الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

بقلم ابو ايوب :

وجهة نظر سياسية بطعم خيبات ديبلوماسية …كيف ذلك ؟
سنة 2017 أرخت لزيارة ملكية تاريخية لدولة جنوب السودان ، و جاءت هذه الزيارة ضمن مجموعة زيارات قبلها قام بها العاهل المغربي في جولاته المكوكية الى الدول الافريقية ، جنوب شرق غرب القارة السمراء بشقيها الفرانكوفوني و الانكلوساكسوني . زيارته هذه كللت بابرام اتفاقية بناء عاصمة جديدة لدولة جنوب السودان ، خصص لها مبلغ خمس مليارات دولار ( منها خمس ملايين و 100.000دولار لدراسة الجدوى بحسب تصريح وزير الداخلية و التعليم السابق محمد حصاد) ، فضلا عن مشاريع بناء مستشفيات ميدانية و مساعدات طبية ……
زيارات كللت في النهاية برجوع المغرب الى اسرته المؤسساتية الاتحاد الافريقي ، تعزيزا لروح التضامن و الصداقة الافريقية و فتح آفاق واعدة ، بحيث شهدت هذه الحقبة التوقيع على عدة استثمارات و اتفاقيات و تبادل الخبرات شملت كافة المجالات ….مع مجموعة معتبرة من الدول الافريقية( مشروع عملاق لنقل الغاز مع نيجيريا/ مشروعي مركبات انتاج الاسمدة مع رواندا و اثيوبيا مثال).
كما تجدر الاشارة الى ان الغزوات الملكية لربوع افريقيا ، و ما تولد عنها من تعزيز موقعه على الصعيد القاري كفاعل اقتصادي و كبوابة من و الى بين افريقيا و اوروبا ، شجعت المغرب على تقديم طلب الانضمام الى المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ( الاكواس) ، و كانت هذه الخطوة تعبيرا عن احباطه و يأسه من مشروع اتحاد المغرب العربي ( تصريح وزير الخارجية البشوش صاحب المقص الذهبي)، و قد جاءت هذه الخطوة بعد اعلان موريتانيا عن عزمها العودة الى مجموعة الاكواس التي انسحبت منها في وقت سابق .
بالمناسبة الطلب المغربي لا زال لحدود الساعة حبيس الرفوف و بتقديري استحالة ان يرى النور ، و ذلك لعدة اعتبارات سياسية و اقتصادية و قانونية ، و سوف اقتصر على الجانب القانوني منها فقط ، القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي و مخرجات القمم الافريقية تنص على تشجيع التكتلات الاقتصادية الجهوية او المناطقية بمفهومها و بعدها الجغرافي ، اي اربع تكتلات اقتصادية ( شمال.غرب.جنوب.شرق القارة) ، غرب القارة بزعامة نيجيرية. جنوب القارة بزعامة جنوب افريقيا ، شرق القارة بزعامة كينيا ثالث اقتصاد افريقي ، فماذا بقي اذن غير شمال القارة حيث يتعثر اتحاد دول المغرب العربي الذي من المفترض أن يضم مصر .
اليوم منطق التاريخ و الجغرافيا معا يحتمان علينا طرح تساؤلات حول ما تحقق من انجازات و نجاحات اقتصادية و سياسية و غيرها ، اي بمعنى ماذا جناه المغرب من كل هذه الغزوات و الفتوحات كما سوقت لنا في حينها ؟ قد يقول قائل بفتح دول افريقية عديدة قنصليات لها بالعيون و الداخلة و هذا انتصار عظيم ، لكن في المقابل عليه ان ينظر الى حجم تلك الدول باستثناء العربية منها ، هي في مجملها دول صغيرة و فقيرة بل البعض منها محروم من التصويت بالامم المتحدة( غامبيا.جزرالقمر مثال) ، بالتالي اتسائل عن وزن و ثقل هذه الدول مقارنة بالدول التي تعاكس المغرب كنيجيريا.جنوب افريقيا.انغولا.اثيوبيا.كينيا…..؟
ما يعزز الطرح ، الانتكاسات المتتالية للديبلوماسية المغربية و التي شملت القارات الخمس ، الامريكيتين الجنوبية و اللاثينية( البرازيل.المكسيك.فينزويلا.كولومبيا.البير.بوليفيا.كوبا…..)، اوروبا و تصريح الممثل السامي للسياسات الخارجية و الامنية باسم 28 دولة اوروبية السيد جوزيف بوريل/ رئيس المجلس الاوروبي السيد شارلز ميشال، فضلا عن غزوات البرلمانات الاوروبية بفرنسا و اسبانيا و المانيا و الدول الاسكندنافية ، اوراسيا و الموقف الروسي الصيني الرافض للمقترح المغربي ، و ليس اخيرا جديد الموقف الرسمي الذي اعلنته وزارة الخارجية الكينية المعترف بجمهورية الوهم كما يلوك الحالمون ، فضلا عن اعلان دولة جنوب السودان اعادة علاقاتها الديبلوماسية مع” جمهورية لعجاج و القياطن” كما يردد المتيمون بسياسة البهرجة !
عنوان الزمن الديبلوماسي المغربي اليوم ، ما جاءت به مجلة فورين بوليسي الامريكية و هي تقلب مواجع الديبلوماسية المغربية ، و هي تتحدث في مقال لها بقلم الصحافي سايمن سبيكمن عن تغيير موازين القوى بشمال افريقيا لصالح الجزائر ، تزامنا مع الطلب الاوروبي على غازها الطبيعي ، باعتبارها ثالث اكبر مورد للقارة بعد روسيا و النرويج . و في المقابل تراجع النفوذ المغربي في المنطقة .
تقارب تونس حد الميل ناحية الجزائر ، ما هو الا اثباث لتعاظم هذه القوة الديبلوماسية و الطاقية ، فاستقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لرئيس الجمهورية الصحراوية ابراهيم غالي ، ضمن قادة الوفود المشاركة في منتدى تيكاد 8 الاقتصادي ، بين اليابان و دول الاتحاد الافريقي ، ترجم فعل التخلي الذي طرحه صاحب المقال في عنوانه متسائلا ، هل تتخلى تونس عن المغرب ؟ .
عنوان امريكي للتأكيد اكثر منه للتساؤل معتبرا أن نجم الجزائر آخذ  في الصعود . من جهة اخرى اشارت فورين بوليسي في ذات المقال ، الى حساسية المغرب اتجاه الصحراء الغربية من خلال نظرتها للعالم ، نظرة لم تعد ترى سوى الانتكاسات و الخيبات المتلاحقة .

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *