بقلم ابو أيوب
اليوم يسدل الستار معلنا عن نهاية شهر العسل بين اسبانيا و جارها الجنوبي المغرب ، علاقات ثنائية متذبذبة غير واضحة المعالم عنوانها الابرز ، عدم الوفاء بالوعود و التراجع عن المواقف المعلنة ، في مجموع القضايا ذات الاهتمام المشترك و على رأسها قضية الصحراء….
منذ مدة ليست بالقصيرة و اسبانيا ترسل الاشارات المستفزة للجانب المغربي ، هذا الأخير لا زال وفيا لمقولة العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني بمناسبة انطلاق المسيرة الخضراء سنة 75 ، يومها رحمة الله عليه قال قولته الشهيرة التي وجهها للمشاركين في المسيرة (…اذا صفعك الاسباني على خدك الايمن فأدر له الايسر و اقتسم معه قوت يومك …).
أولى الاشارات كانت بمناسبة طلب المغرب اسبانيا باجراء مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين البلدين ، خاصة المياه الاقليمية بالصحراء قبالة ارخبيل جزر الكناري …طلب رفضته الحكومة الاسبانية بذريعة ان الامر يدخل ضمن اختصاص الحكومة المستقلة للأرخبيل، هذه الأخيرة رفضت الخطوة معتبرة بأن لا حدود بحرية تجمعها مع المغرب ، مؤكدة في نفس الوقت ان حدودها البحرية مع الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب و جبهة البوليساريو .
اما الثانية فكانت صفعة مدوية في جبين الديبلوماسية المغربية …في ندوة صحفية عقب انتهاء زيارته للمغرب بمناسبة حفل الافطار الرمضاني الذي جمعه بالعاهل المغربي محمد السادس ….تجرأ بيدرو سانشيز من داخل القصر الملكي العامر بالرباط و رد على سؤال وجه له حول سبتة و مليلية…لا نقاش حول المدينتين الاسبانيتين اللتين تعتبران الحدود الجنوبية لاوروبا…اي بما معناه بمفهومي أن سبتة و مليلية في اسبانيتهما و اسبانيا في سبتتها و مليليتها …بعدها ساد صمت القبور و لم يكن هناك اي رد رسمي و لو محتشم من الجانب المغربي …
فيما الثالثة و الأكثر استفزازا طرأت منذ ايام قلاقل ….بيان رسمي لوزارة الشؤون الخارجية و الاوروبية و التعاون الدولي الاسبانية ، عبرت من خلاله الوزارة عن رفض اسبانيا التنازل للمغرب عن ادارة المجال الجوي للصحراء الغربية ، التزاما ببنود اتفاقية مدريد الثلاثية بين اسبانيا.المغرب.موريتانيا لسنة 75 ، بالتالي و بموجب الاتفاقية تبقى اسبانيا هي المتحكمة في الاجواء و هي من لها الحق في اصدار تراخيص العبور و جني عائداته ، كما لو ان الأمر يتعلق بالاجواء الاسبانية ، و هذا وحده كفيل بطرح اكثر من علامة استفهام حول موضوع السادة المغربية على الصحراء !
في نسخته الرابعة يستمر الابتزاز و الاستفزاز الاسباني للمغرب ، لكنه هذه المرة تجسد بلوك مغاير و اكثر تعبيرا ، استفزاز بلوك عسكري لم يسبق له مثيل في تاريخ البلدين …استفزاز فاق بكثير ما حصل بجزيرة ليلى سنة 2002 ايام حكم اليميني خوصي ماريا ازنار ( الانزال العسكري الاسباني بالجزيرة و أسر عدد من الجنود المغاربة ) ، كيف ذلك ؟
اليوم يبدو ان بيدرو سانشيز تراجع عن موقفه الداعم للمقترح المغربي بالصحراء …ففي تصريح له بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح… وجهه للقوات العسكرية الاسبانية المنتشرة بالخارج ( أمريكا اللاثينية.افريقيا.اسيا.اوروبا الشرقية) ، قوات يبلغ تعدادها عشرة آلاف و سبعمائة و احدى و ثمانون جندي اسباني ..اختياره للمناسبة حمال رسالة عسكرية …
رسالة بقدر ما تعتبر تعزيزا لرفضه التنازل للمغرب عن ادارة الاجواء بالصحراء و لترسيم الحدود البحرية معه ، بقدر ما هو انقلاب ب 360 درجة عن موقفه الداعم للمغرب …هذا ما بدا واضحا جليا لا لبس فيه و غير قابل للتأويل ، ظهوره و هو يلقي خطاب التهنئة للقوات الاسبانية المنتشرة بالخارج ، و في الخلفية خريطة العالم و من بينها خريطة المغرب مبثورة من الصحراء !
الخطاب جاء بمناسبة عيد ميلاد النبي عيسى بن مريم صلوات الله عليه و سلام …و هنا بالضبط أود التمثل بما قاله المسيح نفسه ” اذا صفعت على خذك الايمن لا تدر الايسر ” ، كما أود كذلك التمثل بما جاء على لسان الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عليه و ارضاه ” جبان من استغضب و لم يغضب ” ، فأين نحن مما قاله المسيح و ما نطق به الامام علي بن ابي طالب رضوان الله عليه؟ و هل مقولة الصفع على الايمن و ادارة الأيسر لم تفقد بعد صلاحيتها ، او لم يحن بعد أوان التخلي عنها أو استبدالها في زمن توالي الصفعات ..