الخميس. نوفمبر 21st, 2024

المصطفى دلدو

موطن شجرو الزيتون.
يصعب الوصول إلى مسقط شجرة الزيتون، لذلك نحن أمام عدة فرضيات، حيث أن بعضها تقول أن شجرة الزيتون وجدت في جزيرة كريت أو إقريطش أو اقريطية اليونانية، التي تعد أكبر جزر اليونان، وخامس أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وذلك منذ حوالي 3500 عام قبل الميلاد، وبعد ذلك امتد انتشارها حتى بلغت باقي البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، ما جعل أوروبا تساهم بثلاثة أرباع من إنتاج زيتون على الصعيد العالمي، ولن تهدأ عند هذا الحد، بل، انتشرت بجميع المناخات شبه الاستوائية، أي في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي..
ويقول العالم فافيلوف أن كل المعطيات تدل على أن منشأ الأشكال النباتية للزيتون هو منطقة الشرق الأوسط. كما يحدد العالم ديكندول موطن الزيتون بمناطق سوريا وتركيا وجزر بحر ايجة. ولا تزال الأشكال البرية للزيتون تنمو في غابات هذه المناطق. وانتقلت زراعة الزيتون من منطقة الشرق الاوسط شرقا إلى إيران, وإلى جمهوريات آسيا الوسطى في الاتحاد السوفياتي سابقا، وإلى أفغانستان, وغربا حتى القارة الأمريكية حيث لاقت هذه الزراعة نجاحا في المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية والبيرو وتشيلي والأرجنتين.
ويفترض أيضا انه تم العثور على متحجرات أوراق الزيتون في رواسب البليوسين في مونغاردينو بإيطاليا. واكتشاف بقايا متحجرة في طبقات تعود إلى العصر الحجري القديم في ريلا في شمال إفريقيا ، كما تم اكتشاف بقايا أشجار الزيتون البرية و أنوية في حفريات من العصر الحجري النحاسي والعصر البرونزي في إسبانيا. لذلك يعود وجود شجرة الزيتون إلى الألفية الثانية عشرة قبل الميلاد.
تعود أصول شجرة الزيتون البرية إلى آسيا الصغرى، حيث تتواجد بكثرة وتشكل غابات كثيفة. والظاهر أنها انتقلت من سوريا إلى اليونان عبر الأناضول ( دي كاندول، 1883) ، على الرغم من أن الفرضيات الأخرى تشير أن أصلها يعود إلى مصر السفلى أو النوبة أو إثيوبيا أو جبال الأطلس أو في أجزاء من أوروبا. ولهذا السبب يعتبر كاروسو أن الموطن الأصلي لشجرة الزيتون هو حوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله وأن آسيا الصغرى هي مسقط رأس شجرة الزيتون المزروعة منذ حوالي ستة آلاف عام. أما الآشوريون والبابليون فهما الوحيدتان من الحضارات القديمة اللتان لم تعرفا شيئًا عن شجرة الزيتون.
وفي المنطقة الممتدة من جنوب القوقاز إلى الهضبة الإيرانية وسواحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا وفلسطين (أكربو) باعتبارها المنطقة الأصلية لشجرة الزيتون ، قد تطورت زراعتها بشكل كبير في هذين البلدين.
في القرن السادس عشر قبل الميلاد ، بدأ الفينيقيون في زراعة شجرة الزيتون في الجزر اليونانية ، ثم أدخلوها إلى البر اليوناني بين القرنين الرابع عشر والثاني عشر قبل الميلاد، حيث تطورت زراعتها لتكتسب أهمية كبيرة في القرن الرابع قبل الميلاد، عندما أصدر سولون مرسوما ينظم زراعة أشجار الزيتون.
وفي القرن السادس قبل الميلاد ، انتشرت شجرة الزيتون في دول البحر الأبيض المتوسط لتصل إلى طرابلس وتونس وجزيرة صقلية. ثم انتقلت زراعتها إلى جنوب إيطاليا. ومع ذلك، فإن بريستو يدعي أن وجود شجرة الزيتون في إيطاليا يعود إلى ثلاثة قرون قبل سقوط طروادة (1200 قبل الميلاد). ويتبنى خبير روماني آخر (بينيستريلو) وجهة النظر التقليدية القائلة بأنه تم ادخال أول شجرة زيتون إلى إيطاليا في عهد لوسيوس تاركينيوس بريسكوس الأكبر (616-578 قبل الميلاد) ، ربما من طرابلس أو قابس (تونس). ثم انتقلت زراعة الزيتون من الجنوب إلى الشمال ، من كالابريا إلى ليغوريا. عندما وصل الرومان إلى شمال إفريقيا ، وعرف الأمازيغ كيفية تطعيم أشجار الزيتون البرية وقاموا بالفعل بتطوير زراعة أشجار الزيتون في جميع الأراضي التي احتلوها.

واصل الرومان توسيع زراعة شجرة الزيتون في البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط ، واستخدموها كسلاح سلمي في غزواتهم لتوطين الشعوب. وتم ادخالها إلى مرسيليا حوالي 600 قبل الميلاد وانتشرت من هناك إلى كل بلاد الغال. ظهرت شجرة الزيتون في سردينيا خلال العصر الروماني ، أما في كورسيكا ، فمن الممكن أن الجنوة هم من عرفوا بها بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية.
تم إدخال زراعة الزيتون إلى إسبانيا خلال الهيمنة البحرية للفينيقيين (1050 قبل الميلاد) ولكنها لم تتطور بشكل كامل حتى وصول سكيبيو (212 قبل الميلاد) وبداية الحكم الروماني (45 قبل الميلاد). بعد الحرب البونيقية الثالثة، احتلت أشجار الزيتون جزءًا كبيرًا من الوادي الكبير (la Bétique )وانتشرت في المناطق الساحلية الوسطى والمتوسطية لشبه الجزيرة الأيبيرية ، بما في ذلك البرتغال. جلب العرب سلالات أشجار الزيتون ال=خاصة بهم إلى جنوب إسبانيا وأثروا على انتشار زراعة الزيتون لدرجة أن الكلمات الإسبانية للزيتون (aceituna) والزيت (aceite) والزيتون البري (acebuche) ، وكذلك الكلمات البرتغالية للزيتون (azeitona) و for زيت الزيتون (azeite) ، له جذور عربية.
ومع اكتشاف أمريكا (سنة 1492)، امتدت زراعة الزيتون إلى ما وراء حوض البحر الأبيض المتوسط. تم نقل أولى أشجار الزيتون من إشبيلية إلى جزر الهند الغربية ثم إلى القارة الأمريكية . وبحلول سنة 1560، أصبحت أشجار الزيتون تُزرع في المكسيك، ثم في في بيرو وكاليفورنيا وتشيلي والأرجنتين، ولا تزال شجرة زيتون أراوكو القديمة، التي تم جلبها خلال الفتح، على قيد الحياة ألى يومنا هذا.
يبلغ عدد أنواع أشجار الزيتون نحو 1000 نوع تقريبًا موزعةً في 6 قارات، ويُستخدم 90% من ثمار هذه الأشجار للحصول على الزيت، أمّا النسبة المتبقية فتُستخدم فيها ثمار الزيتون للأكل، ويُعتَقد عمومًا بأنّ الزيتون ينقسم إلى نوعين أساسيين، هما: الأسود والأخضر، إلّا أنّ الأمر يتطلّب مزيدًا من التفاصيل فلكلّ نوع خصائص محدّدة
ومن مميزات شجرة الزيتون أنها دائمة الخضرة، حيث أن تعيش وتنتج فاكهة الزيتون لأكثر من قرن من الزمان. و أفادت التقارير أنه في بعض الحالات النادرة يمكن أن تعمر أشجار الزيتون دون حتى 1800 سنة، دون توقف عن إنتاج البراعم. كما أن ارتفاع الشجرة قد يصل إلى 15-65 قدم (5-20 متر). وهذا ما يحدث بمعظم الأشجار، حيث يتأثر ارتفاع الشجرة من حيوية ونضارة أو من تنوع النباتات، وللتربة والظروف المناخية عامل مهم كذلك، بالإضافة إلى أساليب الزراعة المعتمدة.. وللأشجار الشابة جذع أسطواني، سلس، وقد يتأثر مع مرور السنون بامتداد سن الشجرة، بسبب ظهور كتل ونتوءات من أحجام متفاوتة ..
ويشار إلى أن إسبانيا تتصدر الإنتاج العالمي، ثم تليها إيطاليا، فاليونان، فتركيا، فتونس، فالمغرب، فسوريا، فمصر، فالبرتغال، فالجزائر..
الظروف المناخية للمنطقة:
تنمو شجرة الزيتون وتزدهر في البيئات التي تمتاز بشتائها المعتدل، وصيفها الطويل الحار، ومن المستحيل أن تنمو شجرة الزيتون في المناطق المدارية والاستوائية، كما أنها قد لا تستطيع العيش في البيئات ذات البرد القارس؛ فإذا كانت درجة الحرارة أقل من -6 درجات مئوية فإن الأفرع الصغيرة قد تتضرر، وإذا انخفضت أكثر ووصلت إلى -9 درجات مئوية، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى موت شجرة.
درجة حموضة التربة: تنمو شجرة الزيتون في التربة الحمضية أو التربة المعتدلة؛ أي في التربة التي تتراوح فيها درجة الحموضة ما بين 5-8.5، ودرجة 6.5 هي الأمثل لنموها، ويمكن التحكم بدرجة حموضة التربة باستخدام الحجر الجيري لرفع مستوى درجة الحموضة في التربة، والكبريت لخفضه.
نفاذية التربة:
يتم زراعة الزيتون في تربة ذات تصريف الجيد للماء، فشجرة الزيتون تنمو في مثل هذه الظروف على نحو جيد، كما يمكن أن تتم زراعة أشجار الزيتون على المنحدرات ذات الميلان الطفيف، فذلك يساعد على حل مشكلة تصريف التربة للمياه.
الضوء:
تحتاج أشجار الزيتون إلى التعرض لأشعة الشمس القوية، فهي تزدهر في المناطق الحارة والجافة، ولا يناسبها النمو في الظل، لذلك يفضل أن تزرع في بساتين كبيرة بعيدة عن المباني والأسوار، أما إذا كنت تريد زراعتها في أصيص داخل المنزل، فيجب عليك وضعها بالقرب من النافذة الأكثر تعرضا لأشعة الشمس، وأن يتم تعريضها للضوء لثماني ساعات على الأقل.

Related Post

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *