بقلم: سعيد أوعبو
يتموضَعُ العمل السّردي “مذكرات امرأة غير واقعيّة”، للرّوائيّة الفلسطينيّة سحر خليفة (الصادر عن دار الآداب، 2016)، في ميدان التّمثيل المؤسّس للتّجارب النّسائيّة العربيّة التي تستمدّ مرجعيّتَهَا من الأصوات التي تنطَوِي على خطاباتِ القهرِ الأنثويِّ إبّان أربعينيّات القرن الماضي وما قبلها، والتي تَتَمثّلُ أيضًا في تلك الأزمات الذّكورية المتفشّية في المجتمعات ذاتِ الهندسَة الثّقافيَّة المنحازة للذّكر بعيدًا عن الكفاءة والعمل والأخلاق، وقريبًا من الجُنوسة التي تَنْظُر إلى النّوع البشريِّ من زاويةٍ أيديولوجيّة ثقافيّة محضة. ونخالُ أنّ هذا النّمط من الرّؤية يشكِّلُ عنصرًا من الاستراتيجيّة المُمكِّنة لمحاصرة الأنثى، وجزءًا من الأنساقِ الفارضةِ لمنطقِ الهيمنة والتَّهميش الرّاميين إلى استعبادها. وقد جاء التَّمثيل الرّوائي لإعادة صوغِ هاته الإشكالات، ورسم التّجاذُبَات التي تَتَرسَّبُ للهويَّة الجسديّة الأنثويّة بالتّحديد، وتعيد خلقها، بل وَتبنِي من خلالها تصَّوّرات بديلة بالسّرد تأمُل إثْرها الأنثى الانعتاق من أكبال التَّقييد الذّكوري.
سيظهر الوعي بمفارقة الإخضاع والقهر المُمَارَسَيْنِ على الأنثى عبر استلهام تجربَة المكنونَات الدّاخليّة، واختراق بطانتها من خلال إعادة تشكيلِ التّبعات النّفسيّة والاجتماعيّة والهويّاتيّة للأفعال على الذّات، ولعلّ امتلاك الصّوت السّردي، وتبئير الذّات الأنثويّة على امتداد أطوار السّرد، يتغيّا تتبّع تفاصيلهَا الحياتيّة بمُستَهَلّ الصّبا وصولًا إلى مرحلة الزّواج، والتّعريج على أشكال الاضطهاد والعنف النّفسي الذي يُمارس على الأنثى، وعلى كينونتها، ما يُضيّق من أفقها الهويّاتي بجملة من الطّقوس التي لا تنفكُّ على محاصرتها، بل وتَجسُر لها الإحساس بمشاعر الدّونيّة في مقابل تعظيم الذّكر.
نحسب أنّ هذا الخطاب سيضطلع بتفكيك بنية النّسق الذّكوريِّ المُسيطر في الثّقافة الفلسطينيّة في سياق تاريخيّ إمبرياليّ، ويذهب التّمثيل السّردي لاختراق بعض تمظهُرات الهيمنة والانحياز، وإقامة اختلافٍ مفترض يبتعد كلّ البعد عن الاختلاف الطّبيعي، ويهتدي إلى الاختلاف الثّقافي المُؤَدلَج والمغرض الذي يَحكُمُ على عدم أهليّة الأنثى بشكلٍ مُختلَقٍ يُعمِّقُ في كيانِها قيم العار في الانتماء للأُسَرِ والمكان بتواترِ أسئلةِ التَّهميش والإقصاء.
إذن، ما هي حدود تمثيل هاته الأسئلة المقلقة بالنّسبة للسّرد النّسوي/ النّسائيّ؟ وهل استطاع السّرد تقديم بدائل تنويريّة تتجاوز تضييق الأفق وفعل الإساءة بالنّسبة للأنثى؟
أولًا: الانحياز الذّكوري
يُعزى الانحياز للذّكر (Sexism)(1) إلى “الافتراض القائل بأنّ الرّجل له سلطان على المرأة”(2)، وذلك في جلّ مجالات الحياةِ. ولقد تعاظمتْ صور الإهانة المرتبطَةِ بالأنثى وفق هذا الافتراض في المجتمعات التّقليديّة التي تُبْنَى أوتادها على الإيمان المتناقض بقاعدة متناقضة تفرق بين الإنسان والإنسان، صنوًا بالتّجربة العربيَّة التي تبني أفقها على استعادة المقولات الخرافيّة، وإحلال التَّقليد، بحيث تأبى إلّا أن تفصل بين الأنثى والذّكر من واجهة النّوع الذي يفضي إلى الانحياز للنّوع البشريّ الذكوريّ، ممّا يُسرِّب للأنثى مشاعر تضجّ بالدّونيّة والازدراء، وقد جاءت «عفاف» الشّخصية المركزيّة في السّرد من أجل البوح بالأحاسيس الملازمة للأنثى في مجتمعات تقليديّةٍ تحاصر بجلاء الكينونة الأنثوية، في سعيٍ حثيثٍ لطمس عوالمها ووجودها في العالم، ونسجّل قولها في وصف تجربة الحصار: “واحدة من قطيع بنات غير مرغوب فيهنّ”(3)، إنّ التّضمين يخفي كثيرًا من المعاني التي أنتجتها العقليّة المنتقصة من وجود الأنثى في الأُسَرِ، كطرفٍ مقموعٍ غير مرغوب فيه، إلى جانب طرف مضمر في البنية النّصية يحوز الأهميّة والحُظوة. ولعلّ المجازات المتّصلة بالقطيع تتوسّطها قرينة الاقتياد والتّحكم الملازمة لهاته الجماعة المجازيّة(4) ـ القطيع ـ التي تُلائم حسب النّعت الوضعيّة الأنثويّة. ولا شكّ أنّ من خلف هاته الجماعة سند يُمكّنها من ضمان تبلورها، ويُشكّل لها بالأحرى سبيلًا لحِفْظِ كيانِها من الاندثار والتّلاشي. بيد أنّ هاته التّفاصيل تقزّم وجود الأنثى ما دامت مشخّصاتها ترتبط بالآخر من جهة، ومن جهة أخرى ينذر التّمثيل باعتبارها كائنا منبوذًا في إطار المقارنة مع الذّكر، خصوصًا في مجازات اللّغة التي تنقُلُ ما يشعُر به الإنسان، ولعلّ الإنسان لا يُحقِّق فرادتَه وانتماءه لذاته إلّا بهواجسه ومشاعره الظّاهرة والمضمرة، سيما أنّ صفات العدميّة التي تتسرّب للإنسان من شأنها إلغاء وجوديّته، أمّا الإساءة البارزة فتكمن أساسًا في تعميق الانحيازِ للذّكر الذي يستطيع تأمين واقعه ومشاعره، من دون تدخّل الآخر، في مقابل الحاجة الأنثويّة التي ألصقتها المجتمعات الذّكورية للأنثى بمخيالٍ جمعيّ تعاقد على أنّ إدراك الأنثى لوجودها، وتحقيق لذاتها، لا يأتي إلّا بوجود طرفٍ يؤمِّن لها تبلورها الشّخصي، وهذا ما يعبّر بجلاء عن قيم الانتقاص والإقصاء، وتصلُ مستويات الانحياز إلى تبنّي جملة من العادات (المؤلّهة) للذّكر، ما يتجسّد في ما تُعبأ به التّقاليد نظير إنجابِه. ونشير، هنا، إلى ما ترصده السّاردة في عادةِ “تلقّف البول بالأكفّ الصغيرة، ومسح الرؤوس بها، على اعتبار أنّها ماء الكولونيا”(5).
“جاءت “عفاف” الشّخصية المركزيّة في السّرد من أجل البوح بالأحاسيس الملازمة للأنثى في مجتمعات تقليديّةٍ تحاصر بجلاء الكينونة الأنثوية، في سعيٍ حثيثٍ لطمس عوالمها ووجودها في العالم”
يتشكّل الانحياز في الثَّقافَات العربيّة الكلاسيكيّة التي تؤمن بنظرة التّقليد بجملة من الممارسات التي تبدأ من الفترات الأولى في الحياة التي تستعبد وتلغي الأنثى، وتبجّل الذّكر. وحسب (عبدالله إبراهيم)، فالشّأن هو “تحيّز اعتباريّ وواقعيّ فرضته ظروف اجتماعيّة وضعت المرأة في مقام أدنى من مقام الرّجل”(6)، وهذا المعطى نترصّده فعليًّا في ما ينْسُجه المجتمع التقليديّ على منوال هذا (التأليه) الذّكوري، والاحتفاء به صنوًا لأهمّيته في الوجود مقارنة بالأنثى التي ما يفتأ المجتمع بتسخيرها، وتجريدها من مكانتها الطّبيعيّة. نتوقّف عند قول الساردة في صور هذا الانحياز: “الولد صح، وأنا بنت، البنت غلط. وللبول الكولونيا قصّة رائعة أروع من كلّ القصص. جاء الولد، وامتلأت الدّار بالزّغاريد والشّموع وملبّس الأفراح وتفريق العملة على الأطفال والفقراء وشيوخ الموالد والزبّالين والمسحرين وصبية القرآن والكوّاء ورؤوس المارّة في الشّارع”(7). تُعد هذه الانتقائيّة القصديّة في الاحتفاء والتّمجيد إثر إحلال الذّكر في الأسر أحد الأسباب التي تعمّق هوّة الدّونية بالنّسبة للأنثى، وتوسّع فجوة الانحياز لطرفٍ دون آخر، ما من شأنه ضرب قاعدة المُطَابَقَة بين الأنواع البشريّة في الواجب الموحّد تجاهها، خصوصًا في ظلّ إشهارٍ مبالغ لحيازة الذّكر في مقابل حجب الأنثى، كنظيرٍ للعارّ، ما يستدعي إخفاءها قدر الإمكان، وهذا المساق بالذّات يفجّر الاختلاف الذي يؤمن بالنّوع بصبغة ركّبتها المجتمعات بشكلٍ ثقافيّ لا ينطوي على مسوغات عدا تلك التي يختارها الذّكر، خدمة لسيادة الذّكورة، وتسريب مشاعر التبخيس للأنثى، أملًا في استمرار العلائق القائمة على طرفيْ التّابع والمتبوع.
ثانيًا: تنكّر الأنثى لأدوار الأنثى
يتغيّا السّرد النّسوي إبانة الوضعيّة المُقلِقَة للمرأة في ما يتّصل بواقعها الاجتماعيّ، باعتبار أنّ السّرد النّسوي يتشكّل بوصفه تمثيلًا لعالم الأنثى الذي يرصد كمونها وهواجسها الدّاخليّة. ولعلّ الوقوف عند سؤال الجسد الأنثوي من شأنه استكناه الرّؤية المتداولة في علاقة الأنثى بالجسد، من خلال ما تعانيه الأنثى من نظرة تقزيميّة منمّطة ثقافيًّا، تفرّغ في طيّاتها هذا الهوس بالانعتاق من هاته الأطر النّاظمة والصّعبة التي تؤطر وجودها في المجتمعات المتخلّفة، والتي تبدأ بمستهلّ التّمايزات النّوعية التّقليديّة بين أنثى مقيّدة الحرية ومغمطة الحق، وبين ذكرٍ مطلق الحرية وباذل الحق، وكلّ ذلك بما تفرخّه الهندسة الثقافيّة الكلاسيكية والتنميط الاجتماعي “الذي حجز المرأة في موقعٍ دونيّ مقارنة بموقع الرّجل في الأدوار والوظائف والمسؤوليات، فقط لأنّها امرأة”(8).
“الاحتفاء والتّمجيد إثر إحلال الذّكر في الأسر أحد الأسباب التي تعمّق هوّة الدّونية بالنّسبة للأنثى، وتوسّع فجوة الانحياز لطرفٍ دون آخر”
ونتوقّف عند طبيعة المحاولة للنّفر من واقع أنثوي منحسرٍ ترفضه «عفاف»، وواقع ذكوريّ متصلّب ومتسلط، ولعلّ أطوار إيجاد الذّات مرّ بمراحل في عزّ الاضطراب، يتواتر وفق الآتي:
1 ـ تخنّث النّوع:
لن نكتفي بالنّظر إلى اقتراف خطأ طمس الهويّة الأنثويّة، والبحث عن انتداب هويّة الذّكر، بقدر ما يهمنا رصد شواغل الأنثى في الصّبا، سيما في ظلّ المعاناة الدّاخليّة للانحياز صوب الذّكر في مرحلة لم يكتمِلْ فيها الوعي، ما يؤول إلى السّقوط في موقع الخنثى الهجين بهويّة أنثوية داخلية وهويّة ذكوريّة خارجيّة مزيّفة، ونرصد في قول «عفاف» جرّاء الممارسات التي تلقّفتها وهي تستعيد طفولتها قائلة: “مررت بنزوات غريبة من التفنّن في إلغاء أنوثتي التي فاجأتني مبكّرة، وأمعنت في قمع ملامح الجمال في خلقتي. فأحيانًا أسحب شعري بمحابس الشّعر إلى الخلف بصورة منفّرة حتى أبدو كالقرعاء. وأمشي بخطوات عسكريّة وأنا في طريقي إلى المدرسة حتى لا أصدم بكلمة غزل أسمعها من طالب، أو عتّال، أو عجوز متصاب”(9)، هذا النّسج يومئ إلى رفض التّضاريس الأنثويّة في ظلّ الإِقصاء الذّي ينقله المجتمع التّقليدي المضطَهِد الأنثى، ويعمّقُ فيها مشاعر التنكّر لهويّتها الأنثويّة في غياب التّسليم بالاختلاف الطّبيعي، والسّقوط في خندق انتداب هويّة مموّهَة تضاعف في واقع الأمر إلغاء الأنثى لعالمها وكيانها، ولعلّ الاستناد على المماثلة الذّكوريّة في مرحلةٍ هامّة في حياة الإنسان إنّما يعكس طبيعة النّفور من الوضعيّة اليائسة التي تلازم الإناث، وتُمثّل عادة تعطيرِ البول الذّكوري وتعظيمه طقسًا يوغل في الإناث مشاعر الدّونيّة خصوصًا أنّ أرخصَ ما في الإنسان عامّة، والذّكر خاصة، ذو قيمة بليغة مقارنة بالأنثى، وتصرّح «عفاف» التي تنامت فيها مشاعر الحسرة في تلقّف عادات تصرّ على إقامة الفواصل بين النّوعين قائلةً: “ومن باب العادة، أيضًا، حقدت عليها حقدًا لا يعرف الأناة، أو الهوادة. وشربت مرارتها حتى استقرت في أحشائي، وترسّبت في كريات دمي. فبفضلها فقدت هويّتي وأصبحت خنتة”(10)، والخنثى اجتماع بين الذكورة والأنوثة من جهة السّياقات النّفسيّة، من دون العضوية (Female/ Male)، ويطلق عليها في اللّغة الانجليزية بـ”Feminine/Masculine، وتستخدم للإشارة إلى التّصورات الاجتماعيّة، أو الثّقافيّة أو النّفسية”(11)، وتعكس هاته المرحلة التي تتحكّم فيها السّذاجة والعفوية أيضًا طبيعة الانتقال الذي تنشده الأنثى في سبيل الاعتراف بها في ظلّ تنامي الإلغاء، ويمكن الإشارة إلى أنّ السّقوط في المحاكاة بالنّسبة للأنثى في هذه المرحلة يُنتج مدركين، المدرك الأول هو اتصاله بالعفويّة، وبردّ فعلٍ طبيعيّ للإقصاء في غياب سبُل لفرض الوجود في مرحلة عينيّة بالتّحديد، والمدرك الثاني يمكن النّظر إليه من موقع متعال ينظر إلى الواقع من جهة التّقييم، أي أنّ السّلوك تحديدًا يتغيّا تجريد ما تبقّى من هويّة الأنثى، والسّقوط في التّعارض مع المبدأ الأساسي الذي تنشُده الأنثى، وهو التّمرّد على واقعها، وعن علاقتها بالذّكر في سيادة المجتمعات التقليديّة التي تؤمن بالذكورة بشكل أكبر على أنقاض الأنوثة.
“لعلّ الاستناد على المماثلة الذّكوريّة في مرحلةٍ هامّة في حياة الإنسان إنّما يعكس طبيعة النّفور من الوضعيّة اليائسة التي تلازم الإناث”.
وهنا نتوقّف بغية التّدليل على أنّ التّعمق في إشكالية النّوع من طرف الأنثى من شأنه تدعيم مقولة النّوع الثقافي المحمّل بدلالات مغرضة، سيما أنّ الاختلاف في الطّبيعة البيولوجيّة والعضويّة لا يُبرّر شيئًا، ولا يحقّ الانسلاخ وراءه، خصوصًا أنّ الأدوار المنوطة بالذّكر والأنثى في الحياة “ليست مرتبطة بالاختلافات البيولوجيّة، أو الفيزيولوجيّة، الموجودة في جسد كل منهما، بل بسبب عوامل اجتماعية صنعها البشر أنفسهم”(12)، ممّا يستدعي النّظر في هذه التّمثلات التي تستلها الأنثى بشكل دامغٍ لا تتوارى خلفه لكيلا يعمّق فيها قيم التّهميش.
2. تقليد الذّكر:
تَأَتَّى الوعي بفشل خطوة التّماثل الجسدي فعليًّا بعد مرحلة النّضج، أي بعد الزّواج الذي تمّ فيه مبدئيًا التّنازل عن الأدوار الذّكوريّة المبتدعة في الصّبا، والانخراط في فعل الشّراكة، وتقاسم التّجربة الجسديّة مع الذّكر. ولعلّ الانتقال إلى إعادة تمثيل أدوار الذّكر في خضمِّ المرحلة قد أفضى إلى الفشل أيضًا من جهة انتداب ثقافة الذّكر الاجتماعيَّةِ، خصوصًا أنّ «عفاف» نزعتْ إلى إنفاذ الرّغبة كما ينفذها الرّجل، واستخدام الزّوج بمنطق معاكس تتبادل فيه الوظائف التّقليديّة ذاتها، وتقول في هذا الصّدد: “أتحدّى التّربة، وأتحدّى الرّجل، وأتحدّى الدّاخل والخارج، وأكون كالرّجل تمامًا. جرّبت وقمت بتمثيل الدّور، صالحته وقد كنّا متخاصمين طوال أسابيع، ونجحت في تمثيله، لكنّي لم أنجح في تقمّصه”. وفي موقع آخر، تقول: “قلّدت الحقيقة، لكني لم أحس بها، فازددت إحباطًا آنيًا وممتدًّا”(13). نرصد في هذا معطيات الوعي باستحالة إلغاء الهويّة الأنثويَّة، علاوة على مشاعر التّناقض التي تجدها الأنثى في المحاكاة التي ترفض عمقها ومحتوَاهَا. ويُعزى هذا الفشل في التّنكّر في الأساس إلى بحث الأنثى عن سبُل لا تُسقطها في إنكار هويّتها، ولا تتماهى فيها مع هويّة الذّكر، ما أسهم في اندثار التّجربة بشكلٍ سريع، وقد أكّد (عبدالله إبراهيم) أنّه “لا هوية لامرأة تريد تأكيد ذاتها بمماثلة الرّجل، ولا كينونة لأنثى تتوهّم مشابهة الذّكر، فالتّمييز يحقّقه الاختلاف والاتّصال بالطّباع الأصلية، وليس تحريفها. ويحصل ذلك بإغناء الذّات وإثرائها، وليس باختزالها إلى مثيل”(14)، وهو ما استجابتْ له الشّخصيّة المركزيّة في سيرورة البحث عن وجودها وهويّتها المفقودة.
3. استيهام الهويّة الحيوانيّة:
القهْر دفع الأنثى إلى البحث عن هويات جديدة تستمدّها ممّا يحيطُ بها، وقد أورد (محمد بوعزّة) أنّ ضروب العنف الأبستيمولوجيّ والتّاريخي والتّهميش الاجتماعي ما فتئت تدفع بالأنثى إلى “البحث عن هويّة بديلة، متحرّرة من سلطة أشكال التّمثيل الذّكوري المهيمنة”(15). وقد شكّل النّموذج الحيوانيّ، بعد أشكال الاضطهاد الذي يزعزع كينونتها، ملاذًا تحكمه الاستيهامات الدّاخليّة، سعيًا إلى الخروجِ من بوتقة الواقع الذكوريّ الفارض للمقاصد. ولعلّ فرط الحاجة إلى بدائل هويّاتة ذاتيّة، وتمدّد التّوق إلى التّحرّر من الحبس والاستغلال الذّكوري كلّما اشتدّ أفق القسر والقهر، أودى إلى التَّقرّب من سكنات وحركات القطّة لاستلهامِ سلوكها الغريزيّ، ممّا جعلها تتوهّم إمكانية التّماهي معها عبر تخييلٍ (يوتوبي) ترسمُ فيه عوالم تجسّد الرّغبة الجامحة للتّحرّر ومحاكاة السلوك الجنسيّ للهرّة «عنبر» في علاقتها بالقطط. وتظهر هاته الاستيهامات في قول السّاردة، وهي تتماهي مع قطّتها «عنبر»: “سأركض وألهو وأمسك بذيلي الحريريّ الطّويل وشعره يموج على الأرض كذيل عروس، وأرقص وأدور وأموء حتى أنشقّ وتنشق الأرض تحتي، وينشق الآخرون غيرة وغضبًا. سأنتقل من قط إلى قط، أغيظ هذا وأغيظ ذاك. يتقاتل القطط عليّ، فأنسلّ من بينهم وأدعهم في شأنهم يتخامشون، وأتهادى وأنا أفتل شاربي بانشراح”(16). التّأمل في هذا المقطع الذي يغرق في الاستيهام الذي ينتدبُ هويّة حيوانيّة بديلة في الحياة الجنسيّة، تلك التي يُرجّح فيها التّفرّد بالحريّة، ولملمة الهويّة الأنثويّة الهشّة التي يهيمن عليها الذّكر، بما تجده من قلبٍ للأدوار في سلوك الهرّة التي تتحكّم في نفسها، ويطاوعها الذّكر؛ بيد أنه لا يمكن إغفال أنّ التّمثيل يتموضع بين واقع/ ممثّل، وآخر ممثّل/ متخيّل، تسود فيهما جدليّات الحقيقة والحلم، وكذا الضّعف والرّغبة. هنا، يتضح بجلاء أنّ «عفاف» تتوق إلى الاحتذاء بالقطة «عنبر»، بفرض ذاتها وقراراتها التي تصلُ فيها سجالات الذّكورة إلى الضّراوة في سبيل تقاسم الحياة الجنسية معها.
“لا هوية لامرأة تريد تأكيد ذاتها بمماثلة الرّجل، ولا كينونة لأنثى تتوهّم مشابهة الذّكر، فالتّمييز يحقّقه الاختلاف والاتّصال بالطّباع الأصلية، وليس تحريفها”
يُشكّل نقل السّاردة للصّراع الضّاري بين قطّين أسود وأحمر على الهرّة «عنبر» توسّعًا في مدارج الافتتان بالهرّة، وذلك بما دلّ عليه التّسريد في قول «عفاف»: “رأيت عنبر تتربّع على قمّة النّخلة، تدور بعينيها حولها وكأنّ شيئًا لم يكن، والهواء يهبّ وتتطاير فروتها النّاعمة، وتنفرق حينًا، وتلتئم أخرى، وهي متربّعة على عرش الدّنيا، ولا تأبه. والقطّان تحت النّخلة ما زالا يتقاتلان، والأسود يتّهم الأحمر ويقول: “خطفتها مني، خطفتها مني”. ورأيت عنبر تنظر من بين فروع الشّجر وتطلق قهقهة عالية وتقول: “أنا لا أنخطف، أنا حرّة، مفهوم؟ أنا حرّة”(17). تمثّل هذه الاستيهامات صورة إسقاطيّة إلى الأدوار التي تنفتح عليها حيوات الأنثى، من خلال بحثها المستمرّ على المماثلة مع هويّة حيوانيّة في إطار التّجارب المتباينة والمختلفة، سيما في ظلّ تعالي الهرّة عن الواقع الدونيّ الذي تعيشه الأنثى البشريّة، فالهرّة تسمو على أنقاض الأنثى البشريّة التي تهوي بإذعان الذّكر، علاوة على غياب المبالاة عند الهرّة ما يقابله التّعسّف الذكوري عند الأنثى البشرية، ناهيك عن الهواجس التي تتثقل الأنثى البشريّة التي تربطها بالذّكر، في حين أنّ القطّة تمارس عنفوانها وتنسلّ متحرّرة لتترك النّزاع قائمَا بين ذكرين يبحثان عن إثبات الذات أمامها، كتعبير عن الاهتمام والارتباط والجدارة.
إنّ الشّكل الذي تستهيم به الأنثى «عفاف» ينمّ عن دلالات الاستعلاء، وإرضاخ الذّكر في سقوط متجدّد لتكرار خطأ سبق وأن وقعت فيه الذّكورة التي تسيطر على الحياة الجنسيّة بشكل كاملٍ، في غياب ملامح أفق يُبْنى على قيم الشَّراكة. نتساءل عن واقعيّة وممكنات هذا التّماثل الذي يسقط في الاستيهام، ويتطابق مع غرائز لا يحكمها المنطق؟
ثالثًا: سقوط الأنثى ومعادلة المكان
يستعصي تحرير المكان بتقيِيد الأنثى ومحاصرتها، ويَتَمَنَّعُ على المكان نيل سيادته الكاملة باستمرارِ فعل التَّهميش واضطهاد الأنثى، سيما أنّ الأنثى تُعادِل المكان، وتدنو قيم القهر من مستويات الإسقاط ما دام الوعي الكامل بسؤال التّحرّر مضطربًا عند الشّعوب التَّقليديَّة. ونورد في إطار دراية السّاردة بهذه الجدليّة، واتصال الأنثى بالثّورة، قولها في أطوار الحكي: “عفاف جزء من ثورة المرأة الفلسطينيّة، وثورة المرأة الفلسطينيّة هي جزء من الثورة الفلسطينيّة، والثّورة الفلسطينيّة هي جزء من الثورة العالميّة”(18). يتبدّى أنّ الثورةَ تنطلقُ من فاعليَّة صُغرى ذاتيّة خاصّة، إلى فاعليّة كبرى عامة، وفي هذا الاستقراء نوعٌ من الاتصال الفعليّ للأنثى بالانتفاضة والبحث عن التّحرّر الكامل الذي يضمن السّيادة للأرض، ولعلَّ مصائر الثّورات لا تنفكّ ترتبط نتائجها بوجود الأنثى في قلب التّغيير، ولا يتأتّى الفعل إلّا بإشراكها في الحياة السّياسية والثّقافيّة والاجتماعية بمفتاح التّسليم بأحقّيتها في إقرار مصيرها وتشريع القرار والانخراط في الفعل بتحريرها أولًا من قيود المجتمع ذي البنية الذّكورية، ولاشكّ أنّ ثورة الأنثى جزء لا ينفصل عن ثورة الوطن في خضم الاضطهاد، ويُضمر المعنى أيضًا أنّ تواتر القيد لا يمثّل في معادلة الثّورة إلا استمرارا للخيبات.
أوردت (نوال السّعداوي) بأنّه “لا يمكن فصل قضيّة تحرير النِّساء في أيّ مجتمع عن تحرير الفئات الأخرى”(19)، وتنامي تقييد الأنثى يعزّز من فرضيّة السّقوط الأنثوي في شكلٍ يُقابله سقوط للمكان. تقول السّاردة في صدد أزمة المكان المتّصل بأزمة الأنثى: “كنت أسمعهم يردّدون: سقطت اللد، سقطت الرملة، سقطت حيفا، سقطت يافا”(20). استثمار صيغة الغياب الأنثوي يُعادل غياب التّحرير بالنّسبة للمكان، واستمرار سقوط هذا الفضاء المكانيّ، الذي لا يعبّر عدا عن أهله، ينطوي على معاني فصْل الأنثى عن الثّورة، وإقصاء إنتاجيّتها المفضي لزامًا إلى إقصاء إنتاجيّة الجماعة. ويمكن أنْ نشير “أنّ سيادة الشّعوب على نفسها، وانفلاتها من أسار التّبعيّة والخضوع للقوى العظمى، لا يمكن أن يحدث من دون أن يمتلك كلّ فرد من المجتمع حرّيته وحقوقه كاملة، كي يستطيع أن يوظف كلّ طاقته وإمكاناته خدمة لتقدّم مجتمعه وتنميته، وهنا يأتي ضرورة تحرير نصف المجتمع من كلّ القيود التي كبّلته”(21). وعدم تحرّر الأنثى من شأنه تعزيز مشاعر الخيبة، وتعميق الأزمات السياسيّة، واجتراح فصول السّقوط في كلّ محاولات الانعتاق التامّ من الأسر والفرض والجبر، الأمر الذي يجعل المرأة نموذجًا مصغّرًا للمكان، ويُشترط في تحرير المكان تحرير المرأة بغية إعادة بعث نفسها والإسهام في بعث الفضاء المكانيّ معها.
“استثمار صيغة الغياب الأنثوي يُعادل غياب التّحرير بالنّسبة للمكان، واستمرار سقوط هذا الفضاء المكانيّ، الذي لا يعبّر عدا عن أهله، ينطوي على معاني فصْل الأنثى عن الثّورة، وإقصاء إنتاجيّتها المفضي لزامًا إلى إقصاء إنتاجيّة الجماعة”
تتضافر الحرب على المكان، وتتضافر معها حروب الذّكر على الأنثى، ليلج مساحات الخيانة، وممارسة الشّبق الأنثوي خارج مواثيق المؤسّسة الزّوجية، فتغدو السّويّة الأخلاقية مغيّبة تمامًا، ويقلّ احترام الأنثى، كما لا تُحترمُ الأرض في اضطهادِها، ممّا يعزّز انحلال التّماسك الأسري، كما هو الحال مع الوطن المُخترق، ليجري تقابل في موقعين، الموقع الأول في الخيانة، ويُجسده زوج «عفاف»، الذي تقول في سلوكه الذي تتبرّم منه: “جاء ليلة أمس متسلّلًا كالعادة. وضع المفتاح بتلصّص كالعادة، ودخل على أطراف أصابعه. مرّت سنوات قبل أن أعتاد تلك الحركات. بتّ أعرفه وأعرف طريقة تفكيره وهواجسه وخيالاته. كانت مخيّلته تؤكد له أن امرأة ما لا يمكن أن تنفر من رجل ما من دون أن يكون لديها بديل. وما هو البديل؟ لا بدّ وأن يكون هنالك بديل. وكيف السّبيل إلى معرفته؟ لابد من ضبطه وضبطها متلبسين بالجريمة”(22). هذا السّرد غير المنسجم ينطوي على رؤية أنثويّة غير متماسكة تُظهر تشظيات عالمها الممزّق، ونسجّل في موقعٍ آخر مع صوت الذّكر ما تلقّفته «عفاف» من صديقها القديم، الذي ينتدب فكرًا يسري نسبيًا على الرّجال، وفي صوت معروض بالسّرد يقول: “لابدّ لكلّ إنسان من حياتين، حياة زوجيّة، وأخرى عاطفيّة. واحدة معلنة، وأخرى سرية”(23)، إنّ طبيعة البنية الذّكوريّة متأسّسة على فعل الخيانة، وممارسة الشّبق، ويظلّ هذا الانشغال بالأجساد الأنثويّة نِتاج الحرب على المكان الذي يفضي إلى التّفرّد بالنّساء، ومطاوعة فعل الخيانة، ما يقرّه (عبدالله إبراهيم) الذي يتنبّه إلى أنّ “الحرب لا تفرض سطوتها في منع الاتصال والانتقال وإشاعة الذّعر، بل توفّر مناخًا للانفراد بالعشيقات، فتبقين حيث هنّ مستغرقات في المتعة”(24)، ما يترجمه الحضور الفعلي للذّكر في عزّ الحرب انطلاقًا من معطيات التسريد.
تذييل لابدّ منه:
عامتْ أحداث التّمثيل السّردي في تصوير واقع ٍأنثويٍّ تتجاذبه صراعات الانحياز الذّكوري وهويّة الجسد، وكذا سيرورة البحث عن أفق استيهامي للتّحرّر، سواء بالتّأثر بالهويّة الحيوانيّة، والحلم بالتّماهي معها، أو في الإقدام على تقليد الذّكر اجتماعيًّا، وتدعيم تنكّرها لهويّتها الأصلية، بحيث سعى التّمثيل الرّوائي إلى عرض مصائر الأنثى التي استطاعتْ في نهاية المطاف الانتقال إلى مرحلة جديدة مرهونة بالتّنازل عن المهام الإنجابيّة في سبيل تحقيقِ هويّة أنثوية طاهرة تحفظُها من وظائف الأمومة، فيما يومئ هذا المستجدّ إلى السّجال المباشر الذي شرّعته الأنثى مع الطّبيعة، ممّا يعزّز المقولات الذكوريّة، بما نخلُصُ إليه في رفْض الاختلاف العضوي الذي يعد مدخلًا أساسيًّا للتّغيير، وتقويم إشكالية تنميط النّوع ثقافيًّا. ولعلّ هذا السّقوط الأنثوي في الاستلاب بعد فقدان الهويّة الأنثويّة يخلقُ نوعًا من التّوجّس، بحيثُ يقلّص سُبل البحث عن فرض الذّات، والهويّة الأنثويّة، في مجتمعات ذكوريّة تَتُوق إلى الهيمنة، وفي مجتمعات أبويّة وأمومية تمتنع عن نفض التقليد، وتعيش على الماضويّة.
إلى جانب اختيار التّنازل عن مهام الإنجاب، ظهر في أطوار السّرد اختيار الانفصال عن الزّوج في سبيل التّحرّر من التّبعيّة بعد مساقات مختلفة ترنو إلى ضمان كينونتها وهويتها الشّخصيّة، وهدم التّشيؤ، بيد أنّ ما أقدمت عليه الأنثى في بحث متواصل عن زوج (يوتوبيّ) تشمله صفات (الوداعة، الهدوء، واللّطافة، الألفة، ولا أثر فيه للسّلطة) أفضى إلى محاولة جديدة يائسة مع أقرب الأصدقاء إليها، لتستمر أزمة المجتمع من دون حلولٍ فعليّة لتثبيت قيم الشّراكة بين رجل تقليديّ خائن متسلّط وشبقيّ، وأنثى ممزّقة تتعرّض للهيمنة والإخضاع، وينعدم لديها أفق الانعتاق في ظلّ تجاربها الفاشلة، التي يغيب فيها المنطق، لتتّصف المرأة باللّاواقعيّة في تنامي اضطراباتها غير المنتهية، وعدم اهتدائها إلى حلول ناجعة، لننتهي إلى الملاءمة المباشر لواقع الأنثى مع مناص عتبة العنوان.
الهوامش:
[1] يشّكل المفهوم نوعًا من “الفكر، أو الممارسة، التي قد تتغلغل في اللّغة، والتي تفترض أنّ المرأة أدنى من الرّجل. ويُعتَرف بوجود التحيز النوعيّ من عدة وجهات نظر أيديولوجية، ويمكن تصور هذا التحيز إما كشيء يواجهه المرء في حالات، أو كظاهرة منتشرة مستوطنة في المجتمع، وهكذا يتم تطبيق “التحيز” بازدراء الأفراد والمؤسسات”، أنظر:
Ted Honderich, the oxford copanion to philosophy, second edition (new York: oxford university press, 2005), p867.
[2] سارة جامبل، النسوية وما بعد النّسوية، (مترجم) أحمد الشامي، ط1 (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2002)، ص474.
[3] سحر خليفة، مذكرات امرأة غير واقعيّة، ط3 (بيروت: دار الآداب، 2016)، ص18.
[4] تحدّث النّاقد المصري محمد الشّحات عن وظائف وأشكال اشتغال استراتيجيّة المجاز قائلًا: “تنهض على بلاغة التّلميح والتّلطّف والتورية، وغير ذلك من أساليب كتابة المقموعين التي تنبئ عن أنّ مجاز السلوك لا ينفصل عن مجاز الحرف، ومجاز الحرف ليس إلا مجازًا للسّلوك” أنظر: محمد الشحات، سرديات المنفى الرّواية العربية بعد عام 1967، ط1 (عمّان: أزمنة للنشر والتوزيع، 2006)، ص241.
[5] خليفة، مذكرات، ص19.
[6] عبدالله إبراهيم، موسوعة السّرد العربي، ج6، ط1 (الإمارات: قنديل للطباعة والنّشر والتوزيع، 2016)، ص11.
[7] خليفة، مذكرات، ص19.
[8] إبراهيم، موسوعة، ص12.
[9] خليفة، مذكرات، ص24.
[10] المرجع نفسه، ص48.
[11] جامبل، النسوية، ص97.
[12] مية الرحبي، النّسوية مفاهيم وقضايا، ط1 (دمشق: الرحبة للنشر والتوزيع، 2014)، ص79.
[13] خليفة، مذكرات، ص30.
[14] إبراهيم، موسوعة، ص262.
[15] محمد بوعزّة، “تمثلات الهويّة النسوية في رواية دنيا لعلويّة صبح”، تبين للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، ع20، (2017)، ص32.
[16] خليفة، مذكرات، ص35.
[17] المرجع نفسه، ص36-37.
[18] المرجع نفسه، ص96.
[19] نوال السعداوي، الأنثى هي الأصل، ط1 (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي،2017)، ص24.
[20] خليفة، مذكرات، ص142.
[21] الرحبي، النّسوية، ص74-75.
[22] خليفة، مذكرات، ص45-46.
[23] المرجع نفسه، ص115.
[24] إبراهيم، موسوعة، ص143-144.