أعده للنشر ذ: عبد الرحيم بن بوشعيب مفكير.
أثبت الداعية محمد موسى الشريف في كتابه الذي عنونه بعجز الثقات ما يلي:
قال تعالى” خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون“
قال الفاروق رضي الله عنه : أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة“قال عليه الصلاة والسلام” اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل..”
قال أبو تمام رحمه الله ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمامفي معنى العجز:
“العجز ترك ما يحب فعله بالتسويف، وهو عام في أمور الدنيا والدين” “وهو نقيض الحزم“
نهدف من خلال هذا المبحث إلى تعريف الثقة ب” من وثق به الناس في دينه وخلقه وعقله وكفاءته لتولي عمل من الأعمال، لأنه بهذه الثقة قد استوفى أهليته.. وفي مجال الدعوة إلى اله تعالى فتعني الأهلية لتولي عمل من أعمال الدعوة إلى الله في أي مرحلة من مراحل الدعوة“
ولا بد للثقة من حيازة الخبرة والكفاءة لتولي عمل من أعمل الدعوة إلى الله، فهذه ابنت شعيب عليه الصلاة والسلام تمدح صفتي الأمانة والقوى ” قالت يآابت استأجره عن خير من استأجرت القوي الأمين” فالقوة والقدرة وصفان ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملا، بإجارة أو غيرها. وقول يوسف عليه السلام” اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم“
تعريف الفعالية: قدرة الإنسان على استعمال وسائله الأولية، واستخراج أقصى ما يمكن أن يستخرج منها من النتائج.
اللافعالية: أن يكون الإنسان عاجزا عن استخراج النتائج التي يمكن أن يحصلها من الوسائل المتاحة له فهذا هو الكل.
بيان الفعالية على مستوى الفرد:
الأفراد يتفاوتون في مقدار فعاليتهم أي في الاستفادة من الوسائل المتاحة. فقد نرى فردان مع أن وسائله وإمكاناته مثل فرد آخر، إلا أن أحدهما نجده متفوقا في الاستفادة من الوسائل المتاحة له: سواء في الاستفادة من وقته، أو ماله بل حتى من قلمه الذي يكتب به، ومن حذائه الذي ينتعله، ومن الحقيبة التي يحملها، سواء كان ذلك في اختيار النموذج الجيد أو طريقة الاستعمال والصيانة، وما إلى ذلك من جوانب متعددة يمكن أن نرى فيها أقل قدر ممكن من التبديد وأكثر قدر من النتائج.
والفعالية واللافعالية كما جاء في الآية الكريمة تعم كل أجزاء الحياة بحيث يصير الإنسان في حالة ” أينما يوجهه لا يأت بخير” كما يصير في حالة أخرى أينما توجهه يأت بخير ويأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم.
فإذا كانت الفعالية – الأمر بالعدل- تعم جميع مظاهر الحياة فهي تظهر في ساعة من الوقت يقضيها الإنسان، وفي آية من القرآن يتعلمها، وفي قطعة من الأرض يستثمرها…..
فالساعة من الوقت بالنسبة للإنسان الفعال لها قيمتها حتى عن الساعة التي يظن أنه لا يمكن استخدامها في شيء، فإن الإنسان الفعال يستخدمها في شيء نافع. فالزمن زمن بالنسبة لكل إنسان. وكذلك بالنسبة للمال ” نعم المال الصالح للمرء الصالح“
والإنسان الكل: تعرفه من خلال قطعة الأرض التي يملكها، والواجبات التي لا ينجزها……
أهمية العمل وترك العجز:
إن العمل على رفعة دين الله والتمكين له في الأرض أمر جليل عظيم، وهو عمل الأنبياء والمرسلين والمصلحين. والعامل إنما يعمل لنفسه كسبا للحسنات ورفعة في الدرجات، والعاجز إنما جنى على نفسه تفريطا في الحسنات ودنوا في الدرجات.
مدى أهمية استغلال العمر:
قصر الزمان المتاح للعمل الصالح: يمضي ثلث العمر في النوم، والثلث في العمل، ويتبقى للإنسان الذي يعيش ستين عاما ثلاثة عشر عاما تقريبا يقضي فيها فرائضه الدينية والدنيوية من زواج، ورعاية وشراب، وطعام، وزيارة أقارب… لهذا كان السلف يقللون ساعات النوم والعمل وقضاء الحاجات حتى يتوفر لهم وقت أكبر ( تعرف على سيرة النووي رحمه الله تعالى، وغيره من الأئمة الأعلام)
عظم تفاوت الدرجات في الجنة:
اقتضى العدل الإلهي ألا يستوي من بذل جهده واستفرغ وسعه في طاعة ربه والعمل على إعلاء دينه مع من قصر في ذلك.” لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أؤلئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير” وقال عليه السلام” إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله ؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام” أخرجه الترمذي
ترك العمل واستمراء العجز قد يؤدي إلى الانسلاخ من الثبات والعياذ بالله:
العاجز إن استمرأ عجزه وزين له حاله وما هو عليه من الراحة وترك المعالي، والسعي إليها قد ينسى المعاني العلية وتمحى من ذاكرته لعد أن فقدتها أعضاؤه وجوارحه.
مظاهر العجز:
ترك الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
انكفاء على النفس واهتمام بالأولاد، والأهل، ومطالب الحياة المادية، يذهبون إلى أعمالهم بنشاط وجدن لكن لا يدعون رفيق عمل ضل، ولا صالح مل، والناس متعطشون لمواعظهم ونصحهم ودعوتهم، فانظر إلى سيرة الحبيب وكيف اختار الدعوة وظيفة حياة…
تشوش الإنفاق: لا إيمان بلا إنفاق، ولا وجود للبخل والشح في ديننا، ولا مكان لغير المنفقين في سبيل الله. فدعوة التغيير في حاجة إلى مال وكسب طيب، بدءا بالعيال، وانتهاء بالمحتاج الفقير، ومن يعال، فانظر حفظك الله على تجارة عثمان مع مولاه قال للخارجين عليه، يوم أرادوا قتله” أنشدكم الله: أتعلمون أن رسول الله عليه السلام قدم المدينة وليس فيها ماء عذب غير بئر رومة فقال:من يشتريها فيكون دلوه كدلاء المسلمين، وله في الجنة خير منها؟ فاشتريتها، وأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب الماء المالح؟ قالوا اللهم نعم. فقال: أنشدكم الله والإسلام: هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمك من يشتري بقعة بخير له منها في الجنة فاشتريتها وزدتها في المسجد وأنتم تمنعوني اليوم أن اصلي فيها؟ قالوا اللهم نعم.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: اشترى عثمان من رسول الله الجنة مرتين: يوم رومة، ويوم جيش العسرة.
قال عثمان: ولا مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة إلا أن لا يكون عندي فأعتقها بعد ذلك.
إنه جيش غزوة تبوك، وسمي بذلك لعسرة نفقته ووقته، غذ كان في الحر الشديد، فأتى بمال عظيمة هائلة جعلت النبي عليه السلام يقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم.
وجهز عيرا للشام، مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، فتصدق بهان ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجر الحبيب، ثم تصدق وتصدق، حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعير ومائة فرس سوى النقود.
وكذلك عبد الرحمن بن عوف جاء بمائة أوقية فضة، وجاء أبو بكر بماله كله، وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس بمال كثير، وعاصم بن عدي وتتابع الناس، وجاء أبو عقيل بنصف صاع، آخر بأكثر منه، فقال المنافقون إن الله لغني عن الصدقة فنزلت: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم“
المواهب غير المستغلة.
تشوش الأولويات: لا تشتغل بأولاد واهلك عن دعوة الله ولا بالدعوة عن الأهل، وإنما وسطية في كل هذا، ولا بالمسجد والنوافل عن أعمال أخرى جليلة، ولكن نوافل واغتنام للأسحار، وذكر ودعوة، وعلم وتعلم….
طعن الثقة في إخوانه الثقات: لاتهتم بعيوب عن عيبك، ولا ترم الناس بما تعلم ولا تعلم، إلا أن تحذر من مفسد لدين الله، وتأدب بآداب النصيحة، واتهم نفسك قبل غيرك قال الإمام الذهبي: كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية لا يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى…. والعاقل خصم لنفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة.. وعلى كل حال فالجهال تكلموا في خيار الصحابة…”
ضعف الثقافة: قالوا: تعلم شيئا عن كل شئ لتكون مثقفا، وتعلم كل شئ عن شئ لتكون عالما“
ضياع الأوقات: قال ابن عقيل الحنبلي: واصفا أهمية استثمار الوقت: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح“
تفاهة الأهداف.
خلف الوعد: آية المنافق ثلاث: الحديث…..
عدم ضبط الأهل
أسباب العجز:
التواضع الكاذب : شخص منكفئ لا يتحمل مسؤولية ولا يرغب في عمل أو كثرة فقه….
التحسس ورهف المشاعر.
الكسل
السآمة.
الانقباض وضيق العطن: قلة الصبر ” المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف“
اليأس.
الخوف.
الغموض.
التردد.
علاج العجز
علاج للعجز عامة:
القراءة المستمرة في كتب التراجم.
الزيارة لأهل الصلاح أولي الهمم العالية.
فهم مهمة الإنسان في الحياة الدنيا.
العزيمة والإصرار على مجاوزة العجز.
وضع هدف سام يحاول الوصول إليه دائما.
علاج عجز مخصوص:
أ- العجز الإيماني علاجه:
1- المحافظة على أداء الفرائض.
2- المبادرة إلى عبادات هي في وسع كثير من الثقات: صيام التطوع – الذكر- الصدقة- وسائل متنوعة.
ب: العجز الثقافي:علاجه:
1- حفظ القرآن الكريم
2- حفظ عدد من الأحاديث.
3- إلزام النفس بالقراءة.
4- سماع الإذاعات
5- سماع الأشرطة.
العجز الدعوي: علاجه:
1- فهم أن الدعوة واجبة.
2- معرفة تاريخ العاجزين.
3- إحياء روح الجدية في النفس.
العجز النفسي وعلاجه:
معرفة أن العجز النفسي عاهة يجب التخلص منها، وليس أمرا فطريا على الدوام.
التدرب على الجرأة ومخالطة الناس، وإقحام النفس في مكروهاتها حتى تستسيغها وتألفها، وغشيان مجالس الناس والتحدث إليهم، ويجب التدرج في ذلك كله حتى لا يحبط المرء.