الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

المرعب من تطورات الايام القادمة بشمال افريقيا و اوروبا

بقلم ابو ايوب
بعد التفجيرات الثلاث التي طالت خط انابيب الغاز الروسي نوردستريم في المياه الاقليمية للسويد و الدانمارك دون ترك اثر يذكر ، و هي الانابيب الناقلة للغاز نحو المانيا بعدما تقلص الصبيب الى حدود 20% من احتياجات الاخيرة ، و بعد التحري و التحقيق اتضح جليا ان الاحداث جاءت بفعل فاعل ضمن مخطط جهنمي مدروس بعناية ، و المتهم حسب النتائج الاولية للتحقيقات امريكا و لا احد سواها له المصلحة في هذا ، بدليل انها الوحيدة التي تمتلك درونات مائية مجهزة بتقنيات حديثة متعددة المهام ، و قد ثبث بالفعل استعمالها في الازمة الاوكرانية و افتضح امرها بعد وضع الروس يدهم على أحد النماذج .
اليوم لا حديث في الاعلام الدولي الا عن فرضية تكرار الامر ذاته في مناطق اخرى من العالم ، لكن يبقى المرشح الابرز للتفجير انابيب نقل الغاز من جنوب المتوسط في اتجاه الضفة الاخرى ، ما يعزز الطرح مبادرة البحرية الايطالية بتسيير دوريات على مدار الساعة لتأمين الحماية للانبوب الرابط مع الجزائر للحيلولة دون وقوع انفجارات ، و قد يكون كذلك خط الغاز الليبي نحو ايطاليا ضمن دائرة الاستهداف ، و في هذه الحالة تكون مجموع دول القارة العجوز تعيش على وقع ازمة طاقية لم يسبق لها مثيل ، و المستهدف الرئيسي الاقتصاد الاوروبي و السلم الاجتماعي بعموم اوروبا .
كلنا يعلم ان صناعة الازمات اختصاص امريكي بامتياز و المستهدف يكون دائما العملة غريمة الدولار ، كما وقع ابان الحرب العالمية الثانية من تهييج امريكي لشهية الفوهلر لاكتساح اوروبا شرقا و غربا ، و بعدما تأكدت من استنزاف قوات هتلر و من انهيار الدول الاوروبية تباعا ، تدخلت في الحرب و حسمت الامر لصالحها بعدما أقصت سيطرة البنك المركزي البريطاني في التعاملات و التبادلات التجارية عبر العالم ، و استبدلتها بالدولار من خلال معاهدة بروتون وودز و مشروع مارشال لاعادة بناء اوروبا .
الامر ذاته يحصل اليوم و المستهدف عملة اليورو و تفكيك المنظومة الاوروبية في نموذجها الحالي و اعادة صياغتها بما يتناسب مع المصالح الامريكية ( تبعية مطلقة للاقتصاد الاوروبي للغاز الصخري الامريكي كنوع من انواع الضغوطات الاقتصادية المفروضة على روسيا لحرمانها من عائدات الغاز) ، بالتالي افقاد اوروبا استقلالية قرارها السياسي بعدما لاحظت امريكا بوادر العزوف الاوروبي عن مجارات السياسة الامريكية في ادارة الازمات الدولية ، اصبح بحكم ما تمليه المصالح الامريكية الهدف المنشود لاعادة تموضعها و تموقعها في مسرح الاحداث الدولية .
و على ضوء هذه التوترات الجهوية و ما تولد عنها من ازمة طاقة و غذاء….، و انهيار اقتصاديات دول غربية منافسة و مشاكسة لسياسات امبراطورية مورغان ( المانيا.اسبانيا.فرنسا مثال) ، برزت على مسرح الاحداث بوادر تأزيم المؤزم بالضفة الجنوبية للابيض المتوسط و بالخصوص شمال غرب افريقيا بما يشمل دول الساحل و الصحراء ، و اخص بالذكر الانقلاب العسكري ببوركينافاصو و استيلاء الجيش على السلطة ، و ما ترمز له العملية من اضعاف للدور الفرنسي بالمنطقة و عبره الاوروبي في شموليته ، من زاوية صراع النفوذ المحتدم و التنافس المحموم على افريقيا القارة الواعدة ، بين كل من الصين و روسيا و تركيا و اليابان و امريكا .
كما تجدر الاشارة ايضا الى المستجدات الطارئة بكل من دولة مالي و النيجر و موريتانيا و علاقات هذه الدول بالجزائر و مواقفها مجتمعة من قضية الصحراء….، و ما وصلته علاقات هذه الدول مع بعضها البعض من تطور و تثمين تقوية لشراكات اقتصادية شملت عدة مجالات حيوية ، من قبيل الشروع في مد انابيب نقل الغاز عبر الجزائر بعد الاكتشافات الطاقية بكل من موريتانيا و دولة مالي و النيجر ، فضلا عن ربط الانبوب النيجيري بالانبوب الجزائري نحو ايطاليا ، بالتالي اصبح من الملحوظ مدى الخطورة التي تمثلها مواقف هذه الدول على المصالح المغربية و بالاخص ما له علاقة بمعظلة الصحراء …كيف ذلك ؟ .
ربط هذه الدول مجتمعة بانابيب الطاقة مع الجزائر هو بمثابة حصار فرض على المغرب ، بقدر ما هو في نفس الوقت اجهاض لمشروع الغاز النيجيري المغربي نحو اوروبا ، ما يعزز فرضية الحصار ، الاتفاقية الموريتانية الجزائرية للصيد البحري و تمكين الاخيرة من اطلالة على الاطلسي و ما واكبها من نشر بوارج حربية لحماية سفن الصيد البحري ، ناهيك عن مشاريع طرقية جمعت بين هذه الدول و الجزائر كلبنة اولى لمشروع طريق الحرير الصيني و الطريق السيار العابر للصحراء في اتجاه العمق الافريقي .
لكن الاخطر ما في الأمر ما جاء على لسان ما يسمى بوزير داخلية الجمهورية الصحراوية عمر منصور ، بمناسبة زيارته الاخيرة و استقباله من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني بالقصر الرئاسي بنواكشوط ، تصريحه لوسائل الاعلام الموريتانية و في اللقاءات التي عقدها مع الفاعلين السياسيين بالجارة الجنوبية ، تصريح اخطار بدخول حرب الصحراء منعطفا جديدا لم تشهده من قبل ، حيث اعلن عن قرب استعمال الجيش الصحراوي بحسب قوله لدرونات و مسيرات في الحرب الدائرة مع المغرب .
بالتالي على الجانب المغربي ان يتوقع في المستقبل المنظور ، عمليات استهداف نوعية للعمق الصحراوي غرب الجدار ، و هي اشارة لبنك اهداف يشمل مواقع حيوية و حساسة دون الاتيان على ذكرها ، لكنها تبقى اشارة واضحة الى مراكز القيادة او الثكنات العسكرية او القواعد الجوية من حيث تنطلق الدرونات المغربية ، و الهدف ايقاع اكبر عدد ممكن من الاصابات في صفوف القوات المسلحة الملكية ، و ما سوف يواكبها من تغطية اعلامية في محاولة لاجبار المغرب على الاعتراف بحرب الصحراء الثانية، كما من المتوقع ان تشمل اهدافا اقتصادية من قبيل الحزام الناقل لفوسبوكراع او مينائي العيون و الداخلة مع الحرص على عدم استهداف المدنيين .
بتقديري تلويحه هذا بقرب استعمال المسيرات في الحرب او المناوشات العسكرية بالصحراء ، بقدر ما هو متوقع و مرتقب حدوثه بدعم تسليحي من دول افريقية ( جنوب افريقيا/الجزائر مثال) ، بقدر ما هو مزيد من الضغوط بما فيها النفسية على الجانب المغربي ، اسوة بالضغوط المختلفة التي مارسها الاتحاد الاوروبي من خلال تصريحات جوزيف بوريل ، او الحكم الاخير للمحكمة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب ….، او القمة الاورومتوسطية التي اجلت لتاريخ لاحق و استعراضها للقضية الصحراوية بمبادرة فرنسية ….
بالتالي حجم هذه الضغوط قد يشكل مقدمة لارغام المغرب على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع البوليساريو باشراف اممي ، من اجل حل سياسي عملي واقعي و دائم يرضي الطرفين وفق ميثاق الامم المتحدة و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة ، بخاصة القرارين 1514/1541 لسنة 85 و القرار 690 لسنة 91 و الذي تم بموجبه ابرام اتفاق وقف اطلاق النار ، و موافقة طرفي النزاع على اجراء استفتاء برعاية اممية( مقاربة المبعوث الشخصي للامين العام الاممي الايطالي ديميستورا بحسب المسرب من تقريره الاخير الذي سيطلع عليه اعضاء مجلس الامن الدولي شهر اكتوبر الجاري ) .
حصار المغرب اليوم و محاولات عزله عن محيطه الاقليمي و الجهوي اصبح حقيقة لا غبار عليها ، و واهم متوهم من يعتقد غير هذا ، و حالم هائم من يتتبع صدى المواقع بدل النظر الى مستجدات الواقع ، و الحقيقة المرة فشل الديبلوماسية المغربية في الحد من حجم الضغوط و الاكتفاء بردود الافعال بدل المبادرة بالفعل ، و خير دليل احجام الديبلوماسية المغربية على الرد في مواجهة الخطوة التي اقدمت عليها مؤخرا موريتانيا ، و ما تولد عنها من تصعيد و الاعلان عن قرب الانتقال الى عمليات نوعية تطال العمق الصحراوي غرب الجدار ، تهديدات خطيرة من فوق اراضي دولة جارة تدعي الحياد الايجابي ، فعن اي حياد نتحدث؟ .

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *