الخميس. نوفمبر 21st, 2024

مزايدات ابن كيران التي لا تنتهي!

اسماعيل الحلوتي 

      مرة أخرى ولا نظنها الأخيرة يعود عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لما عودنا عليه من ترهات، وذلك من خلال ما جاء على لسانه في اللقاء الذي جمعه يوم السبت 12 أكتوبر 2024 بنواب حزبه، ليس بسبب اقتراح زوجته التي دعته إلى الاعتصام أمام البرلمان، احتجاجا على ما يتعرض له أهل غزة من تجويع لا يجوز ممارسته حتى في حق الحيوان، ولا بسبب مهاجمة الحكومة واتهام رئيسها أخنوش بسرقة أموال الأرامل عبر حرمانهن من الدعم الاجتماعي المباشر (500 درهم شهريا) الذي سبق لهن الاستفادة منه، ومطالبته بإعادته لهن فورا، بل بسبب ما قال حول استعانة الحكومة بالقروض الخارجية في التسيير.

      وبما أن ابن كيران يعتبر واحدا من الأشخاص الذين يعتدون بأنفسهم ويستهويهم أن تسلط الأضواء عليهم في خرجاتهم الإعلامية مهما كانت تافهة ومستفزة لمشاعر خصومه السياسيين وحتى المواطنين العاديين، لدرجة فقد معه حزبه بريقه وتراجعت شعبيته بنسبة كبيرة كما أثبتت ذلك انتخابات شتنبر 2021، فإن ما أثار استغراب عديد الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن العام، هو أن يعتبر لجوء الحكومة إلى الاستدانة من المؤسسات المالية الخارجية جريمة في حق الوطن والمواطنين.

     إذ كيف يسمح لنفسه بهكذا مزيدات سياسوية من سبق له ليس فقط الإجهاز على أهم المكتسبات الاجتماعية وضرب القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، بل وإغراق ميزانية الدولة في مستنقع المديونية الخارجية إبان توليه قيادة حكومة ما بعد دستور فاتح يوليوز 2011 ومرحلة ما أطلق عليه “الربيع العربي”؟ ثم ألم يسبق للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات ادريس جطو أن دق ناقوس الخطر، محذرا من الارتفاع الصارخ للمديونية الخارجية التي بلغت أرقاما قياسية غير مسبوقة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة من ولاية حكومة ابن كيران؟

      فبرسم سنة 2014 خلال منتصف الولاية التشريعية لحكومة “العدل والتنمية” رسم التقرير السنوي لقضاة المجلس الأعلى للحسابات صورة أكثر قتامة من ذي قبل عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، مسجلا حينها تراجع معدل النمو وارتفاع المديونية الخارجية إلى أبعد الحدود متجاوزة كل الخطوط الحمراء. إذ أنه مقارنة مع السنوات الماضية تم تسجيل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع عجز الميزانية إثر انتهاج الحكومة سياسة التقشف عبر تقليص نفقات صندوق المقاصة، التي كانت تستهدف دعم المواد الاستهلاكية الأساسية.

      نحن هنا لا ندافع على حكومة أخنوش أو غيرها من الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة التناوب بقيادة الاتحادي الراحل عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان مثالا يقتدى به في الرصانة والنزاهة والاستقامة، وترك بصمات خالدة وعميقة في تاريخ المغرب على عدة مستويات سياسية ونضالية وحقوقية وإعلامية، واضعا المغرب على سكة البناء الديمقراطي بقناعات وطنية راسخة. بيد أننا نرفض بشكل قاطع التمادي في المزايدات السياسوية الفارغة بين الفاعلين السياسيين، وخاصة أولئك الذين سبق لهم تحمل مسؤولية تدبير الشأن العام للبلاد.

      لأنه من غير المقبول أن يعتبر رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله ابن كيران الاستعانة بالديون الخارجية جريمة في حق الوطن والأجيال الصاعدة، وهو الذي سبق له تدشين ولاية حكومته بإغراق البلاد في الديون وجاء خلفه سعد الدين العثماني ليكرس الأمر، مما أوشك أن يؤدي بالاقتصاد الوطني إلى الكارثة الكبرى. ففي عهد حكومة ابن كيران ارتفعت المديونية الخارجية بأكثر من عشرة ملايير الدولارات، حيث أنها وحسب المعطيات الرسمية انتقلت في أقل من خمس سنوات من 22,04 مليار دولار في نهاية 2011 إلى ما يقارب 32 مليار دولار عند نهاية شهر مارس 2016. وهكذا نجد أن المديونية العمومية الخارجية للمغرب بلغت 25,22 مليار درهم خلال سنة 2012، وما يزيد عن 28,_ مليار درهم في 2013، لتنتقل إلى 30,72 مليار درهم سنة 2014، وتقفز بعد ذلك إلى 32,08 مليار درهم في نهاية شهر مارس 2016.

     وإذا كان ابن كيران الذي يدعي الاستقامة والصدق والالتزام بالمبادئ والقيم، لم ينفك يزايد على من سبقوه ومن جاؤوا بعده ومنهم خلفه رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لذات الحزب الإسلامي سعد الدين العثماني، يتهم رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش بسرقة أموال الأرامل، ويعتبر الاستدانة الخارجية جريمة، فإن المغاربة يؤكدون أنه أجرم في حقهم، عندما قرر تحرير المحروقات وما ترتب عنه من  إضرار بالقدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وفتح الطريق أمام لوبيات النفط  للاغتناء السريع والكسب غير المشروع من الأرباح الفاحشة في المحروقات  منذ سنة 2016 إلى غاية سنة 2023، فضلا عن الإجهاز على التقاعد والإضراب والتوظيف في القطاع العام، والقبول بتتويج نهاية مهامه الحكومية بمعاش استثنائي قدره 70 ألف درهم شهريا من أموال الشعب.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *