعض دول الخليج وبريطانيا والمغرب بمنطقة القواسم تحديدا. وعزز الدكتور عبد الهادي التازي بحثه القيم بصور لعيِّنة من الظهائر المثبتة ضمنها ظهير السلطان مولاي حفيظ يجدد فيه للقواسم ما كان أقره مولاي الحسن بتاريخ: 2 فبراير 1910.. وآخر للمغفور له محمد الخامس موقع من طرف وزير التاج السيد المختار السوسي هذا نصه:
“يجدد فيه للمرابطين: آل السيد اسماعيل القاسمي، المقيمين بقبيلة دكالة ما بأيديهم من ظهائر أسلافنا الكرام، أقررناهم على ما تضمنته من التوقير والاحترام. وقد صدر به أمرنا المعتز بالله في 12 جمادى الثاني 1380، موافق فاتح دجنبر 1960” – (ص: 211).
وختم الدكتور عبد الهادي التازي عرضه بتساؤل إيجابي قائلا: “وهل هناك دلالة على اعتزاز المملكة المغربية بهذه الهواية، أكثر من اهتمام جلالة الملك الحسن الثاني بإصدار طوابع بريدية تعبر عن ممارسة هذه الرياضة المتوارثة منذ القدم؟ ” (ص: 212).